(مترجم)
في نهاية تموز/يوليو، تعرض الممثل الهوليوودي نيكولاس كيج للعديد من الانتقادات والإهانات لحضوره مهرجان الأفلام الأوروآسيوي كشخصية مهمة في كازاخستان - وهي دولة في آسيا الوسطى معروفة بنظامها القمعي لحقوق الإنسان. وقد أدان مدير مؤسسة حقوق الإنسان وجود كيج في الحدث واعتبر تصرفه عاراً على الإنسانية. ومؤخرا قامت السياسة الخارجية بإصدار تقرير مثير بعنوان "مستقبلنا سيكون تطرفا عنيفا" حيث درس ظاهرة كازاخستان - الدولة الأكثر استقرارا في آسيا الوسطى والتي يتهددها باستمرار خطر ما يدعى بـ(المتطرفين الإسلاميين العنيفين).
وقد سلط الخبران الأضواء على كازاخستان. ولهذا يجب على المسلمين حول العالم أن يدركوا ما الذي يحصل في آسيا الوسطى. حيث إنه ولمواجهة الإسلام، توجد أنظمة استبدادية تعمل من أجل الحفاظ على استقرار منطقة آسيا الوسطى، وهي منطقة حيوية لأمن روسيا. وكازاخستان هي واحدة من أكثر الدول ولاء لروسيا في المنطقة.
الوحشية: ما خلف قناع الاستقرار
اليوم لا يريد أي زعيم أن يظهر بمظهر "المستبد". وها هي الحكومة الكازاخستانية تقوم بصرف ملايين الدولارات من أجل إظهار صورة إيجابية للجمهورية ولرئيسها. فوسائل إعلامها تواصل نشر الأخبار حول نجاحات كازاخستان كقائدة للديمقراطية في آسيا الوسطى؛ فمنذ 33 عاما روّج الرئيس نور سلطان نزارباييف، كازاخستان على أنها منارة للاستقرار في منطقة تملؤها المشاكل، واستخدم هذه السمعة لجذب الاستثمارات والمصداقية للدولة على المستوى العالمي.
لكن يجب دفع ثمن الاستقرار بطريقة جميلة. والوحشية هي الثمن، حتى لو كان عليهم أن ينتهكوا حقوق الإنسان والدستور الذي وضعوه بأنفسهم. فأوزبيكستان هي أفضل مثال على الحكم بقبضة من حديد؛ فالديكتاتور المتوحش كريموف تولى السلطة منذ استقلال أوزبيكستان عن الاتحاد السوفييتي في 1989م، وقد فاز في كل انتخابات جرت، حيث إن العديد من الأوزبيك لا يذكرون أي انتخابات لم يفز فيها كريموف!
إن كريموف ليس بالحالة الشاذة عن جيرانه في المنطقة، فالمنطقة يحكمها حكام شيوعيون سابقون وأقوياء تولوا الحكم لفترة طويلة. أما الديكتاتور نور سلطان نزارباييف فقد حكم كازاخستان منذ 1990م، وذلك عندما ترأس الحزب الشيوعي المحلي. وتماما مثل كريموف، فإن سقوط الشيوعية في دولته جعله يغير شعاراته لكنه لم يخسر السلطة قط. ومن السهل تحديد أوجه الشبه بين الاثنين؛ فنزارباييف لم يفز بأي انتخابات دون أن ينتقدها المراقبون الدوليون. ففي 2015 نال 98% من الأصوات، ومنذ 2010 تبنى رسميا لقب "قائد الأمة".
حرب على الإسلام بسبب الخوف من الخلافة
بعد مرور 70 عاما على الإلحاد الذي فرضته الدولة، وجدت المنطقة نفسها على صلة بالعالم الإسلامي الأوسع، مما أشعل صحوة إسلامية عند العديد من أهل آسيا الوسطى. ولمواجهة هذه الصحوة، يصارع النظام الكازاخستاني المجرم وبكل صراحة الإسلام والمسلمين. فقد استغل نزارباييف الهجوم الذي حصل في اكتوبي في 2016م، وهو مركز رئيسي لصناعة الأنفاق يبعد 60 ميلا عن الحدود الروسية، استغله لتطبيق سياسة جديدة ضد الإسلام تحت ذريعة (الإرهاب) والتي تمكنه من اعتقال واتهام أي شخص يعارض سلطاته. وقامت خدمات الأمن المؤثرة في كازاخستان بتوظيف منهج أخرق من خلال استخدام سلطات مراقبة واسعة وتقوية قوانين الهجرة الداخلية التي ورثتها الدولة من الاتحاد السوفييتي. حيث إن الإجراءات الجديدة تتطلب من أي شخص إعادة تسجيل نفسه لدى السلطات إن أمضى أكثر من شهر في مدينة جديدة.
أما إنجازات نزارباييف فقاربت على مساواة وحشية إجراءات كريموف، حيث إنه ومنذ 2011 عُرف عنه منعه للمسلمين من أداء الصلاة بشكل عام في كل مؤسسات الدولة، بما في ذلك المكاتب الحكومية، والوحدات العسكرية، والمؤسسات التعليمية العامة؛ ومؤخرا في كانون الأول/ديسمبر 2016 منع نظام نزارباييف النساء المسلمات من ارتداء غطاء الرأس في المدارس بذريعة "تقوية التسامح الديني". كما قام بشن عمليات اعتقال واسعة ضد نشطاء مسلمين، بما في ذلك شباب حزب التحرير منذ بدايات الـ 2000.
إن هذا الجنون في محاربة الإسلام والمسلمين هو في الحقيقة متجذر من خوف روسيا من الخلافة. وقد تم توضيح هذا بشكل مباشر من خلال سيد نزارباييف - فلاديمير بوتين - في برنامج وثائقي تم إصداره مؤخرا في روسيا. حيث قال: "إنهم يعملون على إقامة الخلافة من جنوب أوروبا إلى آسيا الوسطى"، وقد أجاب بوتين "إن هذا لهو أعظم خطر".
إن بوتين على حق بالفعل، فأهل كازاخستان هم وغيرهم من مسلمي آسيا الوسطى يجب عليهم أن يعملوا لإقامة دولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة لتكون المصدر الحقيقي للسلطة لأمة محمد e. ولإنهاء هذه المأساة فإنه يجب عليهم أن يتوقفوا عن دعم أي حاكم مستبد كنزارباييف أو أي أنظمة ديكتاتورية عميلة لروسيا أو لغيرها من الدول الاستعمارية، قال r:«إِنَّمَا الإِمَامُ جُنَّةٌ يُقَاتَلُ مِنْ وَرَائِهِ وَيُتَّقَى بِهِ» (رواه مسلم)
رأيك في الموضوع