"نفذت جمعية العطاء الخيرية بالشراكة مع طاقم شؤون المرأة، وبتمويل من مؤسسة "ميكا" ومقرها بريطانيا مبادرة "الرياضة من أجل فتيات فلسطين" في بلدة بيت حانون والتي هي الأولى من نوعها بغزة، وشاركت فيها فتيات أعمارهن بين 12 و15 عاماً، هدفها تسليط الضوء على حقوق الفتاة الفلسطينية وخصوصاً المناطق المهمشة في قطاع غزة، إضافة إلى ما تحمله من رسائل دعم للقضية الفلسطينية".
من الواضح أن الحركات والجمعيات النسوية التي انتشرت في البلاد الإسلامية ومنها العربية بشكل كبير وملحوظ واتخذت أسماء وأساليب مختلفة هي من أساليب الحرب ضد المرأة المسلمة!! ولو ألقينا نظرة فاحصة على أهداف هذه الجمعيات وبرامج أعمالها لتبين لنا أنها أسلوب من أساليب حرب الأفكار، وأن الدور الذي تلعبه هو دور مشبوه وخطير. فهي تابعة ومموَّلة من الغرب الكافر الذي يستميت في العمل للحيلولة دون عودة الإسلام إلى واقع الحياة.
فهي تركز في بداية وجودها على تقديم خدمات الرعاية للفقراء من توفيرٍ للحاجات الأساسية والصحة والتعليم وتقديمٍ للمساعدات عند حدوث كوارث طبيعية كالفيضانات والمجاعات والحروب وما ينتج عنها من أعداد كبيرة من اللاجئين، وعلى مرّ الزمن ازدادت هذه المنظمات بكثرة وتنوعت أدوارها وبرامجها وأنشطتها، وأمدّتها الدول بالأموال لتنفيذ أجندات تخريبية في بلاد المسلمين، فأصبحت تهتم بقضايا أخرى كالبيئة والعدالة (الاجتماعية) والمرأة والشباب والطفل وحقوق الإنسان والديمقراطية والعنف... الخ.
وعادة تبدأ هذه المراكز مشوارها ببرامج ترفيهية لا فكرية، وأحيانا يلحقها توزيع مواد غذائية وحاجات أخرى على الأسر المحتاجة والأيتام، وإذا ما اطمأنت النساء إليها وأصبحن يرتدن المكان كشفت هذه المراكز الخبيثة عن خططها الماكرة وبدأت تبث سمومها في عقول نسائنا بالتزامن مع البرامج والدورات الرياضية واللياقة والطبخ والأشغال اليدوية التي تُدِرُّ ربحا على النساء، وكثيراً ما يلحق بالمراكز رياض أطفال ودورات مساعدة لدراستهم ومخيمات صيفية وأماكن لهو وترفيه، كل ذلك تشجيعا للمرأة على الحضور إلى المراكز وهي مطمئنة على نفسها وأطفالها!
وكان لفلسطين نصيب وافر من تلك الجمعيات، ومنذ التوقيع على اتفاق أوسلو في العام 1993 وبعد قدوم السلطة إلى فلسطين بدأت وتيرة النشاط النسوي في التزايد بشكل كبير جدا حيث انتشرت لتشمل مختلف المدن والقرى والمخيمات الفلسطينية، بمختلف أنواع الأنشطة الصحية والثقافية والإنسانية، ويبلغ عددها الآن الآلاف. ولها دعم أوروبيّ ودوليّ سخي. ولو تتبعنا هذه المنظمات النسوية ومشاريعها لوجدناها لا تخضع إلا لرقابة الجهة المانحة الساهرة على تنفيذ أهدافها! فإن كان الممولون يريدون مثلا تسويق مفهوم الديمقراطية تشكَّلت عشرات الجمعيات منها، وإن كانوا يريدون جمعيات تتعلق بالمرأة أو بالطفل تشكل كم كبير منها! وإن رغبوا بالتركيز على العنف تتشكل العديد منها تبحث فيه، ويكون هذا في إطار منمق من البرامج الترفيهية أو الإغاثية الخدماتية أو الدورات الرياضية والفنية لجذب النساء، حتى أصبح لدينا الآلاف من هذه المراكز والجمعيات في شتى المواضيع، تتبع أجندة من يمولها من الجهات المانحة خصوصا الاتحاد الأوروبي والبنك الدولي والوكالة الأمريكية للتنمية USAID وغيرها من مؤسسات.
