اعتبر البنك المركزي اليمني الواقع تحت سيطرة الحوثيين في صنعاء، اعتبر أن تداول أو حيازة العملة غير القانونية التي طبعتها حكومة هادي إضراراً جسيماً بالاقتصاد الوطني والعملة القانونية والمصلحة الوطنية العليا.
وأقر البنك المركزي التابع للحوثيين تعويض أهل اليمن "الأفراد" المغرر بهم من غير "التجار والبنوك والصرافين" بنقد إلكتروني أو بالعملة الوطنية القانونية عما بحوزتهم من العملة غير القانونية "حسب السقف المعتمد" من خلال منحهم فرصة تسليمها خلال 30 يوماً ابتداءً من تاريخ 19 كانون الأول/ديسمبر 2019م إلى أقرب مركز لوكلاء المحافظ النقدية الإلكترونية، ولن ينظر في أي طلب بعد هذه المهلة المحددة حسب بيانهم.
هذا وقد كانت حكومة الحوثيين قد أصدرت قرارها رقم (57) لسنة 2018م، الذي قضى بمنع التداول بالعملة غير القانونية وتجريم كل من يتعامل بها.
وفي المقابل أكد البنك المركزي اليمني في العاصمة المؤقتة عدن، يوم الأربعاء، أن كافة الأوراق النقدية من العملة الوطنية بجميع فئاتها المتداولة والمصدرة استناداً إلى قانون البنك رقم (14) لسنة 2000م والمعدل بالقانون رقم (21) لسنة 2003م، تعتبر عملة قانونية ملزمة حسب قيمتها الاسمية كوسيلة للدفع في جميع المعاملات الداخلية في اليمن، طالما كانت تلك الأوراق النقدية سليمة وخالية من أي عيب أو نقص أو تشويه.
وقال البنك في بيان (اطلع عليه مأرب برس) إنه "لا يجوز رفض التعامل بأي طبعة من العملة الوطنية الصادرة من البنك المركزي والتي أصدرت وفقاً للإجراءات القانونية استناداً لقانون البنك المركزي والقرار الجمهوري رقم 119 لسنة 2016م بشأن إعادة تشكيل مجلس إدارة البنك المركزي ونقل مقره الرئيسي إلى العاصمة المؤقتة عدن".
وأهاب البنك المركزي بأهل اليمن توخي الحذر من الدعوات المشبوهة الصادرة من جهة غير مخولة قانوناً - في إشارة إلى الحوثيين - تستهدف الإضرار بالاقتصاد الوطني وسلب مدخرات الناس سواء بإلغاء عملة أو فرض أي وسائل دفع غير مرخصة قانوناً وذلك باستغلال الواقع الاستثنائي الذي تعيشه البلاد.
لقد أثارت هذه الحرب الاقتصادية الخبيثة الهلع لدى الناس في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون، حيث وجد الناس مشقة كبيرة في تعاملاتهم وقضاء حوائجهم، وقد أدانت حكومة هادي هذه التصرفات داعيةً إلى تحييد الاقتصاد عن الصراع الدائر منذ خمس سنين، إلا أنها بطباعتها كميةً كبيرة من العملة الجديدة دون غطاء فعلي قد شاركت في معاناة الناس وضرب اقتصاد البلاد هي الأخرى، لقد ركن الحوثيون إلى الأمم المتحدة التي أقنعتهم بنقل البنك المركزي إلى عدن من أجل صرف الرواتب لجميع الموظفين في شمال اليمن وجنوبه فسال لعابهم للدعم الخارجي الذي وعدوهم به عبر الأمم المتحدة متخلين عن مسؤوليتهم عن رواتب الناس ومعاناتهم وهم اليوم يتباكون على اقتصاد البلاد وهم قد شاركوا في ذبحه، أما حكومة هادي فهي تقوم بصرف رواتب الموظفين الواقعين في مناطق سيطرتها فقط - إلا من بعض القطاعات - مما جعل أهل اليمن يصطلون بين نارين وعملتين وبنكين وحكومتين وضريبتين وجمارك مضاعفة وهكذا...، فتنهب أموالهم وتضيع جهودهم في ظل سياسات التجويع والتضييق وجشع تجار الحروب المتصارعين سواء من الحوثيين أو من الحكومة الشرعية.
كان يستطيع الطرفان، الحوثيون وحكومة هادي - إن كان يهمهم أمر العملة - أن يتفقوا على أن يصادروا ما هو تالف من العملة القديمة، على أن يعطوا من تكدست لديه هذه العملة القديمة التالفة، أينما كان عملة جديدة من العملة المطبوعة، ثم يحرقوا القديمة التي استبدلت، وهكذا يحافظون على العملة اليمنية من التضخم والانتكاس. لكنهم تجار حروب يتصارعون بأقوات الناس وأموالهم ولا يهمهم الشعب المنكوب!
لقد زادت محلات الصرافة بشكل جنوني كما زادت الصيدليات والمستشفيات بشكل لافت للنظر بل ربما قد صارت أكثر من البقالات والمطاعم في ظل هذا الصراع الآثم المجرم.
إن هذه الأطراف المتصارعة لا تملك الحلول الاقتصادية الناجعة بل هي تقوم بتعذيب الشعب والتضييق عليه وتجويعه وكل منها يضغط على الآخر بورقة الاقتصاد الذي تبعاته تلحق الشعب وتنفخ جيوب تجار الحروب المتصارعين، ورغم أن الحوثيين أعلنوا عن تعويضهم للناس إلا أن العملة القديمة مقطعة وكثير منها تالفة وقد كانت مهيأة للإحراق بقرارات سابقة علاوة على أنك بالكاد تجد الصرف (الفكة) لورقة أبو 1000 ريال مثلاً، وإن وجدتها فهي تالفة ومقطعة وتسبب المشاكل والحرج للناس مما يعني أن معالجاتهم هي مجرد ذر الرماد في عيون أهل اليمن لتخفيف سخطهم عليهم.
فهلا أفاق أهل اليمن مما هم فيه ونفضوا عنهم الذل والهوان وأخذوا على أيدي هؤلاء السفهاء قبل فوات الأوان، فلن ينجيهم مما هم فيه إلا تطبيقهم للإسلام وإقامة دولته الخلافة الراشدة على منهاج النبوة.
بقلم: الأستاذ عبد المؤمن الزيلعي
رأيك في الموضوع