الذي يغلب على الأمة الإسلامية اليوم أنها باتت تتمتع بوعي عام على أن الإسلام هو خلاصها، وباتت تعلم أن للإسلام نظاما سياسيا يعيد حضارة الإسلام العالمية إلى واقع الحياة ويعيد مجدها الذي تحلم به ليل نهار، وتعلم أن دينها هو الدين الحق، ولم تفقد الثقة في عقيدتها وفي شرع ربها، حتى لو كان وعيها على نظام الإسلام عاما وليس تفصيليا ولم تقف على تفاصيله وشروحاته، إنما لديها الرغبة الأكيدة في العيش تحت ظل نظام الإسلام.
وإن وجود مثل هذا الوعي العام في كافة أقطار المسلمين كفيل بأن يجعل الأمة الإسلامية هي الحاضنة الطبيعية لولادة دولة الإسلام الخلافة الراشدة على منهاج النبوة فيها بلا تردد، وكفيل أيضا بأن يطيح بالحكام العملاء وكلاء الاستعمار وأنظمتهم في بلاد المسلمين في حال انحازت جيوش المسلمين إلى أمتها، وانضمت إلى إرادة أمتها التي تتوق إلى التحرر من سطوة الغرب الكافر المستعمر وعملائه.
إن عودة ثقة الأمة الإسلامية بدينها كنظام حكم يعالج مشاكلها في جميع جوانب الحياة ولو بوعي عام غير تفصيلي، هو أمر ملاحظ وغير مسبوق منذ عقود. وهذا ما أشار إليه الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما متخوفا في قوله: "لقد تفاجأنا بالربيع العربي عندما طالب فيه الناس بالإسلام السياسي".
وهذا ما دعا سياسيي الغرب إلى دق ناقوس الخطر بسبب عودة ثقة الأمة الإسلامية بالإسلام السياسي على حد قولهم في مرحلة لم تكن مسبوقة من قبل، حتى إن بعض مفكريهم السياسيين مثل السيناتور الجمهوري المدعو جورج فريدمان عندما استشعر خطورة هذا الأمر دعا دول الغرب الكافر وعلى رأسها أمريكا إلى بذل كل الجهود لإعادة الأمة الإسلامية إلى حالة التوهان التي كانت قبل خمسينات القرن الماضي حسب قوله لجعلها تفقد ثقتها بالإسلام السياسي الذي قوي في العقود الأخيرة.
ومما يدل على تخوف الغرب بشكل واضح من تمسك الأمة الإسلامية بدينها وثقتها به كنظام سياسي وخوفا من عودة الخلافة على منهاج النبوة في بلاد المسلمين، هو دعوة أمريكا أنظمة العالم العربي في الخليج وغيره إلى تشكيل حلف عسكري سمي بالناتو العربي بحيث تكون أمريكا هي العضو البارز فيه والمشرف على أعماله. حيث طرحت أمريكا هذا الأمر منذ أيلول الماضي 2018 بشكل جاد، لجعل جيوش حلف الناتو العربي في المنطقة تقف نيابة عنها وعن الغرب في وجه مشروع الأمة الإسلامية وللحيلولة دون أن تكون جيوش المسلمين منحازة لأمتها وللمخلصين من أبنائها.
إن الأمة الإسلامية لن تحيا إلا بدينها ولدينها مهما حاول الكفار والفجار وعملاؤهم حكام المسلمين ثنيها وصرفها عنه، وإن لديها قناعة تامة بقدرة الإسلام على حل مشاكلها السياسية والاقتصادية والاجتماعية من خلال دولة تطبقه.
إن هذا الوقت الذي نجد فيه الأمة الإسلامية تتلمس الخلاص وأنها لن تثق إلا بالإسلام كنظام حياة في زمن أفول مبادئ البشر كالاشتراكية والديمقراطية وغيرها، إنما هو وقت تحرك أهل القوة والمنعة من جيوش المسلمين لنصرة مشروع الأمة الإسلامية المتمثل بإقامة دولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة، فتنحاز هذه الجيوش إلى أمتها التي هي بمثابة أمّهم، ويعودوا إلى حضنها ويتجنبوا عقوقها، ويتجنبوا سخط الله جراء حمايتهم لأنظمة الكفر والخيانة والعمالة في البلاد الإسلامية التي اتخذت من نفسها وكيلة لمشاريع الغرب الكافر المستعمر، ويعطوا بيعة الحكم لحزب التحرير، الرائد الذي لا يكذب أهله، على إقامة دولة الخلافة الراشدة، والذي يعمل في الأمة ليل نهار دون كلل ولا ملل واثقا في أمته أنها لن ترضى بغير الإسلام دينا، عاملا جادا في الأمة لإعادة السيادة للشرع من خلال دولة تحكم به، وإعادة سلطان الأمة المغتصب من شرذمة من حكام عملاء للغرب... ليعود الإسلام نظام حياة مطبقا على أرض الواقع، وهو ما تسعى الأمة إليه بمعية حزب التحرير أكثر من أي وقت مضى. بل تتوق هذه الأمة إلى خلافة مثل خلافة أبي بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم جميعا، خاصة عندما يستذكر المسلمون العدل والعزة والهيبة الشامخة التي كانوا يتمتعون بها بين الأمم آنذاك.
فيا أيتها الجيوش في البلاد الإسلامية؛ أجيبوا داعي الله، أجيبوا نداء حزب التحرير ونداء أمتكم لتكونوا أنصار الله كما كان سعد بن معاذ وأسعد بن زرارة من أنصار الله ورسوله. فالأمة تناديكم لنصرة دينها بإقامة دولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة على أنقاض أنظمة الخيانة والعمالة التي لولاها لما استقر للغرب الكافر في بلادنا قرار.
بقلم: الأستاذ أحمد عبد الرحمن
رأيك في الموضوع