خرج المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث عن صمته الذي رافق تحركاته منذ توليه المهمة الصعبة في آذار/مارس 2018، وكشف عن وجود رغبة لدى الحكومة (الشرعية) والانقلابيين الحوثيين بالعودة إلى المفاوضات التي توقفت منذ آب/أغسطس 2016.وأضاف: "التقيت الرئيس عبد ربه منصور هادي في عدن، ومحمد عبد السلام كبير مفاوضي أنصار الله (الحوثيين) في مسقط. وأكد الطرفان استعدادهما للقدوم إلى طاولة المحادثات. وأعتقد أن ذلك قد طال انتظاره، فقد مر عامان على عقد المحادثات الأخيرة حول اليمن. وأعتقد أن الشعب اليمني يتوقع استئناف المفاوضات في أقرب وقت ممكن"، مؤكداً أنه من المبكر التحدث عن الجدول الزمني لإكمال المفاوضات.
غريفيث أعلن أنه يعمل على مسارين؛ الأول الحديدة. والثاني الحل السياسي الشامل للأزمة اليمنية. وبقدر ما يعتبر المبعوث الأممي أن الحديدة مسألة مهمة لأنه يريد تجنيبها الخوض في القتال، فإنه يرى أن الحل السياسي الشامل هو الأهم.
وعبر إذاعة الأمم المتحدة، قال المبعوث إنه سيعرض خطته حول كيفية بدء المحادثات مرة أخرى على مجلس الأمن الدولي خلال الأسبوع المقبل، وشدد قائلاً: "أود أن أجلب الأطراف معاً في غضون الأسابيع القليلة المقبلة"، مضيفاً: "آمل أن يجتمع مجلس الأمن الدولي الأسبوع المقبل، وسنطرح أمامه خطة حول كيفية بدء المحادثات مرة أخرى، وأتوقع إجراء مزيد من المحادثات مع أنصار الله (الحوثيين) خلال الأيام القليلة المقبلة لنكون واضحين للغاية حول كيفية التعامل مع القضيتين المترابطتين؛ وهما الحديدة واستئناف المفاوضات السياسية".
بدوره، حذر وزير الخارجية اليمني خالد اليماني من "إعادة إحياء مبادرة كيري التي وصفها بـ(المدفونة)"، وقال لـ"الشرق الأوسط" إنه لا ترتيبات سياسية مطلقاً قبل الأمنية. وبالانتقال إلى "معادلة الحديدة"، تحدث المبعوث الأممي عن أنه "عرض علينا القيام بدور قيادي في الميناء وإدارته، وتمت الموافقة على ذلك من حكومة اليمن وأنصار الله. ولكن تتعين معالجة قضية المدينة والمحافظة، وفي الوقت الحالي ما زلنا نجري المفاوضات حول ما إذا كان دور الأمم المتحدة سيساعد في تجنب وقوع الهجوم أم لا، والأهم هو ما إذا كان استئناف المفاوضات سيعني تجنب الهجوم على الحديدة وتجنب التحرك نحو الحرب أم لا".
في المقابل، يقول وزير الخارجية اليمني: "موقفنا الذي عبرنا عنه بدعم صريح من التحالف هو أنه لا يمكن القبول ببند واحد من المبادرة (مبادرة الحديدة)، وأننا نتحدث عن مبادرة كحزمة واحدة تنطلق في الأساس من خروج الحوثي من الحديدة ميناءً ومدينةً، وهذا هو الحد الأدنى والمبدأ الذي يقوم عليه قرار مجلس الأمن 2216 الذي يشترط الانسحاب وتسليم الأسلحة كمدخل للسلام المستدام في اليمن".
ويرجع المبعوث الأممي "عدم حدوث هجوم كبير على ميناء أو مدينة الحديدة إلى المحادثات التي أجريناها مع الأطراف"، ويقول: "وقع قتال حول المطار، ولكن منطقة الميناء لم تشهد أعمالاً قتالية كبيرة حتى الآن"، مضيفاً: "قيادة جماعة أنصار الله تمكنت من أن تعطينا في الأمم المتحدة عرض القيام بدور رئيسي في إدارة ميناء الحديدة، ويعتمد ذلك على وقف إطلاق النار العام في المحافظة، وأعتقد أننا نواصل مع الأطراف تحديد ما يتعين عمله لتجنب احتمال وقوع أي هجوم على الحديدة".
