قالت مصادر دبلوماسية مصرية إن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي سيؤجل زيارته المقررة إلى واشنطن وسط توترات متزايدة بين مصر وأمريكا. (إيلاف)
أثارت تلك التصريحات حول رفض السيسي زيارة أمريكا طالما أن خطة رئيس أمريكا ترامب بشأن تهجير أهل غزة لا تزال مطروحة، أثارت جدلاً واسعاً حول حقيقة الموقف المصري من القضية الفلسطينية، ومدى جديته في التصدي لمشاريع تصفية القضية، وحول من يرفض لقاء الآخر السيسي أم ترامب الذي لا يقبل من السيسي إلا قبول رغباته واعتبارها أوامر واجبة التنفيذ في حقه كموظف في البيت الأبيض كما بينته صور التقطت خلال زيارة سابقة للبيت الأبيض وحتى من خلال المعونة التي تدفع للنظام وجيشه والتي يلهث النظام خلفها، وحتى من خلال الخطاب الواضح من الرئيس الأمريكي الذي يتكلم واثقا من قبول السيسي وملك الأردن مؤكدا أنهما سيقبلان، وتلك هي الحقيقة وإن ادعيا رفض خطة التهجير إلا أنهما سيعملان على إيجاد مخارج دبلوماسية تمكن من تنفيذ تلك الخطة، أو أن هناك خطة بديلة يراد تنفيذها على الأرض تقضي بأن تصبح غزة أرضا منزوعة السلاح بلا حماس ولا مقاومة ولا مجاهدين مقابل البقاء والإعمار، وهو ما لن يقبله حتى يهود.
خطة ترامب بتهجير أهل غزة إلى سيناء والأردن، هي جزء من استراتيجية استعمارية قديمة تهدف إلى إفراغ الأرض المباركة من أهلها وتثبيت كيان يهود كدولة يهودية خالصة. هذه الخطة ربما تأتي ضمن سياق "صفقة القرن" التي تسعى لتصفية قضية فلسطين نهائياً.
إن الادعاء بأن مصر ترفض خطة تهجير الفلسطينيين لا يتسق مع الواقع، فالنظام المصري يشارك بشكل مباشر في خنق قطاع غزة اقتصادياً وإنسانياً، ما يجعل الحياة هناك شبه مستحيلة، ويدفع أهله إلى البحث عن أي فرصة للخروج. وبذلك، فإن النظام يساهم عملياً في تنفيذ خطة التهجير التي يدّعي معارضتها.
إن التصريحات المصرية حول رفض خطة ترامب لا تعدو كونها محاولة لكسب الوقت وإظهار موقف وطني زائف، بينما الواقع يثبت أن النظام المصري، لا يعمل إلا في خدمة المشاريع الغربية، ويعتبرها خططا استراتيجية واجبة التنفيذ.
إننا لا نحتاج أن نناقش ذهاب الرئيس المصري لزيارة ترامب من عدمها، ولا قبوله خطة تهجير أهل غزة من عدمه، ولا حتى عمله على تنفيذ خطط أخرى لترامب، ففي كل الحالات هو عميل لأمريكا خادم لمصالحها، وهو خائن للأمة شريك للكيان الغاصب في جرمه وحارس أمين لحدوده ويحول بين الأمة وجيوشها وبين اقتلاعه وتحرير فلسطين، وما تلك التصريحات والتعويل على النظام الدولي إلا تخدير لتلك الجيوش لتتوهم أن النظام المصري يسعى حقا لحل قضية فلسطين، بينما هو جزء لا يتجزأ من المحتل وصمام أمانه بل هو القبة الحديدية الحقيقية التي تحميه.
إن الحل الحقيقي لا يكون بالتصريحات الفارغة، ولا بالتعويل على النظام الدولي، بل بتحريك الجيوش لتحرير كامل فلسطين ونصرة أهلها نصرة حقيقية وإزالة كل ما يحول دون ذلك، فالقدس لن تحررها أنظمة تُغلق معبرا وتحمي حداً بينها وبين أرض الإسلام المغتصبة وتمنع السلاح عن المقاومين، ولن تستعيد حقوقها عبر القوانين الدولية التي صيغت لحماية المحتلين، بل ستتحرر حينما تعود الأمة لدينها وتعمل لتطبيقه في دولة واحدة، وتتوحد خلف قيادة مخلصة تعيد لها عزتها، وتجعل تحرير فلسطين قضية مصيرية لا تقبل التنازل أو المساومة.
إن الأمة الإسلامية تمتلك أكثر من 13 مليون جندي، ولديها من الثروات والقدرات العسكرية ما يمكنها من سحق كيان يهود في أيام قليلة. ولكن العقبة الحقيقية أمام تحرك هذه الجيوش هي الأنظمة الحاكمة التي وضعتها الدول الاستعمارية بعد هدمها الخلافة العثمانية، والتي لا دور لها سوى حماية المصالح الغربية وضمان بقاء كيان يهود.
لذلك، فإن تحرير فلسطين لا يمكن أن يتم إلا من خلال تحرير العواصم الإسلامية من هذه الأنظمة العميلة، وإقامة الخلافة الراشدة التي تعيد توحيد الأمة. فعندما يكون للمسلمين خليفة واحد، فإنه سيحرك الجيوش كما فعل صلاح الدين الأيوبي عندما حرر القدس، وكما فعل المعتصم حينما حرّك جيشاً كاملاً لنصرة امرأة استغاثت به.
أيها المخلصون في جيش الكنانة: إن مغامرات النظام وعنترياته الفارغة تستهلك جهودكم فيما لن ينفعكم في الدنيا ولن يغني عنكم في الآخرة، بل إنه يمنعكم من واجب تحرير الأرض المباركة ونصرة أهلها وهو ما ستسألون عنه أمام الله يوم القيامة فجهزوا جوابكم لله أو اخلعوا عنكم هذا النظام وابرأوا من رجسه وعمالته وأعلنوها دولة تطبق الإسلام فيكم وتحمله بكم للعالم رسالة هدى ونور، دولة تدفعكم نحو رضا الله جل وعلا في الدنيا والآخرة فتستنفركم لتحرير كل أرض الإسلام وليس فلسطين وحدها ونصرة المستضعفين فيها، دولة الإسلام التي ترضي الله سبحانه؛ الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة، قال تعالى: ﴿وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ وَلِيّاً وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ نَصِيراً﴾.
بقلم: الأستاذ محمود الليثي
عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية مصر
رأيك في الموضوع