تتسارع الأحداث في جنوب اليمن من المجلس الانتقالي، التي انطلقت من عدن مع تشييع جنازة أبي اليمامة بعد مقتله على يد الحوثيين في 01/08/2019م، متخذاً من ملاحقة عناصر الإصلاح الموجودة بالقصر الرئاسي في معاشيق ذريعة، وتلبية للنداء الذي أطلقه هاني بن بريك، ومدعومة بالقوات الإماراتية التي تشترك معها في هدف التخلص من عناصر الإصلاح ذاته، حتى بعد إعلان أمينه العام محمد اليدومي تنصله من جماعة الإخوان وقطع صلات جماعته بها. فتقوم القوات الموالية للمجلس الانتقالي بتصفيات جسدية واعتقالات لمخالفيها، بالذات من تشتبه في تورطهم بالتخطيط للقيام بأعمال مسلحة ضد وجود قوات الإمارات في جنوب اليمن.
فقد تمددت أعمال المجلس الانتقالي القتالية لتصل إلى المحافظات القريبة لعدن في كل من أبين وشبوة، لتضمها إلى سيطرتها إلى جانب محافظتي لحج والضالع التي ينتمي إليها الزبيدي، ويسيطر عليهما المجلس الانتقالي. يأتي تحرك المجلس الانتقالي برئاسة عيدروس الزُبيدي، بعد وقوع عبد ربه هادي في أسر نظام آل سعود في عاصمتهم الرياض، وحتى لا يخلو جنوب اليمن لجماعة الحراك المرتبطة بأمريكا، التي أعلنت على لسان حسن باعوم تأييدها لتحرك المجلس الانتقالي، لعلها تفوز بحصة من كعكة تقاسم السلطة في الجنوب بجانب المجلس الانتقالي.
المتأمل في الأحداث الجارية في اليمن يرى أن الدول الاستعمارية المتصارعة "أمريكا وبريطانيا" تقف وراء تحريك أدوات الصراع المحلية في جنوبه. فالضغط الأمريكي على بريطانيا بسحب قوات الإمارات من شمال اليمن قد أفلح عن طريق الحوثيين تحت تهديد ضربهم بالصواريخ والطائرات المسيرة نحو بلادهم، حتى يتسنى استكمال انسحاب تحالف الأنظمة التي جاءت لتثبيت الحوثيين على كرسي الحكم في صنعاء، بعد انسحاب كل من قطر والكويت ومصر وقرب انسحاب السودان ليبقى حكام آل سعود وحدهم، وإجراء حوار مباشر بينهم وبين حكام آل سعود، وإنهاء الحرب، وحصول الحوثيين على الأموال تعويضاً عما دمرته سني الحرب، ويتسنى لأمريكا ما رسمته من تتويج الحوثيين للحكم في صنعاء.
في جنوب اليمن تواصل أمريكا الضغط على بريطانيا لإخراج الإمارات نهائياً من اليمن، مما جعل بريطانيا تسوّف، حتى يتم لها حشر المجلس الانتقالي إلى جانب عبد ربه، واستبعاد غيرهم من الحكم في عدن.
أمريكا تعمل على إخراج الإمارات من اليمن كليا وإحلال ربائبها من حكام آل سعود مكانها، وذلك يظهر من خلال الزج بقوات آل سعود التي ما فتئت تتدفق على جنوب اليمن في كل من المحافظات المحاذية لها "شبوة، حضرموت، المهرة" فقد عززت مؤخراً قواتها في مطار الغيضة. ومن خلال قصف القوات التابعة للإمارات بالطيران، وفي هذا الخضم يأتي مقتل ستة جنود من قوات الإمارات يوم الجمعة 13/09/2019م.
صحيفة الإندبندنت البريطانية كتبت الأسبوع الماضي تقريراً من المهرة، وذكرت صحيفة الثورة يوم السبت 07/09/2019م بعضاً منه. حذرت الصحيفة فيه حكام آل سعود من أن تزايد أعداد جنودها الذي عززته مؤخراً بـ1500 عسكري، سيؤدي في النهاية إلى مواجهة حتمية بينهم وبين قوات آل نهيان في اليمن. فقد جاء في تقرير الإندبندنت قول الأستاذة بجامعة أوكسفورد إليزابيث كيندال "إن البصمة العسكرية السعودية في المهرة من شأنها أن تمنع الإمارات من الحصول على اكتساح من الجنوب". مما حدا بنظامي الآلين بعد صدور تقرير الإندبندنت إلى إصدار بيان مشترك حاولا فيه التقليل من مخاطر الصدام المسلح بين قواتهما في جنوب اليمن، والظهور بمظهر المنسقين المتفقين، ليتبعه بيانات أخرى لكل على حدة أكدت فحواها اختلاف الاثنتين في خدمتهما لمصالح من دفع بهما للوجود العسكري في اليمن.
يظهر الحوثيون في شمال اليمن في مظهر القائم بثورة والمنقذ لليمن ويدخلون صنعاء، ثم يظهر أنهم ليسوا سوى أداة من الأدوات الاستعمارية القذرة التي جاءت لتثبط الناس عن العمل للتغيير الحقيقي الذي يراود أهل اليمن، وتعمل على تبديل نفوذ بريطانيا في اليمن لصالح نفوذ أمريكا، ويستمر من حرص في الحفاظ على نفوذ بريطانيا منذ خروجها بالأمس في الحفاظ عليه اليوم، وقطع دابر كل من يسعون لاستبدال نفوذ أمريكا به اليوم.
مع أن الناس في يمن الإيمان والحكمة اليوم قد خرجوا من دائرة التعتيم عليهم، ووعوا على ما يدور حولهم من أحداث تهدف إلى إبقائهم في الدائرة المظلمة لاستمرار سيطرة الدولتين المتصارعتين عليهم، وأدركوا أن الحل ليس باستبدال إحداهما محل الأخرى، وأن الحل الجذري لجميع ما يعانون هو تطبيق الإسلام الذي استبعد تطبيقه في حياتهم في ظل دولة الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة التي يعمل حزب التحرير بينكم لإقامتها، فهي وعد الله ربنا وبشرى نبيه e: «ثُمَّ تَكُونُ خِلَافَةٌ عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ».
رأيك في الموضوع