(مترجم)
في مؤتمر قمة في 9 تموز/يوليو 2018 في أسمرة، وقع رئيس إريتريا إسياس أفورقي ورئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد على اتفاق "إعلان مشترك للسلام والصداقة". يلخص الاتفاق الموقع على النحو التالي:
أولاً: انتهاء حالة الحرب.
ثانياً: ستقوم الدولتان بتوثيق التعاون السياسي والاقتصادي و(الاجتماعي) والثقافي والأمني.
ثالثًا:استئناف العلاقات التجارية والاقتصادية والدبلوماسية بين الدولتين.
رابعاً: تنفيذ القرار الحدودي.
خامسًا: ستُعطي كلا الدولتين الأولوية للسلام الإقليمي.
جاء الاتفاق بعد عقدين (1998 - 2018) من الصراع الطويل بين الدولتين. كان صراعهما يتم تحريضه وتشجيعه استعمارياً منذ أن كانت إثيوبيا تحت الحكم البريطاني ثم بعد مناورات عديدة أصبحت دميةً أمريكية. وحرضت بريطانيا على الصراع من أجل انفصال إريتريا عن إثيوبيا وفي عام 1993، ومنحت إريتريا الاستقلال رسمياً وانضمت إلى الأمم المتحدة، لكنها ظلت عدوًا لإثيوبيا. من ناحية أخرى، كانت أمريكا مصممةً على ضمان أن تكون إريتريا على علاقة جيدة مع إثيوبيا لأنها بوابة مهمة لأنظمتها العميلة الأخرى المجاورة لإريتريا في القرن الأفريقي والبحر الأحمر.
تأتي هذه التطورات الأخيرة في وقت حرج للغاية بعدما دخلت أمريكا في حرب تجارية مباشرة مع الصين والاتحاد الأوروبي. لذلك، تريد أمريكا حل القضايا ذات الصلة في أفريقيا، وتصوير نفسها على أنها السلطة العالمية، والتركيز في نهاية المطاف على آخر 21 حربًا اقتصادية. فأمريكا تسعى:
أولاً: إلى تحسين صورة النظام الإثيوبي الذي كان مليئاً بالظلم والظروف المعيشية الرهيبة لرعاياه، عن طريق إجبار رئيس الوزراء السابق هيلماريام ديسلجن على الاستقالة في 15 شباط/فبراير 2018 وتسليم مقاليد السلطة إلى رئيس الوزراء الجديد أبي أحمد في 2 نيسان/أبريل 2018. وفي خطاب تعيينه، تم تصويره كإصلاحي سياسي ووعد بتعزيز وحدة إثيوبيا والوحدة بين شعوبها، للوصول إلى الحكومة الإريترية لحل النزاع الحدودي الإريتري-الإثيوبي الجاري بعد الحرب الإريترية-الإثيوبية والتواصل مع المعارضة السياسية داخل وخارج إثيوبيا. وقد تم تهدئة الناس منذ أن تم رفع تفاؤلهم، وتلقى أبي أحمد بدوره رد فعل إيجابي من الجمهور الإثيوبي، بما في ذلك جماعات المعارضة داخل إثيوبيا وخارجها.
وثانيا: تزويد إثيوبيا بدفعة اقتصادية من أجل تحقيق الاستقرار وتهدئة الاحتجاجات التي شملت على نحو كبير الشباب، حيث إن نصف سكان إثيوبيا تقريباً هم دون سن الثامنة عشر، الأمر الذي شل النظام الإثيوبي في عهد رئيس الوزراء السابق. إن إثيوبيا، كبلد غير ساحلي يعتمد اقتصادها اعتماداً كبيراً على الصادرات الزراعية، بحاجة ملحة إلى اتفاق مع إريتريا حتى يتسنى لها الوصول إلى الخط الساحلي الواسع للبحر الأحمر كبوابة لشركاء التجارة العالمية، وخاصة الشركات التي تفرض عقوبات أمريكية عليها.
ثالثًا: توفير منصة إقليمية لرئيس وزراء إثيوبيا أبي أحمد للتأثير على القضايا الإقليمية التي تقرها السياسات الأمريكية مثل:
أ) مبادرات مكافحة (الإرهاب) - تمتلك إثيوبيا أكبر جيش في المنطقة وأكثرها فعالية وهي تقاتل حركة الشباب منذ عام 2008. ومع وجود إريتريا في سجل جيد مع إثيوبيا، فمن المتوقع أن تكون المبادرات موسعة ومتعددة الأوجه لإعادة تنظيم الأدوار المحددة للأعضاء الإقليميين. بما في ذلك جيبوتي التي تستضيف أكبر قاعدة عسكرية أمريكية في أفريقيا والتي تعتبر ضرورية أيضاً لحملة اليمن التي تتحالف فيها أمريكا مع السعودية في الحرب ضد الحلفاء البريطانيين لمنعهم من السيطرة على قيادة اليمن.
ب) التأثير الصيني المعادي في أفريقيا، فكما أكد وزير الخارجية الأمريكي الأسبق، ريكس تيلرسون، يوم الخميس 8 آذار/مارس 2018، في أول رحلة دبلوماسية له إلى أفريقيا، حيث قال: "إنه يجب على الدول الأفريقية أن تحرص على عدم التنازل عن سيادتها عندما تقبل قروضاً من الصين". وقال تيلرسون أيضاً إن الاستثمارات الصينية "لا تجلب عملاً محلياً كبيراً"، وانتقد كيف تقدم بكين قروضاً إلى الحكومات الأفريقية. وبالتالي، فإن التطورات الأخيرة بين إثيوبيا وإريتريا ستجعل البلدين يعملان كمنصتين لتحقيق المصالح الأمريكية من خلال ربط الأنظمة الأمريكية العميلة بإريتريا.
يؤكد ما سبق أن كلاً من إثيوبيا وإريتريا هما نظامان عميلان تابعان يتم استخدامهما للمزيد من المكائد الاستعمارية عبر إفريقيا لصالح أسيادهما الغربيين. فقط تحت ظل دولة الخلافة على منهاج النبوة سيتم تحقيق مصالحة حقيقية من أجل حل مشاكل أفريقيا جميعها.
بقلم: علي ناصورو علي
عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير في كينيا
رأيك في الموضوع