إن من أعظم الفروض التي أمر الله بها هي إقامة دولة تحكم بالإسلام وتحمل دعوته إلى العالم؛ لذلك فعلى المسلم أن يعي جيدا أنّ الاشتغال بالسياسة أي رعاية شؤون الناس هو عمل نبينا ﷺ وأنّه عبادة، وأن السياسة ليست مكرا وخداعا وميكيافيلية ونجاسة تدنس الدين كما عمد الأعداء على تصويرها، بل هي سبيل إعادة الأحكام التي تشمل النظام السياسي والنظام الاقتصادي وكل ما من شأنه أن يعيدنا كما كنا أمة ذات سيادة وسلطان، مزدهرة بشرع ربها ورسالته المبعوثة رحمة للعالمين.
إذن لا بد من التلبس بالعمل مع العاملين لنصرة الدين وإعادة تفعيله في الحياة لمن كانت بوصلته توجهه الاتجاه الصحيح في درب الالتزام بأوامر الله ونواهيه، ولا يوجد أفضل من رمضان لإعلان التوبة ومعاهدة الله على المضي قدما في درب الطاعات والقربات.
وليس من الإسلام في شيء أن ينشغل كل امرئ بإصلاح نفسه فقط، بل إنها لأنانية مقيتة أن ينشغل المسلم بنفسه ولا يهتم بغيره، أنانية ما وجدناها عند نبينا ﷺ وصحابته الكرام، بل إنّ الأدلة الشرعية تنص على عكس ذلك؛ فقد أوجب الله الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وأوجب الأخذ على يد الظالم، وحذّر من هلاك المجتمعات إذا كثر فيها الخبث رغم وجود الصالحين فيها، ولنا في حديث السفينة كل العبرة إذ قال ﷺ: «مَثَلُ الْقَائِمِ عَلَى حُدُودِ اللَّهِ وَالْوَاقِعِ فِيهَا كَمَثَلِ قَوْمٍ اسْتَهَمُوا عَلَى سَفِينَةٍ، فَأَصَابَ بَعْضُهُمْ أَعْلَاهَا وَبَعْضُهُمْ أَسْفَلَهَا، فَكَانَ الَّذِينَ فِي أَسْفَلِهَا إِذَا اسْتَقَوْا مِنَ الْمَاءِ مَرُّوا عَلَى مَنْ فَوْقَهُمْ فَقَالُوا: لَوْ أَنَّا خَرَقْنَا فِي نَصِيبِنَا خَرْقاً وَلَمْ نُؤْذِ مَنْ فَوْقَنَا، فَإِنْ يَتْرُكُوهُمْ وَمَا أَرَادُوا هَلَكُوا جَمِيعاً، وَإِنْ أَخَذُوا عَلَى أَيْدِيهِمْ نَجَوْا وَنَجَوْا جَمِيعاً» رواهُ البخاري. فالحديث ينصّ بوضوح على أنّ نجاة المجتمع تكون عند تواصيهم بالحق والأخذ على يد المسيء.
رأيك في الموضوع