ومما ينبغي ذكره أن الأطر النسوية هذه تفتقر أساساً إلى برامج عملية حقيقية تتعامل مع قضايا النساء في المجتمع الفلسطيني، حيث تركز هذه المؤسسات على قضايا شكلية كالعنف، والزواج المبكر والمساواة وغيرها من القضايا التي ليست هي فعلا المشاكل التي تؤثر على حياة الأغلبية العظمى من النساء. وعملت علـى وضـع برامج لها علاقة بنوع الجنس "الجندرة" مركزة على تحرر المـرأة ونيل حقوقها حسب المفهوم الغربي لتلك الحقوق مثل تحقيق المساواة بين الجنسين، وتشجيع النساء على المطالبة بحقوقهن من خلال زيادة برامج التوعية والتدريب التي تكسبهن المهارة والخبرة التي تسـاعدهن علـى الاستقلالية والتخلص من قوامة الرجل ورعايته.
ولا يقتصر هذا الواقع على الضفة الغربية بل وفي غزة أيضا نجد العشرات من المراكز والجمعيات النسوية الممولة من الغرب ومؤسساته التي لا تريد خيرا للمسلمين ولا تخدمهم إلا لغايات في نفسها. منها على سبيل المثال لا الحصر اتحاد المرأة الفلسطينية، ولجان المرأة، وجمعية الدراسات النسوية للتنمية، ومركز شؤون المرأة، وجمعية العطاء الخيرية التي أشرفت على هذه المبادرة الرياضية التي تبدو ظاهريا أنها للترفيه والتخفيف والتفريغ النفسي لهؤلاء الفتيات، ولكن في حقيقتها هي جزء من خطتها لإفساد فتيات الأرض المباركة، وهي دعم وترويج للثقافة الغربية الفاسدة، وضرب للمفاهيم الإسلامية والأحكام الشرعية ومحاولة لكسر حواجز الحياء والخجل عند الفتيات، مثل الماراثونات ومسابقات الرقص أو ما يطلقون عليه "الدبكة الشعبية" والغناء والموسيقى وعرض الأزياء بحجة الحفاظ على التراث الفلسطيني ودعم القضية الفلسطينية وإيصالها إلى العالم بطريقة "حضارية" خالية من العنف!!
مع العلم أن الرياضة والأنشطة للفتيات والنساء ليست مخالفة للشرع بحد ذاتها، بل تصبح كذلك إن صاحبها اختلاط أو إظهار عورات لا يقبله الشرع.. يعني الغناء أو الدبكة للصبايا، أو سباقات الركض والماراثونات أو المباريات إن كانت في أماكن مخصصة للنساء ومع النساء فهذا لا يتعارض أبدا مع الشرع.. فلماذا يجب أن نقرن "حرية المرأة" بمخالفتها للشرع؟!
ويمكن للمرأة أن تتعلم وتعمل وتتاجر وتدير شركات ومؤسسات، وتشارك في الحياة الخدماتية والثقافية والاقتصادية لكن ضمن ضوابط شرعية وضعها رب العزة وليس البشر.. فالإسلام لا يتعامل مع المرأة بشكل جامد أو ظالم.. فلها أن تمارس هواياتها ورياضتها بأنواعها وحتى أن تستعرض جمالها وملابسها وزينتها، لكن مع نساء وبينهن.. أم أن هذا لا يكون مقبولا وناجحا إلا إن كان هناك ذكور؟!! فالشرع لكل زمان ومكان، ولا يكون التطور والحضارة في مخالفته، بل تخلّفنا وعدنا إلى الخلف بسبب مخالفته.
وهنا نتساءل: ألم يكن من الواجب على من يتولى أمر الناس في قطاع غزة وهو قد رأى بعينيه ما اقترفته تلك الجمعيات من إفساد وتخريب في الضفة الغربية أن يمنع هكذا نشاطات في قطاع غزة؟! فصون المجتمع من الفساد والرذيلة أولى من إرضاء الغرب وجمعياته وأمواله.. فإن هذه المنظمات والحركات والجمعيات النسوية وما تخفيه من أهداف وما تقوم به من برامج لا تخدم إلا ذلك المُمَوِّل الذي يسعى لإفساد الأمة الإسلامية ويزعزع كيانها ويفكك الأواصر المجتمعية ليزداد تفرق أفرادها وتشرذمهم ليحول ذلك دون وحدتها ونهضتها وعودة دولتها الإسلامية المتمثلة بالخلافة الراشدة على منهاج النبوة، جعلنا الله من شهودها قريبا بإذن الله.
رأيك في الموضوع