(مترجم)
أعلن الرئيس الفلبيني رودريجو دوتيرت القانون العسكري يوم 23 أيار/مايو في مدينة مراوي بمقاطعة مينداناو بعد يوم واحد من حصار مراوي المميت الذي ادعاه تنظيم الدولة. تعتبر مدينة مراوي مدينة إسلامية الأصل تضم نحو 200 ألف نسمة يعيش فيها المورو منذ قرون.
وفي العاشر من حزيران/يونيو الجاري، أفاد رابلر بأن المحامين في لاناو ديل سور فلبين أعربوا عن "استنكارهم الشديد" لما يزعم من انتهاكات للقانون العرفي في مراوي حول عمليات التفتيش غير المشروعة والمضبوطات في مدينة مراوي من قبل رجال الجيش والشرطة وغيرها من وكالات تنفيذ القانون مما يؤدي إلى فقدان وحرمان متفشٍ لممتلكات المدنيين الأبرياء. وأسفرت المعركة عن العديد من الوفيات وأدت إلى أزمة إنسانية في البلاد. ووفقا لحكومة الفلبين، أجبر أكثر من 330 ألف شخص على الفرار من ديارهم. ويعاني هؤلاء المسلمون من مورو أزمة غذائية. وقد هربت حوالي 475 عائلة إلى مبان حكومية لمدة شهر، إضافة إلى 1000 أسرة أخرى تعيش مع أقارب في البلدات القريبة التي تحتاج إلى مساعدات غذائية في نهاية شهر رمضان قبل عيد الفطر.
يعيش مسلمو مورو في جزيرتي سولو ومينداناو في جنوب الفلبين، وهاتان المنطقتان تعتبران من الناحية الجيوسياسية مناطق استراتيجية جدًا، فهذه الطرق تعتبر طرقاً للشحن العالمي والتجارة العالمية والمصالح العسكرية. وقد ساهم الموقع في لفت الانتباه والاهتمام بهذه المناطق، واستدراج كثير من المجموعات الراغبة في المشاركة والتدخل في شؤون المناطق، هذا أيضا قد ساهم بوجود خطابات مكافحة لـ(الإرهاب) تمنح شرعية الدخول إلى هذه المناطق للعديد من المصالح الغربية. ولفهم ما يحدث في هذه المنطقة، نحن بحاجة إلى تعميق التحليل من جانبين. أولاً، تاريخ محنة المسلمين في جنوب الفلبين وثانيًا ارتباط الجماعات الإجرامية مؤخرًا بمسمى الإسلام.
أولاً، نحن بحاجة إلى فهم التاريخ. ينبع الصراع الطويل في جنوب الفلبين من التنافس بين البعثات الإسلامية والنصرانية في جنوب شرق آسيا بعد القرن الثالث عشر الميلادي. في الماضي، كانت مينداناو مملكة مستقلة ثم في نهاية القرن الثالث عشر، وفد التجار المسلمون إلى المنطقة، ومنذ ذلك الوقت تطور الإسلام ونما جيدًا. وبحلول نهاية القرن الرابع عشر، وُجد حاكم إسلامي في مينداناو. وسولو التي تعتبر أيضًا مجموعة جسر واقعة في الجزء الجنوبي من الفلبين كانت طريقًا تجاريًا وأصبحت واحدة من القوى السياسية في القرن الخامس عشر. مثل مينداناو، دخل الإسلام ونما في سولو من خلال عرب يمرون بـــــ مالاكا، وبورنيو، والفلبين.
عندما وصلت إسبانيا مينداناو وسولو في 1565م، قامت بمهاجمة السلطنة الإسلامية لمدة تصل إلى 350 عاما. ومع ذلك، لم تنجح إسبانيا أبدا في حكم السلطنة الإسلامية. بعد أن خسرت إسبانيا في الحرب الثانية ضد أمريكا في عام 1898، تم تسليم الفلبين إلى أمريكا. كما تم تسليم مناطق مينداناو وسولو التي لم تسيطر عليها إسبانيا قط إلى أمريكا. تمرد المسلمون هناك ضد الاحتلال الأمريكي، وأخيرا في 20 آب/أغسطس 1899م، وقع سلطان سولو اتفاق سلام مع أمريكا. ولكن بعد ذلك في عام 1902، أنشأت أمريكا مقاطعة مورو التي شملت مينداناو وسولو. ومنذ ذلك الحين كانت سيطرة مانيلا على أراضي جنوب الفلبين مباشرة. ثم حتى الآن، كما هي الحال في العديد من البلدان التي غالبيتها غير مسلمين، كان مسلمو مورو يعانون من التمييز الشديد. وبالمقارنة مع أهل البلد غير المسلمين، فإن المسلمين اختلفوا كثيرًا عنهم. وذلك لأن الحكومة الفلبينية تعتبر المسلمين متمردين. وعلى الرّغم من أن منطقتهم تعتبر هي المنطقة الأكثر خصوبة والأغنى بالموارد الطبيعية في الفلبين، فإن الحكومة الفلبينية حظرت على المسلمين الحكم في أراضيهم والسيطرة على ثرواتهم.
ثانيا، نحن بحاجة إلى رفض إرفاق الجماعات الإجرامية وربطها بمسمى الإسلام. إن تجريم المسلمين الذين يكافحون ضد القمع ليس شيئا جديدًا يقوم به الغرب بذريعة محاربة (الإرهاب)، وقد اتهمت جماعات مثل جماعة أبو سياف وجبهة مورو للتحرير الوطني ووصفت بأنها (إرهابية) لفترة طويلة. ومؤخرًا كان (مجموعة موت) الاسم المستوحى من تنظيم الدولة قانونًا عرفيًا غير إنساني قائما ضد 330000 مسلم من المورو.
وعلى الرغم من صعوبة النضال الذي يعيشه المورو بسب التمرد في ظل وضعهم المحلي، فإن الأمة الإسلامية بحاجة إلى اتخاذ موقف، لذا يجب أن نرفض رفضا قاطعا جميع الأعمال الإجرامية التي ترفق باسم الإسلام، لأن العنف والقرصنة والتزوير أو أي عمل إجرامي آخر محظور بشكل واضح من قبل الإسلام. إلى جانب ذلك، يجب على الأمة الإسلامية أن تواصل انتقادها بشدة للقانون العسكري (مكافحة الإرهاب) كحل لمراوي، لأن عملهم هذا هو في الواقع خدعة رخيصة لاستهداف المسلمين ونشر الإسلاموفوبيا. ومن الواضح أن أزمات المسلمين المورو، تجعلهم هم الضحايا الرئيسيين، وليس الآخرين. والشي نفسه إذا ما وسعنا مدى نظرنا، حيث أصبح المسلمون دائما ضحايا لا قيمه لها، تقريبا في كل مشاريع مكافحة (الإرهاب) على الصعيد العالمي.
* عضو المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
رأيك في الموضوع