في الجلسة التي عقدها الكنيست اليهودي (البرلمان) بتاريخ 19/7/2018 قرر الموافقة على المشروع المقدم بخصوص يهودية الدولة،بالقراءة الثالثة؛ بأغلبية 62 صوتا... وينصّ هذا القرار على (يهودية، أو قومية الدولة) كما ينص على أن تنمية الاستيطان اليهودي من القيم الوطنية، وسيعملالكيان على تشجيعه ودعم تأسيسه... وبعد إقرار القرار مباشرة وقف رئيس كيان يهود، وألقى خطابا شكر فيه أعضاء الكنيست وقال: "إنها لحظة تاريخية في تاريخ دولة (إسرائيل)، وفي تاريخ الحركة الصهيونية".
فما هي الأهداف المستقبلية لهذا القرار السياسي بالنسبة لكيان يهود، وبالنسبة لما يسمى بعملية السلام بخصوص قضية فلسطين؟ وماذا قرر حكام المسلمين تجاه هذه القرارات الصهيونية الخطيرة؟!
إن هذا القرار - القديم الجديد - هو كما عبر عنه رئيس كيان يهود؛ ضمن المشروع الصهيوني في المنطقة؛ ويهدف إلى إفراغ فلسطين من أهلها مستقبلا، وحسب خطوات متتابعة ومدروسة... أما بالنسبة لعملية السلام فإن هذا المشروع يتفق مع نظرة يهود لعملية السلام، مع من يدعون تمثيل أهل فلسطين ومع الأنظمة المحيطة بالأرض المباركة فلسطين؛ ونظرة يهود هي إقامة دولة شكلية مرحلية لأهل فلسطين؛ بحيث تمهد مستقبلا للأهداف الصهيونية والمشروع الصهيوني، ولا تتعارض أو تتناقض معه.
والحقيقة أن هذا ليس هو القرار الأول ولا الأخير؛ بخصوص خدمة المشروع الصهيوني؛ في السيطرة على الأرض المباركة فلسطين، وإفراغها من أهلها مستقبلا... فقد سبق هذا المشروع مشاريع عدة في هذا العام 2018 والعام السابق 2017؛ منها قرار حزب الليكود الحاكم في كيان يهود بتاريخ 31/12/2017 بالأغلبية الساحقة على مشروع يقضي بفرض قانونكيان يهود على المستوطنات، وامتداداتها في الضفة الغربية (مناطق ج) - بما فيها القدس... وعرض هذا المشروع على الكنيست لإقراره أكثر من مرة؛ إلا أن نتنياهو طلب تأجيل التصويت عليه لما بعد تفاصيل مقترحات أمريكا الجديدة بخصوص صفقة القرن... وفي تاريخ 2/1/2018 تم التصويت في الكنيست؛ بوجوب الحصول على موافقة ثلثي نواب الكنيست - أي 80 من أصل 120 - على أي قرار بالتنازل عن الأراضي التي يعتبرهاكيان يهود جزءا من مدينة القدس، إضافة إلى ذلك، يسمح القانون بتغيير التعريف البلدي لمدينة القدس، ما يعني إمكانية إعلان أجزاء من المدينة المقدسة (كيانات منفصلة)، بحسب بيان صادر عن البرلمان... وفي تاريخ 14/5/2018 تم الإعلان عمليا عن نقل السفارة الأمريكية إلى القدس؛ وذلك في احتفال رسمي حضرته دول عدة، وحضره ممثل عن الرئيس الأمريكي... ثم جاء هذا القرار وهو قومية الدولة، وقد يتبعه في الأشهر المقبلة قرار ضم (مناطق ج) والمستوطنات، بالتصويت عليه في الكنيست...
