في حوار أجرته صحيفة "الشرق الأوسط" السعودية، وفي رده على سؤال أن البعض يتهم الدول الكبرى ومنها بريطانيا بعدم ممارسة ضغوط كافية على المليشيات للوصول إلى تسوية، أكد السفير البريطاني الجديد لدى اليمن مايكل أرون، أن الوساطة تبدأ من الواقع على الأرض، والتفكير في مستقبل اليمن وكيف تعيش بسلام وأمن وازدهار. وأشار إلى أن الدول العظمى ودول مجلس الأمن والتحالف كل له دور في هذا الأمر.
وأضاف "الضغط يتم باستخدام العصا والجزرة، حاولنا بالعصا ويمكننا الآن التركيز على الجزرة، إذا كنا نريد تغيير الواقع على الأرض للأحسن فعلينا التركيز على المحفزات وهذا دور المبعوث الخاص، لا أريد أن تكون التوقعات كبيرة عليه فهو موظف أممي وشخص عادي ولا يمكن أن يعمل سحرا، لكن مع العمل الكبير وبمساعدة الجميع أعتقد أن الحوثيين في صنعاء سيفهمون أن الوضع الآن ليس في مصلحة الشعب اليمني ولا مصلحتهم، هم ليسوا سياسيين بل مجموعة قبلية مذهبية ولذلك أن يحكموا صنعاء فهو أمر غير عادي، ومن المهم التأكيد على أن مستقبل اليمن لكل اليمنيين".
ورأى أن ثلاث سنوات من الحرب بالنسبة للحوثيين أمر صعب، والشعب اليمني في المناطق تحت سيطرتهم لن يقبل الاستمرار في الحرب، وتوقع مع جهود المبعوث الخاص وبمساعدة المجتمع الدولي يمكن حل المشكلة هذا العام.
وجدد مايكل أرون التأكيد على أن القضية اليمنية تعتبر أولوية كبيرة بالنسبة للحكومة البريطانية، ولكنه نفى وجود أي خطة خاصة بريطانية، وقال "نحن نساعد الجهود الأممية وخاصة المبعوث الخاص، هو بريطاني لكنه موظف مستقل وعُيّن لخبرته التقنية في الوساطة مع الأمم المتحدة، ونحن ندعم جهوده وكل دول مجلس الأمن والتحالف العربي كذلك، أنا متفائل وأعتقد أن الفرص خلال الأشهر المقبلة حقيقية وليست كلاما فقط".
هذا وقد كشف وزير الخارجية السعودية عادل الجبير خلال كلمة له في معهد بروكينغز في واشنطن، كشف أن المملكة خصصت 10 مليار دولار لإعادة إعمار اليمن بمجرد انتهاء الحرب.
كما أعلنت الخارجية الأمريكية، الجمعة 23 آذار/مارس، أن واشنطن والرياض توصلتا إلى اتفاق بشأن الحرب في اليمن. حيث قالت هيذر ناويرت، المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية إن اجتماعا تم بين ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، ونائب وزير الخارجية الأمريكية، جون سوليفان. وأشارت إلى أن الطرفين اتفقا في الاجتماع على ضرورة ماسة لعملية سياسية لإنهاء الصراع الدائر في اليمن.
لطالما صرحت كل من بريطانيا وأمريكا الدولتان المتصارعتان في اليمن والمتزاحمتان فيه على النفوذ والثروة أنهما مع استقرار اليمن ووحدته، متباكيتين على الحالة الإنسانية التي أصبح يعيشها أهل اليمن في ظل هذه الحروب والصراعات، مع العلم أن هاتين الدولتين وعملاءهما المحليين والإقليميين هم سبب الكوارث التي حلت بالبلاد، فبريطانيا التي تدعم (شرعية) هادي وتسيطر على الجنوب والساحل الغربي عن طريق دولة الإمارات التي تعمل لإرجاع جناح علي صالح للحكم والتي بدورها احتوت بعض قوى الحراك الجنوبي الانفصالي ليتعايش مع جناح علي صالح الذي تتجمع قواته في جنوب اليمن وتزداد يوما بعد يوم، فبريطانيا لا تهمها (شرعية) الرئيس هادي إذا ما أوجدت بديلا يخدمها أفضل منه، فهي ربما استغنت عنه في أي اتفاق كونه قد أصبح محكوما من قبل حكام آل سعود الموالين لأمريكا والذين سعوا جاهدين لتجميد جبهة مأرب وضرب أي تقدم لها باتجاه العاصمة صنعاء كون صنعاء خطًا أحمر بالنسبة لأمريكا الداعمة للحوثيين والتي تسعى لإشراكهم في حكم اليمن، لقد استغلت السعودية (شرعية) هادي لخدمة أمريكا في القضاء على جناح علي صالح وتدمير الجيش والبنى التحتية ثم أضفت مظلومية على الحوثيين وزادت قوتهم ولم تستهدف قياداتهم رغم أنها تستعرض بقوتها في وضح النهار.
لقد كان حزب التحرير رائدا بحق حين بين حقيقة الصراع وأهداف الحرب السعودية المعلنة ضد الحوثيين منذ البداية، في الوقت الذي بدأ فيه بعض المحللين السياسيين والإعلاميين والمهتمين بمتابعة الأحداث يدركون الحقيقة ويفهمون لعبة المتصارعين وخاصة ممن أملوا في حكام السعودية بأنهم سينصرونهم على أعدائهم الحوثيين، فها هي السعودية لا يهمها إلا إرضاء أمريكا، فأسرة سلمان آل سعود ستشتري رضاها ولو بباهظ الأثمان، ولو اقتضى ذلك تنكرها وخلعها لثوب الإسلام المتلبسة به زورا والذي خدعت به المسلمين في الزمان الغابر، فكيف ينخدع البعض بهؤلاء الحكام العملاء ويحسبون أن لهم عهدا وذمة وهم للكفر أقرب منهم للإيمان؟!
إن قرار إيقاف الحرب في اليمن ليس بيد أطراف الصراع المحلية والإقليمية وإنما هو بيد الدولتين المتصارعتين فيه - أمريكا وبريطانيا - وإن اتفقت هاتان الدولتان على إنهاء الحرب والمبادرة بتبني الحل السياسي فسرعان ما ستنفذ أدواتهما هذه إملاءات الكفار المستعمرين وحلولهم الخبيثة، فبوادر الاتفاق بين بريطانيا وأمريكا في اليمن تسير نحو حل سياسي يتقاسم فيه هؤلاء الكعكة بين عملائهم وتظل أدواتهم الإقليمية؛ السعودية والإماراتية قيّمةً على هذا الحل في حال فرضت أمريكا على إيران كف يدها عن اليمن، لتحول هاتان الدولتان دون استفراد طرف من العملاء المحليين على الطرف الآخر، بينما يكون حظ أهل اليمن هو المزيد من البؤس والشقاء، فالمتصارعون إن اتفقوا أذلوهم ونهبوا ثرواتهم وإن اختلفوا قتلوهم بحروبهم وصراعاتهم.
هكذا هم أهل اليمن وهكذا ستستمر حالهم وحال بلدهم ما لم يسارعوا إلى العمل للتخلص من نفوذ الغرب في بلادهم بالمسارعة في إقامة دولة الإسلام - الخلافة الراشدة على منهاج النبوة - التي بها عزتهم ورفعتهم ورضوان ربهم.
بقلم: الأستاذ عبد المؤمن الزيلعي
رئيس المكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية اليمن
رأيك في الموضوع