(مترجم)
لم تكن الصومال على مدى ثلاثة عقود تقريباً مؤهلة للحصول على أموال مؤسسة التنمية الدولية التابعة للبنك الدولي لأنها تدين للبنك وصندوق النقد الدوليين بأكثر من 800 مليون دولار كجزء من دين قيمته 5.5 مليار دولار، معظمه فوائد ربوية وعقوبات مستحقة للدول المتعددة الأطراف، والدائنين الثنائيين منذ ثمانينات القرن الماضي. ومع قيادة أمريكا من بين تلك التي أقرضت البلاد بشدة خلال عهد الرئيس الموالي لأمريكا محمد سياد بري، بالتالي، فإن المؤسسات المملوكة لأمريكا تشارك في مجموعة من عمليات الإصلاح للتحقق من شطب ديون الصومال وبدء إصدار قروض جديدة!
لقد آتت الجهود المنسقة طويلة الأجل بين ما يسمى بـ"حكومة الصومال الجديدة" ومسؤولي صندوق النقد والبنك الدوليين العاملين في مقديشو ثمارها، فقد أفادت التقارير مؤخراًبأن الصومال قد استوفت بالكامل جميع الاحتياجات الـ27 للصناديق العالمية التابعة لصندوق النقد الدولي التي كانت مشترطة من أجل التخفيف من ديونها المستحقة (راديو دالسان، 22/09/2018). وعلاوة على ذلك، وافق البنك الدولي على دفع 80 مليون دولار على شكل منح للصومال لتمويل إصلاحات المالية العامة، وهو ما يمثل أول دفعة لحكومة البلاد المنكوبة بالصراع خلال 30 عاما، وفقا لما ذكره البنك الدولي (راديو دالسان، 27/09/2018).
الصومال هو بلد ذو أغلبية مسلمة ويقع ضحية الصراع الاستعماري الغربي بين أمريكا وأوروبا وخاصة بريطانيا من أجل السيطرة ونهب مواردها الطبيعية الهائلة وخاصة النفط واستخدام مصب البحر الأحمر. وازداد الوضع سوءا بعد سقوط محمد سياد بري عميل أمريكا في كانون الثاني/يناير 1991. وبما أن ثلثي الصومال تقريبا خصصت لعمالقة النفط الأمريكيين كونوكو واموكو وشيفرون وفيليبس في السنوات الأخيرة قبل الإطاحة بالرئيس الصومالي الموالي لأمريكا محمد سياد بري وسادت الفوضى لدى الأمة، ومن أجل إنقاذ حقوق الشركات التساهلية، قررت إدارة بوش إرسال القوات الأمريكية (الاحتلال) لحماية استثماراتها التي قيمتها ملايين الدولارات والتي تنكرت بأنها تحمي شحنات المساعدات إلى الصومال.
إن قبضة أمريكا ونهبها الصومال لا يزالان ثابتين مع محمد عبد الله "فارماجو" محمد كرئيس حالي منذ عام 2017. وعلاوة على ذلك، فإن السياسات الأمريكية منذ عهد سياد بري وحتى الآن لا تعنى إلا باستغلال موارد الصومال. ومع ذلك، ومع هزيمة القوات الأمريكية في الصومال بسبب استجابة المسلمين على الصعيد العالمي للتوحيد تحت راية "الجهاد لطرد المحتلين"، فقد تعرضت أمريكا للإهانة على الرغم من أسلحتها المتطورة وتدريبها على التكنولوجيا الفائقة في الحرب مقارنة بأسلحة المجاهدين.
ومنذ ذلك الحين، غيرت أمريكا تكتيكاتها واستخدمت بدلا من ذلك الدعوة إلى إصلاح الديمقراطية والحكم في المؤسسات الصومالية. وهذا يعني في جوهره أن أمريكا تحاول أن تشوه الشعب الصومالي بالثقافة والقيم الغربية العلمانية العميقة بحيث تكون هويته الإسلامية مشوهةً تماما، ولتحقيق أهدافها الشريرة تستخدم أمريكا مؤسساتها المالية، بما في ذلك، على سبيل المثال لا الحصر، صندوق النقد والبنك الدوليين اللذين يدعمان الحكومة الصومالية بالأموال اللازمة لدعم النظام وضمان أن ينفذ إرادتها وتنفيذ سياساتها في الصومال. ولذلك، فإن الدور الرئيسي لصندوق النقد والبنك الدوليين هو الانخراط في السيطرة على الدولة وفرض السياسات وعدم الاعتناء بشؤون أهل الصومال، وكما تم تأكيده في 2017 عندما كان أكثر من 6 مليون من أهل الصومال يواجهون مجاعة شديدة بسبب إحدى الحروب الطويلة التي قادتها أمريكا باسم (الإرهاب) و(التطرف) ولكن الحقيقة هي أنها حروب العمالة والوكالة التي تهدف إلى نهب البلاد!
من الواضح تماما أن أمريكا ومؤسساتها المالية ليسوا فقط أعداء للصومال ولكن أيضا لكينيا التي أقرت مؤخرا مشروع قانون المالية 2018 الذي يعكس مقترحات صندوق النقد التي أفضت إلى إنهاك الناس في المزيد من أنماط الحياة المنكوبة بالفقر! والحل الأكثر إلحاحا هو أن تقطع الصومال وكينيا وأفريقيا بأسرها علاقاتها مع هذه المؤسسات الغربية مثل صندوق النقد والبنك الدوليين التي تدافع عن السياسات الرأسمالية العلمانية السامة المتنكرة كحلويات! وبدلا من ذلك، احتضان فكرة الدعوة إلى الخلافة على منهاج النبوة، ولن تضمن الخلافة نهضة أفريقيا الحقيقية فحسب، بل ستطرد أيضاً المستعمرين العلمانيين، وبالتالي تستعيد أفريقيا أملها وتنفق إمكاناتها على طريق الطمأنينة والازدهار.
بقلم: الأستاذ علي ناصورو علي
عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير في كينيا
رأيك في الموضوع