بعد أن ضرب الزلزال المدمر مناطق واسعة في سوريا وتركيا، مخلفاً خسائر فادحة بالأرواح والممتلكات، حيث قُتل وجُرح عشرات الآلاف وانتكبت مدن بأكملها على الجانبين، حُق لنا أن نقف على تداعيات هذا الحدث الجسيم لنستخلص منه العبر.
أما في تركيا فقد نقلت قناة الجزيرة أن عدد المباني المنهارة فيها تجاوز 75 ألف مبنى، وقد تم توقيف المئات من المقاولين ووجهت لهم تهم البناء المخالف لمعايير مقاومة الزلازل المعتمد من الحكومة، وهو يدل على مدى الإهمال الذي يتحمله النظام التركي بعدم تشديد المراقبة على جودة البناء وموافقته للمعايير.
كما رأينا النظام التركي يستغل حادثة الزلزال ليدفع بالمتضررين من أهل الشام إلى مغادرة تركيا حيث فتح باب الإجازات وشرط على المغادرين قبل ثلاثة أشهر ثم عدلها للشهر. ثم راح يروج إعلامياً بأن الخارجين قد عادوا طوعياً مستخدماً ذلك كورقة انتخابية. يُذكر أن عدد المغادرين باتجاه سوريا تجاوز 40 ألف سوري حتى هذه اللحظة.
أما فيما يخص المساعدات المطلوبة لفرق الإنقاذ في شمال سوريا فقد منع النظام التركي ومن ورائه الدول الغربية المعادية للثورة دخول أي مساعدات حتى اليوم الخامس من وقوع الزلزال حتى يتأكدوا من موت جميع من هم تحت الأنقاض، في صورة تكشف حقيقة المجتمع الدولي وأنه كاذب في ادعائه الإنسانية وحقوق الإنسان ونجدة المتضررين.
في حين رأينا العشرات من الدول تهرع لإرسال المساعدات للنظام السوري المجرم رغم أن أضرار الزلزال كانت أقل بكثير في المناطق التي يسيطر عليها، وكانت الغاية من الهرولة باتجاهه والتطبيع معه هي إعادة تدويره، كل ذلك بتوجيه أمريكي واضح، حيث أكد المتحدث الرسمي باسم الأمين العام للأمم المتحدة، ستيفان دوغاريك، أن النظام السوري وافق على فتح معبرين إضافيين لتمرير المساعدات الإنسانية من تركيا إلى الشمال السوري، تضاف لمعبر باب الهوى.
فما غاية الأمم المتحدة من الترويج لضرورة موافقة أسد على فتح معابر بين تركيا والمناطق المحررة في الشمال والتي هي مناطق خارجة عن سيطرته؟! وهو ما يشير إلى فكرة تدويره والتهيئة إلى إعادة المناطق المحررة فعلياً في المستقبل القريب لسيطرته، وهو ما يسعى له النظام التركي عراب المصالحة.
والدرس الأهم المستفاد من تداعيات الزلزال المدمر هو التكاتف العجيب بين أهل الشام في ظل هذه المحنة، ومشاركة الآلاف من المتطوعين في إنقاذ المنكوبين، حيث نظموا صفوفهم ضمن الإمكانيات المتاحة، وقد تدفقت المساعدات من قرى وبلدات ومدن المحرر جميعها باتجاه المناطق المنكوبة، وانطلقت الحملات التطوعية لمساعدة المحتاجين في مشهد رائع من الأخوة الإسلامية والاعتماد على الذات في ظل تخاذل دولي شامل.
وهذا الحدث يجب أن يشكل لدينا قناعة أن العمل الجماعي هو طوق نجاتنا، وهو العمل المثمر الذي به ننتصر في ثورتنا عندما يقوم الثوار، كلٌّ في منطقته، بتنظيم صفوفهم ويشكلون كتلاً ثورية مدنية وعسكرية، ثم تتواصل هذه الكتل مع بعضها لتشكل جسماً ثورياً كبيراً يتمسك بثوابت الثورة ويستعيد قرارها ليتم استبدال مركب الثورة الحالي المهترئ، والخروج بمركب جديد له قيادة سياسية وعسكرية مخلصة ترنو إلى إسقاط نظام الإجرام في دمشق وإقامة حكم الإسلام على أنقاضه، وإن نصر الله قاب قوسين أو أدنى لمن حقق شرطه وسعى له بجد وإخلاص.
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ﴾
بقلم: الأستاذ أحمد الصوراني
رأيك في الموضوع