تسارعت الأحداث السياسية في اليمن منذ دخول الحوثيين صنعاء يوم الأحد 21/09/2014م، وانقلابهم الذي لم يعلنوا عنه إلا يوم الجمعة 06/02/2015م بإعلانهم الدستوري.
فقد تواصلت وتيرة الأحداث السياسية تصاعدا يوم الخميس 19/03/2015م حيث تمكنت قوات اللجان الشعبية الموالية لهادي من الدخول والسيطرة على معسكر القوات الخاصة وفرار قائدها عبد الحافظ السقاف، بعد أن كان هادي قد رفض إقالته يوم الثلاثاء 03/03/2015م. وتزامنت سيطرة قوات اللجان الشعبية مع ردة فعل من قبل الحوثيين إذ قامت طائرات عسكرية موالية لهم "بعد تمكنهم من إزاحة قائد القوات الجوية يوم الثلاثاء 17/03/2015م" بقصف القصر الرئاسي في عدن.
وفي يوم الجمعة 20/03/2015م تم تفجير كل من مسجدي بدر والحشوش في صنعاء عن طريق أشخاص انتحاريين، وهو اليوم نفسه الذي تم الإعلان فيه عن انسحاب القوات الأمريكية الخاصة من قاعدة العند إلى قاعدتها في جيبوتي. فالتقط الحوثيون إشارة انسحاب القوات الأمريكية الخاصة ليعلنوا في اليوم التالي السبت 21/03/2015م عن التعبئة العامة لقواتهم، ووصلت طلائعهم يوم الأحد 22/03/2015م إلى مدينة تعز وسيطرت على المطار بشقيه المدني والعسكري. كما تزامنت هذه الأحداث العسكرية مع اشتباكات بين الحوثيين من جهة والقبائل من جهة ثانية على الحدود الإدارية بين محافظات البيضاء ومأرب وشبوة.
إن قاعدة العند الواقعة بين عدن وتعز، قد اختار الأمريكيون موقعها بعناية فائقة لتكون عائقاً أمام قوات صالح من الزحف والوصول إلى عدن في حال تم فصل جنوب اليمن عن شماله بعد إطلاق الحراك الجنوبي في العام 2006م وبالتالي مطالبته بالانفصال عن شمال اليمن، هي القاعدة نفسها التي بإخلاء القوات الأمريكية لها اليوم تفسح الطريق للحوثيين إن هم عزموا على الاتجاه إلى عدن للسيطرة عليها. فالأمريكيون يطمعون في إفساح الطريق للحوثيين للسيطرة على اليمن، فمع وصول هادي إلى عدن وانتقال عدد من سفارات الدول الغربية إليها، جاء تصريح مسئول في الخارجية الأمريكية يوم الثلاثاء 03/03/2015م قال فيه"السفير تيلر سيزاول عمله من جدة كي لا يفهم أننا نريد تقسيم اليمن".هذا القول يفهم منه ضمناً أن الأمريكان معنيون بتقسيم اليمن وتفتيته.
يأتي زحف الحوثيين باتجاه عدن بقصد السيطرة عليها وإخراج هادي منها والقضاء على ما تبقى من "شرعيته"، والحوثيون يعتبرون أن هادي رئيس مستقيل وغير شرعي، بعد إفلاته من مقر إقامته الجبرية التي فرضوها عليه بصنعاء ووصوله إلى عدن يوم السبت 21/02/2015م، وعدم تمكنهم حتى اللحظة من تشكيل مجلس رئاسي بحسب إعلانهم الدستوري. خصوصاً أن هادي قام بأعمال سياسية من عدن كاجتماعه بـ 11 وزيراً من وزراء حكومة بحاح المستقيلة وتكليفهم بتسيير أعمالهم من هناك، وإطلاقه من مقر إقامته في عدن دعوتين، الأولى بجعل عدن عاصمة مؤقتة لليمن، التي لاقت معارضة من الحوثيين وممن يصطفون معهم وخلفهم، والثانية دعوته لنقل الحوار الذي يجريه "المبعوث الأممي" جمال بن عمر في فندق موفنبيك بصنعاء بين الحوثيين والفرقاء السياسيين ويسيّره الحوثيون بقوة سلاحهم، إلى الرياض بصفتها مقر مجلس التعاون الخليجي و"صاحبة المبادرة الخليجية"، بعد أن لاقت دعوة نقل الحوار إلى الرياض صدى واسعاً لدى مجلس التعاون الخليجي وشرع في الترتيب لانعقاده وسط تعنت الحوثيين ورفضهم حضوره.
كما أن هادي ألقى خطابا يوم السبت 21/03/2015م ودعا فيه مجلس الأمن لتنفيذ المبادرة الخليجية والقرارات الداعمة لها، ودعاه لاتخاذ إجراءات تمنع قيام حرب أهلية في اليمن تؤدي إلى تقسيمه ينعقد بشأنه يوم الأحد 22/03/2015م جلسة لمجلس الأمن.
يخطط الأمريكيون لجعل سيطرة الحوثيين كاملة على اليمن، ولأنها تعلم أن صالح يركب موجة الحوثيين، فهي تعمل على إبعاده عنهم، فقد أعدت له مؤخراً تقريرين، الأول عن اختلاسه ما بين 32 و60 مليار دولار مودعة في عدة بنوك خارج اليمن، والآخر عن علاقته بقيادات القاعدة في جزيرة العرب، بعد أن فشل سفيرها السابق جيرالد فايرستاين في إقناعه بالخروج من اليمن ولو لفترة قصيرة لتتمكن من القبض عليه واقتياده لمحكمة من محاكمها.
أما الإنجليز فإنهم يعتمدون على عملائهم في النظام الحاكم القائم اليوم وعلى صالح والأحزاب الموالية لهم ومشائخ القبائل ليتصدوا بهم لأعمال الأمريكيين الذين يسعون لإخراج النفوذ السياسي الإنجليزي وإحلال نفوذهم من خلال الحوثيين.
وهكذا فإن اليمن ميدان صراع بين دول استعمارية كافرة بأدوات إقليمية ومحلية.. فيجب على أهل اليمن إدراك أن القوى النافذة في اليمن هي القوى الاستعمارية وأنهم بسيرهم مع جماعة الحوثيين أو جماعة الرئيس السابق علي صالح أو الرئيس الحالي عبد ربه منصور إنما يكونون أدوات في مشاريع عدوهم من الدول الغربية الكافرة، فليحذروا من ذلك وليستجيبوا لنداء المخلصين الذين يحملون مشروع خلاصهم وهو الانخراط في العمل لإقامة دولة خلافة راشدة على منهاج النبوة لا تبقي أي نفوذ للدول الغربية الكافرة التي تعبث بأمن واستقرار ومصالح أهل اليمن وغيره من البلاد الإسلامية.
رأيك في الموضوع