ويؤكد غريفيث استعداد الأمم المتحدة لتولي مسألة إدارة الميناء "بمجرد أن تتفق الأطراف"، ويضيف: "ما نحاول فعله الآن هو تحديد ما يتعين ما هو ضروري لتجنب وقوع هجوم على الحديدة، وهذا يتضمن تدابير محددة للميناء والمدينة ووقفاً عاماً لإطلاق النار. ولكن اتضح لي من المشاورات مع الأطراف، بما في ذلك التحالف، أن حل قضية الحديدة مرتبط ببدء المفاوضات السياسية. هدفنا هو معالجة مسألة الحديدة في سياق المفاوضات السياسية".
يعود وزير الخارجية اليمني ليقول إن "استعادة الحديدة يأتي ضمن تفويض القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة وقرارات مجلس الأمن، بما يحمي الملاحة الدولية جنوب البحر الأحمر وبوقف تهريب الأسلحة والصواريخ للحوثيين ويوقف استهداف السفن التجارية بالصواريخ وزرع المجرى المائي الدولي بالألغام البحرية العشوائي، إضافة إلى استمرار انسياب المساعدات الإنسانية والإغاثية والتجارية عبر ميناء الحديدة".
فيما قال موقع ذا هيل الأمريكي، إنه و"رغم أن الأزمة الإنسانية القادمة التي سيشهدها العالم تأجلت، لكن ذلك ربما لأسبوع فقط أو نحو ذلك، حيث تضاءل مستوى القتال في مدينة الحديدة اليمنية بشكل مؤقت. كما أن القوات اليمنية المشتركة ترقب "وقفاً" أحادي الجانب لتقدمها في الميناء الاستراتيجي الذي تمر عبره الكثير من واردات الأغذية الحيوية للبلاد".
وبحسب الموقع، منحت الإمارات منذ الـ 23 من حزيران/يونيو المبعوث الخاص للأمم المتحدة مارتن غريفيث فرصة لتحقيق السلام. وقد أُبلغت الحكومات الأجنبية بأن "حالة جمود المواجهات" ستستمر لمدة تتراوح بين 7 إلى 10 أيام، وهو ما يعني حتى 30 حزيران/يونيو وربما 3 من تموز/يوليو القادم. وتصر الإمارات أن على الحوثيين تسليم الحديدة، لكن لا يظهر الحوثيون، المدعومون من إيران، أي استعداد للقيام بذلك.
يتبين من الوقائع على الأرض ومن التصريحات والأعمال السياسية في اليمن وخاصة في الحديدة أن عملاء الإنجليز سواء من تقودهم دولة الإمارات أو التشكيلات التي يقودها ما يسمى برئيس الشرعية عبد ربه هادي مقدمون على معركة كبيرة في الحديدة وأن منع سيطرة الحوثيين على ميناء الحديدة باتت لهم قضية مصيرية، فهم يعززون الحشود والألوية العسكرية باتجاه الساحل الغربي لكسر شوكة الحوثيين بينما تود الأمم المتحدة عبر المبعوث الأممي البريطاني أن تقنع الحوثيين بتسليم الميناء والمدينة ليكونا تحت إشراف الأمم المتحدة وهو ما يرفضه الحوثيون فهم يريدون تسليم الميناء فقط بينما الإمارات تريد منهم أن ينسحبوا 50 كيلو متراً مربعاً حول المدينة كما أكد ذلك لقناة الميادين أحد الأعضاء المفاوضين المحسوبين على حكومة الحوثيين.
أما أمريكا فقد اكتفت بعدم المنع الصريح لمعركة الحديدة وهي تريد من ذلك أن تعطي دوراً للسعودية في ملف اليمن وتضغط على الحوثيين لقبول ذلك وكف يد إيران عن دعم الحوثيين ليقبلوا بالدور السعودي الذي سيشركهم في الحكم في اليمن.
هكذا يستمر الصراع على بلاد الإيمان والحكمة خدمة لأجندات استعمارية أمريكية وبريطانية بينما يظل أهل اليمن في جحيم المعاناة والحروب التي أهلكت البلاد والعباد، وخاصة في مدينة الحديدة التي تعاني الحر الشديد وزادت الحرب فيها من المعاناة ليخير أهلها بين الهلاك أو النزوح!
إنه لن يوقف هذه المهازل العبثية في بلاد المسلمين ومنها اليمن إلا الاحتكام إلى الإسلام بإقامة دولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة، وغير ذلك من حلول إنما هي سراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء.
بقلم: الأستاذ عبد المؤمن الزيلعي
رئيس المكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية اليمن
رأيك في الموضوع