تسارع تدهور التعليم في السنوات الثلاث الماضية بشكل مذهل ومخيف ومرعب وصل إلى أدنى درجات الانحطاط؛ فالتحصيل العلمي للطلاب يتناقص بقوة؛ فظاهرة الغش تفشت بشكل غير مسبوق وتسرُّب الطلاب من المدارس لمساعدة أسرهم في الحصول على لقمة العيش تزايد بشكل كبير. واستقطابهم من المتصارعين إلى جبهات القتال ارتفعت وتيرته بشكل مثير للقلق والتعجب والاستغراب. ووضع الكادر التعليمي المعيشي أصبح مزرياً للغاية ويثير الحزن والامتعاض والاشمئزاز. والسبب الذي أوصل التعليم إلى هذا الانحطاط هو ارتفاع وتيرة الصراع الإنجلو - أمريكي في اليمن واستمراره، فهو الذي أدى إلى انقسام السلطة إلى نظامين، وطبع العملة بشكلين مختلفين بدون غطاء نقدي أدى إلى تسارع هبوطها حتى أصبح الدولار بـ600 ريال أو يزيد. كما خلف الصراع الدولي في اليمن لكل نظام سياسة تعليمية فاشلة تتحمل مسئولية تدهور التعليم بهذا الشكل المخيف...
ومن مظاهر السياسة التعليمية الفاشلة التي أوجدت هذا الوضع التعليمي المزري والاستثنائي:
1- تكريس المناهج التعليمية التي وضعت الخطوط العريضة لها منظمةُ اليونيسيف التي تهدف إلى بناء شخصيات غوغائية تهدم ولا تبني؛ تدمر ولا تعمّر، ليس لها رسالة في الحياة تحملها إلى غيرها من الأمم والشعوب. فهذه المناهج لا تقوم على أساس عقيدة الأمة فتبني شخصيات إسلامية تحمل الإسلام كرسالة لها في الحياة، بل تكرس فكرة (الوطنية) التي صنعها الكافر المستعمر بعد هدم الدولة الإسلامية الواحدة وتقسيمها إلى دويلات متعددة تنفيذاً لاتفاقية سايكس بيكو المشئومة. فمناهج التعليم القائمة زرعت الرابطة (الوطنية) الاستعمارية التي قطعت أوصال الأمة وجعلت التراب مصدراً للتشريع وليس القرآن والسنة، كما حلت محل رابطة العقيدة الإسلامية. فأصبح (الوطن) صنماً كهُبل واللات والعزى يُعبد من دون الله، تقدَّم من أجله الدماء قرابين للمتصارعين على السلطة ولأسيادهم الكفار المستعمرين (أمريكا وبريطانيا)، وبثوب (الوطنية) انقسم الناس إلى فريقين أحدهما يدافع عن (الوطن) والآخر يسعى إلى تحريره، وأصبحت (الوطنية) سلاحاً فتاكاً بيد الطرفين المتصارعين دفع الآلاف من الطلاب إلى جبهات القتال وعودة البعض منهم جثثاً هامدة في الصناديق تحمل إلى مثواها الأخير.
2- يسعى كل طرف إلى تعديل مناهج التعليم بما يخدم مصالحه وذلك بزرع أفكار الطائفية البغيضة لرفد جبهاته بالمقاتلين الصغار.
3- غض كل طرف بصره عن علاج ظاهرة الغش التي تفشت بشكل مخيف فقتلت التحصيل العلمي وأنتجت أمية المتعلمين حتى أصبح كثير من الطلاب الحاصلين على الشهادة الثانوية العامة بالغش لا يملك إلا رصيداً بسيطاً من المعلومات ولا يجيد القراءة والكتابة بالشكل الصحيح.
4- عرض التدريس بالطريقة العلمية والابتعاد عن التلقي الفكري (الطريقة العقلية) وهي الطريقة الصحيحة في التدريس ولا تستخدم إلا في زرع (الوطنية) و(الطائفية) في المدارس وفي الدورات الثقافية للطرفين خارج المدارس التي تجعل الطلاب قنابل جاهزة للانفجار عند الطلب.
5- الاختلاف في تحديد مواعيد الامتحانات وإعلان النتائج.
6- إهمال الكادر التعليمي وتركه وحده يتحمل أعباء الوضع الكارثي الذي خلفه الصراع الدولي والسياسة التعليمية الناتجة عنه، فأصبح وضعهم مزرياً للغاية وحالتهم النفسية يرثى لها.
إن السياسة التعليمية الصحيحة هي التي تقوم على أساس العقيدة الإسلامية، ولا تخرج مناهج التعليم عن ذلك الأساس، والتي تطبقها دولة قوية مرهوبة الجانب تملك قرارها، جامعة للمسلمين تحت راية الإسلام (لا إله إلا الله محمد رسول الله)، ألا وهي دولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة التي تحكم بالإسلام وتحل كل المشاكل والأزمات للمسلمين وللعالم بأسره لأنها تحكم بنظام من خالق البشر الذي يعلم وحده ما يصلحهم في كل زمان ومكان، فتحدث نهضة علمية كبيرة وثورة صناعية هائلة وتقدماً غير مسبوق، وتعيد الحق إلى أصحابه...
يا أهل اليمن! أنقذوا التعليم قبل أن ينهار بسبب المتصارعين العابثين، خذوا على أيديهم قبل أن تغرق السفينة، ولا تكونوا عوناً لهم في سرعة تدهوره. واعملوا مع حزب التحرير لإقامة الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة التي تحكم بشرع الله وتطبق ما أنزل الله وتضع المناهج التعليمية الصحيحة فتعيد للمعلم كرامته وتعطيه جميع حقوقه وتعيد للطالب سلاحه الحقيقي ألا وهو العلم، وتجعل ميدان فروسيته المدارس والجامعات وليس جبهات القتال.
بقلم: الأستاذ شايف الشرادي – اليمن
رأيك في الموضوع