(مترجم)
في الفترة من 23 إلى 25 أيار، قام مركز حقوق الإنسان (ميموريال) بالتعاون مع صحيفة (نوفايا غازيتا) الروسية وبدعم من مجموعة الأزمات الدولية بعقد منتدى للنقاش في موسكو بعنوان "المشاكل وأفضل الطرق للتصدي لتطرف الشباب في شمال القوقاز"، حيث حضر هذا الحدث المدافعون البارزون عن حقوق الإنسان والمحامون والعلماء بالإضافة للصحفيين، وكان الموضوع الرئيس لهذا الحدث هو قمع قوات الأمن للمسلمين في كل من شمال القوقاز وجميع أنحاء روسيا بشكل عام، والمشاركون في هذا الحدث تناقشوا في ضوء فكرة أن "تطرف" المسلمين في روسيا يعود سببه لسياسة القمع التي يتبعها النظام والانتهاكات الصارخة لحقوق المسلمين وتعذيبهم، وتلفيق القضايا الجنائية لهم، واضطهاد معتقداتهم وحظر أنشطة المنظمات الإسلامية، وما إلى ذلك...
لم يتجاهل المشاركون في المنتدى مسألة اضطهاد حملة الدعوة الإسلامية الذين يدعون لاستئناف الحياة الإسلامية من أعضاء حزب التحرير، الذين هم الأكثر اضطهادا في روسيا، بل ويشكلون جزءا كبيرا من قاعدة بيانات السجناء السياسيين التي وضعها ناشطون في مجال حقوق الإنسان. وقد قالت (إيرينا ستارودوبروفسكايا) رئيسة الاتجاه العلمي "الاقتصاد السياسي والتنمية الإقليمية" في معهد غايدار: "على سبيل المثال؛ هناك أشخاص يريدون بناء الخلافة... إذا كانوا يطمحون لذلك ولم يتخذوا إجراءات لتأسيسها هنا من خلال العنف، فبالتالي بناء على طريقة الراديكاليين في التفكير فلا يمكن اعتبارهم متطرفين". كما قال (أوليغ أورلف) عضو مجلس إدارة "ميموريال" للجنة حقوق الإنسان بأن آراء أنصار الخلافة لا يمكن اعتبارها جريمة حيث قال: "إذا اعتقد الناس بأن أسلوب الحياة هذا مناسب لهم كالخلافة على سبيل المثال، فإنه وبشكل واضح سيصل المجتمع ككل لهذا الأسلوب عاجلاً أم آجلاً، وبالتالي لا يمكن اعتبار رغباتهم على أنها آراء متطرفة".
ومع ذلك، وبالرغم من الاعتراضات المستمرة للمدافعين عن حقوق الإنسان والصحفيين والخبراء؛ فإن الاضطهاد بتهمة الانخراط في حزب التحرير في تزايد مستمر. وحتى الآن؛ يقدر عدد الأشخاص المسجونين تحت هذا البند من القانون الجنائي الروسي بمئات الأشخاص في شتى أنحاء البلاد. ويمكن أن يصل حكم السجن على الأشخاص المتهمين بالعضوية في حزب التحرير إلى السجن المؤبد!. فحتى جرائم القتل الجماعي وآكلي لحوم البشر ومغتصبي الأطفال لا يحكم عليهم بهذه الأحكام في روسيا!!
في الوقت نفسه، تقوم السلطات الروسية كل شهر بإدخال المزيد من القوانين الجديدة ضد حملة الدعوة الإسلامية، وهكذا في 18 أيار/مايو اعتمد البرلمان الروسي في القراءة الثالثة لمشروع إدخال الإشراف الإداري على الرعايا المفرج عنهم والذين أدينوا بموجب مقالات (إرهابية) و(متطرفة). حيث ينص هذا القانون على المراقبة الإدارية للرعايا المدانين بارتكاب جرائم خطيرة ذات طبيعة (إرهابية) و(متطرفة)، ومن باب الرقابة؛ على الشخص مراجعة الشرطة من مرة إلى أربع مرات في الشهر، ويمكن أيضا أن تقيد حركته في أنحاء البلاد ويمنع من مغادرة المدينة أو مغادرة المنزل في أوقات معينة. ومن الجدير بالذكر أن مشروع هذا القانون قدم إلى مجلس الدوما في الدولة عام 2014. وتقول المذكرة التوضيحية لمشروع القانون الذي أعدته لجنة دوما المتخصصة في الأمن ومكافحة الفساد: "إن العديد من المدانين بارتكاب هذه الجرائم لا يتوقفون عن الأنشطة المتطرفة بعد إطلاق سراحهم، فحوالي 70% من مؤيدي الأساسيات الراديكالية من الذين أطلق سراحهم يشاركون في أعمال متطرفة". كما يعتقد إليكسندر فيركوفسكي رئيس مركز تحليل المعلومات (سوفا) أن هذا القانون سيؤثر على المدانين بسبب النشر على شبكات التواصل الإلكتروني والمدانين بسبب مشاركتهم في حزب التحرير، "إن هؤلاء المتهمين بالنشر على شبكات التواصل الإلكتروني تمت متابعتهم من قبل أعضاء في منظمات محظورة في روسيا، كحزب التحرير الإسلامي بشكل رئيسي" وما تبقى من الفئات فإنها قليلة نوعا ما.
تواصل روسيا جرائمها ضد المسلمين داخل أراضيها وخارج حدودها. وتتجلى هذه الكراهية التاريخية التي تمارسها الدولة الروسية تجاه المسلمين على مدى قرون في حروبها الاستعمارية في القوقاز وآسيا الوسطى وكذلك في منطقة الفولغا وسيبيريا والأورال. وعلى الرغم من هذه الكراهية للإسلام؛ فإننا نرى حكام المسلمين يتهافتون في السعي لإرضاء الطاغية بوتين بدلا من الدفاع عن الدين والأمة.
إن قمع المسلمين من قبل روسيا يمكن إيقافه فقط من خلال إقامة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة، التي ستوحد الأمة بأسرها وتعيد السيادة للإسلام والمسلمين، وتقودهم نحو التحرر من الذل والإهانة المنتشرة بشكل واسع. قال الله عز وجل:﴿كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ﴾.
بقلم: محمد منصور
رأيك في الموضوع