والسؤال الذي يرد هنا: هذا ما قرره حكام يهود؛ تجاه القدس والمقدسات والأرض المباركة... فماذا فعل حكام المسلمين تجاه هذا الأمر الجلل الخطير؟ هل قام حكام المسلمين بقطع العلاقات وطرد السفراء اليهود؟ هل قاموا بتجييش الجيوش نصرة للأقصى، والقدس ولأهل الأقصى؟ هل قاموا بإلغاء المفاوضات واعتبارها لاغية من طرف واحد؟ هل قاموا بشطب اعترافهم بكيان يهود في قمة بيروت العربية سنة 2002، وقمة الظهران سنة 2018، وقمة إسطنبول "الإسلامية" سنة 2018؟ هل قاموا بإلغاء كافة الاتفاقات الموقعة مع كيان يهود في كامب ديفيد وأوسلو ووادي عربة؟!
إنهم لم يفعلوا هذا ولا ذاك، ولن يفعلوا شيئا تجاه القدس ولا المقدسات، بل إنهم مستمرون في التآمر مع يهود؛ لتصفية قضية فلسطين فيما يسمى بصفقة القرن، وفي دعم هذا المشروع اقتصاديا وسياسيا!!
إن حكاماً قد فرطوا بالأرض المباركة فلسطين، وتآمروا عليها؛ منذ سايكس بيكو مرورا بوعد بلفور، ومرورا باغتصابها من قبل الإنجليز - بعد تآمر حكام المسلمين على هدم الخلافة العثمانية التي حافظت عليها - ومرورا بالحروب التآمرية المصطنعة سنة 48، 56، 67 - والتي مهدت لقيام كيان يهود على ثرى فلسطين الطاهر الطهور، ومرورا بمعاهدات ما يسمى بالسلام، والاعترافات في بيروت والظهران وإسطنبول وغيرها... إن حكاماً هذه حالهم وهذا تاريخهم تجاه فلسطين، سيبقون في دائرة الخيانة حتى إكمال الفصل الأخير منها؛ وهو تفريغ الأرض المباركة فلسطين لصالح يهود لإكمال فصول المشروع الصهيوني.
إن الأرض المباركة فلسطين تحتاج إلى قادة عظام؛ أمثال أبي عبيدة فاتح القدس، وأمثال صلاح الدين والظاهر بيبرس المحررين لها من رجس الصليبيين والمغول... وهذا لا يكون إلا في ظل خلافة راشدة على منهاج النبوة، وإزالة عروش الخيانة والتآمر على قضايا أمة الإسلام... عندها تعود فلسطين إلى أصلها؛ ليصدق فيها حديث المصطفى e؛ حيث بشر بأنها ستعود حاضرة الخلافة في آخر الزمان. فقال: «إِذَا رَأَيْتَ الْخِلَافَةَ قَدْ نَزَلَتْ الأَرْضَ الْمُقَدَّسَةِ فَقَدْ دَنَتْ الزَّلَازِلُ وَالْبَلَابِلُ وَالْأُمُورُ الْعِظَامُ وَالسَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْ النَّاسِ مِنْ يَدِي هَذِهِ مِنْ رَأْسِك» رواه أبو داود في سننه. وفي رواية ذكرها ابن عساكر في تاريخه عن الرسول e قال: «هَذَا الأَمْرُ كَائِنٌ بَعْدِي بِالْمَدِينَةِ، ثُمَّ بِالشَّامِ، ثُمَّ بِالْجَزِيرَةِ، ثُمَّ بِالْعِرَاقِ، ثُمَّ بِالْمَدِينَةِ، ثُمَّ بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ، فَإِذَا كَانَ بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ فَثَمَّ عُقْرُ دَارِهَا، وَلَنْ يُخْرِجَهَا قَوْمٌ فَتَعُودَ إِلَيْهِمْ أَبَدًا»فنسأله تعالى أن يكرم أمة الإسلام؛ أولا بزوال الحكام الرويبضات، وبالخلافة الراشدة على منهاج النبوة؛ لتزيل فساد يهود وشرورهم ومشاريعهم السياسية، بخصوص فلسطين والمسلمين.
رأيك في الموضوع