إن ما يميز الإسلام كمبدأ تقوم عليه حياة البشرية، هو إيجاد حالة من التوازن بين الفرد وحاجياته ومتطلباته الخاصة، وبين إعلاء قيمة الجماعة وأهمية الانتماء إليها، وتكريس طاقة الفرد في خدمتها، والمحافظة على تماسكها وتقوية روابطها
تتزايد المخاطر وتشتد المؤامرة في الآونة الأخيرة حول قضية فلسطين، ولا يتوقف أعداؤنا عن التخطيط والمكر لتصفية هذه القضية المباركة، ويشارك حكام المسلمين ورجالات السلطة بجهودهم الخيانية لتمرير تلك المخططات، بأساليب ووسائل عدة منها الناعمة وأخرى خشنة.
قليل من الناس من يدركون أن المبدأ الرأسمالي يحمل أسباب موته في ذاته، فحجم الحريات، والطفرة المادية التي صنعها في حياة المجتمعات، شكلت أضواء صاخبة جعلت الكثير من الناس
بالرغم من عظم التضحيات وشدة المعاناة التي يكابدها أهل فلسطين، وبالرغم من العدد اللانهائي من "القرارات الدولية" المتعلقة بفلسطين ومثلها تلك المؤتمرات الطارئة والعادية المنعقدة من أجل القضية، في محاولة من أصحاب تلك القرارات ومن أولئك المتآمرين لحل القضية حلا عادلاً كما يزعمون، لا زالت قضية فلسطين تراوح مكانها ولا حل لها.
تسعى الدول دائماً لأن تبسط سيادتها، ونفوذها على مناطق ومساحات أبعد من حدودها، سواء إقليمياً أو دولياً لتأمين مصالحها، عبر القوة حيناً، وبالسياسة أحياناً أخرى، ولتحقيق ذلك فهي تسعى لبناء الصداقات، وعقد التحالفات، وتقليل الأعداء، والاجتهاد
إن الأوضاع السياسية في المنطقة، والمتغيرات التي رافقت قيام كيان يهود الغاصب على أرض فلسطين معلومة، وكذلك الظروف التي أُنشئت بها الدول الوظيفية في البلاد الإسلامية ككل، ومنها الدول العربية بشكل خاص معلومة أيضاً، والتي تمثلت بإسقاط دولة الخلافة العثمانية،
يقف الكثيرون ممن يحاولون إيجاد الحلول لمعالجة أزمات غزة المتلاحقة عاجزين عن إحراز أي نجاح يُذكر، أزمات بعضها فوق بعض لم تدع جانباً من جوانب الحياة إلا وأصابته، التعليم والصحة والخدمات بشكل عام أقل من الحد الأدنى، وأصغر معاملة يمكن أن تستغرق أياماً، المياه غير صالحة للاستخدام الآدمي بحسب دراسات محلية ودولية، الكهرباء وما أدراك ما الكهرباء، من جهة مشكلة توفير الوقود، ومن جهة جدول ساعات الوصل والقطع
بينما تعيش الأمة على امتداد جغرافيتها حالة من التشتت والضياع، ويخيم عليها الحزن والبؤس من كل جانب، وتنهشها الكلاب الضاريات من أطرافها، ومن قلبها فما أبقت في جسدها شبراً إلا وأثخنته جراحاً، وتركته ينزف دماً، حرصنا على أن نلفت الأنظار نحو بقعة الضوء في نهاية النفق، واجتهدنا أن نحمل قناديل النور التي تنير للناس طريقهم إلى غايتهم، فرفعنا شعار "الخلافة نصر من الله وفتح قريب"، وكلنا ثقة ﴿إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ﴾.
في ظل حالة التردي التي تعيشها المنطقة، وتغوّل القوى الاستعمارية على أمتنا الإسلامية، ينهزم البعض، ويصاب بقصر النظر، وسطحية التفكير، مبرراً ذلك بواقعية الرؤية، وعملية الحلول والمعالجات، وفي هذا الإطار تتعالى بعض الأصوات النشاز هذه الأيام بإمكانية التفاوض مع يهود، وعقد تسوية ما عبر هدنة طويلة أو قصيرة الأمد، والمبررات والأسباب لذلك لا تكاد تنتهي، ولكن أبرز ما يُسوقون به أطروحاتهم في هذا الشأن هو المسوغ الشرعي، وعدم وجود موانع شرعية لذلك، مع استدعاء نماذج وتجارب تاريخية لمعاهدات تم عقدها بين المسلمين وأعدائهم على مر العصور، وهو ما سنحاول التعرض له في مقالنا هذا كي نوضح المسألة ونجلي الأمر، ونزيل الغشاوة
بعد هدم دولة الخلافة سنة 1924م، وتقسيم تركة الدولة العثمانية بحسب الاتفاقية الاستعمارية بين وزيري الخارجية البريطاني مارك سايكس والفرنسي جورج بيكو، إلى دويلات كرتونية هزيلة، نُصب عليها حكام عملاء، وأقيمت فيها أنظمة حكم وظيفية تستمد أسباب حياتها ومقومات وجودها من دعم الدول الاستعمارية منذ ذلك الحين إلى يومنا هذا.
للاطلاع على احدث ما ينشر من الاخبار والمقالات، اشترك في خدمة موقع جريدة الراية للبريد الالكتروني، وستصلك آخر الاخبار والمقالات بدون ازعاج بإذن الله على بريدك الالكتروني