(مترجم)
تم تصميم الاقتراحات الضريبية المعروضة من خلال مشروع قانون المالية لعام 2018 لإنتاج 27.5 مليار شلن إضافي كإيرادات ضريبية للسنة المالية 2018/2019. سيتم تمويل عجز الميزانية في 2018/2019 بمبلغ 558.9 مليار شلن كيني (أي ما يعادل 5.7 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي) من خلال تمويل خارجي صافٍ يصل إلى 287 مليار شلن كيني (أي ما يعادل 3.0 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي) في حين سيبلغ التمويل المحلي الآخر 271.9 مليار شلن كيني (ما يعادل 2.8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي). (standardmedia.co.ke) وتظهر الإحصاءات الرسمية أن التسارع الأخير في تراكم الديون كان بشكل رئيسي نتيجة الاقتراض الخارجي، مما جعل إجمالي الديون الخارجية المستحقة يقفز إلى 2.563 تريليون شلن في نهاية شهر شباط/فبراير. إن الديون المحلية، والتي تزايدت حالياً قد شملت بيانات الشهر الماضي، والآن فإنها تقف على 2.448 تريليون شلن، مما يجعل الإجمالي يصل إلى 5.011 تريليون شلن! (businessdailyafrica.com)
تابع الكينيون يوم الخميس 14 حزيران/يونيو 2018 قراءة الخطاب المتعلق بميزانية 2018/2019، بعيون قلقة ومتوترة، لأنهم أعدوا أنفسهم لمزيد من السرقة الواضحة المؤلمة لعملاتهم القليلة في جيوبهم لسنة متتالية أخرى من قبل الرأسماليين المافيا العلمانيين لتمويل عطشهم المتزايد في رؤية نمو وهمي للناتج المحلي الإجمالي! وكما هو الحال دائماً، بقي الكينيون عالقين بدون خيارات لإنقاذ وسائل معيشتهم التي تعاني بالفعل من الفقر المدقع في ظل نظام اليوبيل الحالي الذي اشتهر بأنه يفرض الضرائب على الناس ويوصل إلى العجز بفورة مجنونة للاقتراض، وبعد ذلك تقريبًا فثلث الميزانية ضائع نتيجة النهب!
إن كينيا مثل أية دولة علمانية، يطالب نظامها الرأسمالي الاقتصادي بأن تكون الضرائب والقروض هما المصدر الوحيد للدخل الحكومي. من خلال الضرائب والقروض القائمة على الفائدة الربوية، يمكن للحكومة أن تدير شؤونها من خلال تلبية مطالب الإنفاق الخاصة بها. ما يثير الدهشة هو أن كينيا بلد ينعم بمصادر هائلة. على سبيل المثال، فالثروات المعدنية والأراضي الصالحة للزراعة والمساحات المائية الشاسعة ومخزون النفط الليفي المكتشفة حديثاً وما إلى ذلك يمكن أن تدفع كينيا إلى التحرر الاقتصادي العالمي إذا ما أريد استخدامها بالكامل! ومع ذلك، فقد تمت خصخصة جميع الموارد الشاسعة تقريباً في الوقت الحالي وتم تسليمها إلى الشركات المملوكة للغرب والتي بدورها ترجع عائدات ضئيلة إلى الحكومة الكينية، بينما يتم شحن الدخل الهائل إلى الخارج ويستفيد منه اقتصاد الدول الغربية على حساب اقتصاد كينيا!
