تزداد نيران الحرب في اليمن عاما بعد عام، حرب تديرها أمريكا وبريطانيا الدولتان المتصارعتان على النفوذ والثروة فيه وذلك عبر أدواتهما المحلية والإقليمية، فالسعودية خادمة أمريكا تريد أن يكون ملف اليمن في يدها وهي لا تمانع أن تحقق ما تريده أمريكا التي أعطتها الضوء الأخضر للقيام بالحرب، وذلك لتبتزها من خلالها تارة عبر صفقات السلاح وفرض الأتاوات عليها، وتارة أخرى لتحقق من خلالها الشرعنة للحوثيين حيث تعتبرهم أمريكا شرطيها في اليمن لمكافحة (الإرهاب)، بالإضافة لقصقصة نفوذ بريطانيا وإضعاف عملائها، سواء جناح الهالك علي صالح أو جناح الرئيس هادي ومناصريه، وقد بات الأخير أسيرا لدى السعودية التي تتخذ منه ورقة لإضفاء الشرعية على الحرب التي تخوضها باسمه، إلا أن بريطانيا تنبهت لما تقوم به السعودية فأوعزت لعميلتها الإمارات بأن تشارك في الحرب وأن تقوم بالعمل على الأرض والاستيلاء عليها وإيجاد قوة حقيقية تعمل خارج إطار شرعية هادي وإمرته، كل ذلك لعلمها أن هادي سيصبح مرتهناً للسعودية الموالية لأمريكا التي تضع لها الخطوط الحمراء التي لا يمكن تجاوزها في الحرب، فصنعاء خط أحمر والحديدة كذلك، فأمريكا لا تريد الحرب في اليمن أن تكون حرب استئصال للحوثيين كما يظن الظانون.
لقد قامت طائرات التحالف باستهداف صالح الصماد رئيس المجلس السياسي الأعلى للحوثيين حيث تم قتله بغارة جوية استهدفته في محافظة الحديدة يوم الخميس الفائت، ويبدو أن ذلك قد تم بضوء أخضر من أمريكا وذلك لتوجه رسالة لأدواتها الحوثيين وإيران بأنه قد حان وقت الحل السياسي، فقتل صالح الصماد ربما يكون ضربة تأديبية من أمريكا للحوثيين مفادها أن عليهم القبول بالدور الذي ستعطيه هي للسعودية في اليمن وأنه يجب عليهم الاعتدال تماما كما تطلبه أمريكا منهم، خاصة أن السعودية قد بدأت تكف يدها عن دعم بعض الفصائل في سوريا وضغطت عليها لتسلم سلاحها للنظام، وبالمقابل على إيران فعل ذلك في اليمن فتكف عن دعم الحوثيين وتضغط عليهم للحل السياسي ليكون ملف أمن اليمن للسعودية بما يوحي أن أمريكا ترسم لعملائها أدوارا معينة، وقد صرح السفير الأمريكي في اليمن أن أمريكا تعول على المعتدلين الحوثيين، وتبعه في مثل تصريحه ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، فيما كانت نيكي هيلي، سفيرة أمريكا بالأمم المتحدة، قد قالت يوم الثلاثاء 17 نيسان/أبريل 2018م، إن الفوضى في اليمن تشكل ملاذا آمنا للتطرف، مضيفة أن مجلس الأمن لم يخضع الحوثيين وإيران للمساءلة، وأكدت خلال جلسة بمجلس الأمن الدولي في نيويورك أنه آن الأوان للشروع في مفاوضات جادة لحل الأزمة اليمنية، لافتة إلى أن الحرب في اليمن تمر بمنعطف حاسم مع وجود مبعوث أممي جديد، وشددت هيلي على ضرورة "ألا نخشى من إدانة الحوثيين ورعاتهم الإيرانيين". وتابعت "ندعم شركاءنا السعوديين بالدفاع عن أمنهم".
من جانبه، قال المبعوث الأممي لليمن، مارتن غريفيث في إحاطته بتاريخ 17 نيسان/أبريل 2018م لمجلس الأمن بشأن اليمن، إنه يعتزم عرض إطار عمل لمفاوضات بخصوص إنهاء الأزمة في اليمن على مجلس الأمن خلال شهرين. وقال أيضا (إن الحل السياسي لوضع حد لهذه الحرب هو فعلياً متاح. فالخطوط العريضة لهذا الحل ليست بالأمر المكنون: إنهــاء القتال، وسحب القوات وتسليم الأسلحة الثقيلة في المواقع الرئيسية، بمعية الاتفاق على تشكيل حكومة تتسم بالشمولية وتجمع الأطراف فيما بينها على توافق في الآراء لبناء السلام). وأضاف غريفيث أننا سنعمل على التوصل لاتفاق تقبل به كل الأطراف اليمنية، مؤكدا أنه لا حلول غير السياسية في اليمن وأيضا في سوريا.
وها هي الحرب في اليمن تزداد يوما بعد يوم، وأهل اليمن هم الضحية، حرب شردت أهل اليمن وغذت النزعة المذهبية والمناطقية بينهم، ونشرت الجوع والأمراض، زد عليها تلك الحرب الاقتصادية بين المتصارعين التي أوقفت الرواتب وأعدمت المشتقات والغاز المنزلي ورفعت الأسعار بشكل لا يطاق، لقد أصبحت أمريكا وبريطانيا تتحكمان في موارد البلاد عبر أدواتهما سواء في الجنوب أو الشمال، فالإمارات تنهب ثروات الجنوب خدمة للإنجليز، والأمم المتحدة تسعى للاستئثار بواردات شمال البلاد وإقناع الحوثيين بدفع الواردات التي يسيطرون عليها إليها لتقوم هي بالإشراف على صرف الرواتب، وكلهم ينهبون باسم أهل اليمن وباسم العمل الإنساني الكاذب.
يا أهل اليمن... يا أهل الإيمان والحكمة، جدير بكم أن تقفوا في وجه الظالمين المتصارعين وأسيادهم من الكفار المستعمرين، وأن تعملوا لما يحقق سعادتكم ورضوان ربكم وذلك بتحكيم الإسلام وإيجاده في واقع حياتكم عن طريق إقامة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا للهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ﴾.
بقلم: الأستاذ عبد المؤمن الزيلعي
رئيس المكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية اليمن
رأيك في الموضوع