إن جوهر المشكلة في كينيا هو تطبيق الأيديولوجية الرأسمالية العلمانية الاستعمارية التي ينبثق منها النظام الاقتصادي الرأسمالي. حيث إن وجهة نظره إلى الدول المستعمَرة مثل كينيا؛ على أنها خزان مائي يأتي إليه المستعمرون فقط بكل الأدوات الممكنة لتحصيل أكبر نصيب، كما تفعل بريطانيا وأمريكا حتى الآن، والآن انضمت الصين إلى القارب مع ما يطلق عليه قروض "مشكوكة غير مضمونة". في حين إن المستعمرين يشحنون الموارد الهائلة للخارج، فمن ناحية أخرى يقدمون لنا قروضاً طويلة الأجل قائمةً على الفائدة الربوية لضمان عدم قدرتنا على سدادها في الوقت المحدد، وبدلاً من ذلك نعود إليهم للحصول على قرض إضافي للحفاظ على الاقتصاد! وطالما يتم تنفيذ النظام الاقتصادي الرأسمالي، فإن التحرر الاقتصادي لكينيا لا أساس له من الصحة!
الإسلام في ظل الخلافة الراشدة على منهاج النبوة، ستقوم بتطبيق الإسلام بشكل شامل بما في ذلك النظام الاقتصادي الإسلامي المنبثق منه. وستكون السياسة الاقتصادية الإسلامية هي ضماناً لتلبية جميع الاحتياجات الأساسية لكل فرد بشكل كامل، كما أنها ستمكنه من إشباع الحاجات الكمالية بقدر ما يستطيع بما أنه شخص يعيش في مجتمع معين له أسلوب حياة معين. هذا يعني أن الخلافة ستعالج المشاكل الأساسية لكل شخص على اعتبار أنه إنسان، يعيش وفقاً لعلاقة معينة، ثم تمكنهم من رفع مستوى معيشتهم وتحقيق الراحة لأنفسهم وفقاً لنمط حياة معين. وبالتالي، فإن النظام الاقتصادي الإسلامي فريد ومختلف عن جميع السياسات الاقتصادية الأخرى الموجودة اليوم في العالم.
في دولة الخلافة (الدولة الإسلامية) سوف يشمل بيت المال مصادر الإيرادات التالية: الفيء، والغنائم، والخراج، والجزية، ومختلف أنواع إيرادات الملكية العامة، وإيرادات ملكية الدولة، والعشور، وخمس الركاز، والمعادن، وأموال الزكاة. ملاحظة: إن الضريبة المذكورة هنا (الخراج والجزية) ليست كالتي تفرضها الأنظمة العلمانية على الناس. فالضريبة والقروض الربوية محرمة في الإسلام. لن تفرض الخلافة ضرائب على رعاياها إلا في بعض الحالات من مثل المجاعة والجهاد. ومع ذلك، يتم أخذ الضريبة فقط على الثروة التي تفوق ما يستخدمه الفرد عادة لتلبية احتياجاته الأساسية والكماليات. وبالتالي، فإن نظام الخلافة يحقق حق العيش للجميع بشكل فردي، ويسهل تأمين الكماليات. في الوقت نفسه يضع الإسلام حدوداً معينة يمكن للفرد أن يكسب ضمنها من أجل تلبية الاحتياجات الأساسية والكماليات وتنظيم علاقته بالآخرين وفقاً لنظام معين.
إن نهضة كينيا، وبشكل عام نهضة إفريقيا، تكمن في استبدال الأيديولوجية الرأسمالية العلمانية وأنظمتها القذرة المنبثقة عنها بما في ذلك ديمقراطية المافيا والنظام الاقتصادي الاستغلالي والليبرالية الاجتماعية وغيرها، التي هي مصدر بؤسها ومآسيها التي تعصف بها. وبدلاً من هذه الأيديولوجية الفاسدة، فإن احتضان مشروع الخلافة تحت دعوة النهضة الإسلامية، التي يتردد صداها في جميع أنحاء العالم، والتي سوف تعيد إقامة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة، سيدفع بكينيا وأفريقيا إلى حضارة أكبر مليئة بالهدوء والسلام والازدهار لم يشهد مثله في جميع أنحاء القبضة الاستعمارية العلمانية!
بقلم: الأستاذ علي ناصورو علي
عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير في كينيا
رأيك في الموضوع