أعلن البنك المركزي المصري، مساء يوم الاثنين 13/03/2017، تسجيل التضخم الأساسي معدلا شهريا قدره 5% خلال شهر كانون الثاني/يناير الماضي مقابل 4.35% في كانون الأول/ديسمبر السابق له، وأضاف البنك - في بيان اليوم على موقعه الإلكتروني - أن المعدل السنوي للتضخم الأساسي المعد من قبل البنك ارتفع إلى 30.86% في كانون الثاني/يناير الماضي مقابل 25.86% في كانون الأول/ديسمبر الماضي، وكان الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء قد ذكر - في وقت سابق - أن معدل التضخم قد ارتفع خلال كانون الثاني/يناير الماضي بنحو 4.3 % مقارنة بشهر كانون الأول/ديسمبر السابق عليه، ليبلغ 227.5 نقطة، وأنه - سنويا - قد سجل في كانون الثاني/يناير 2017 (29.6%)، مقارنة بشهر كانون الثاني/يناير 2016.
ما أعلنه البنك المركزي وإن كان مؤشرا لما يعانيه أهل الكنانة من تضخم إلا أنه لا يعبر عن حقيقة الغلاء الفاحش الذي يعانيه أهل الكنانة حينما تصبح النقود في يدهم أوراقاً لا قيمة لها وبالكاد يأكلون بها ويشربون، فحينما يصبح ثمن الزيت الرديء 16 جنيها والأرز المتوسط 8 جنيهات والسكر 14 جنيها فكيف سيكون الحال إذا استمرت زيادة معدلات التضخم مع ثبات الدخول والرواتب؟!
وبعيدا عن نسب التضخم التي لا تتوقف زيادتها المضطردة والتي يشعر بها ويعاني ويلاتها أهل الكنانة والتي نعرف يقينا أنها نتيجة حتمية لتطبيق النظام الرأسمالي والخضوع لقرارات وإملاءات صندوق النقد الدولي، والتي ستظل تتنامى وتأكل ما تبقى لفقراء مصر من فتات الفتات، فهذا التضخم لا تعاني منه الطغمة الحاكمة التي تنفذ قرارات البنك الدولي وهي تعلم ما فيها من شقاء لأهل الكنانة، إلا أنها تعلم أن قرارات السادة واجبة التنفيذ ولو أدى لسحق أهل الكنانة!
من قاموا بتعويم الجنيه ورفع الدعم وزيادة الجمارك ورفع أسعار المحروقات والطاقة من كهرباء وغاز وغيرهما ليسوا ساسة بل مجموعة من اللصوص أتى بهم الغرب وجعل منهم نواطير ينفذون قراراته ويؤمنون له نهب ثروات البلاد والعباد، ولم يكفهم ما ينهبون بل يسعون لسرقة جهدهم وعرقهم بتلك القروض وهذه القرارات التي تجعلهم يعملون ليل نهار ليستطيعوا تحصيل ما يكفي لسد حاجاتهم الأساسية من مأكل ومشرب وملبس وتعليم ورعاية صحية، تلك الحاجات التي أوجب الشرع على الدولة أن تكفل إيصال رعاياها لحد الكفاية فيها بما لهم من حقوق في ثروات البلاد التي لا يعلمون عنها شيئا الآن في ظل نواطير الغرب! فمن يدري حجم مخزون النفط في مصر وحجم الإنتاج اليومي وحتى تلك البنود التي تنص عليها عقود الامتياز الممنوحة لشركات النفط العالمية عابرة القارات، ولولا ما فيها من إجحاف ونهب لثروات الشعوب وخوفهم من غضب الناس وسخطهم إذا علموها لما كانت بنودا سرية لا تجرؤ الحكومات على الكشف عنها، ومن يعلم ما هو الحجم الحقيقي لاحتياطي الذهب في مصر والتي نعلم حسب الإحصاءات الرسمية أن فيها ما يزيد على 120 منجم ذهب وأن منجم السكري وحده يعد من أكبر المناجم وأجودها وأقلها في تكلفة الاستخراج في العالم أجمع.
إن دولة كمصر وبحدودها الضيقة التي رسمها المستعمر فقط لا يمكن أن تعاني الفقر ولا أن ترى التضخم إلا في ظل الرأسمالية واللصوص المنفذين لها، ففيها من الموارد ما لا يتسع المقام لذكره، موارد هائلة أقلها الطاقة البشرية الجبارة القادرة وحدها على تحريك الجبال، فقط إذا وجدت قيادة مخلصة توجهها ومشروع حقيقي ينهض بها.
يا أهل الكنانة! إنكم خرجتم على هذا النظام لما عانيتم لعقود من بطش وقهر وتجويع وإفقار ولم يتغير في النظام شيء إلا رأسه ومنفذوه، بل زادوا سوءهم وأمعنوا في خدمة سادتهم في الغرب، وما كان هذا ليحدث لو كان لثورتكم قيادة مخلصة واعية تحمل لكم مشروعا حقيقيا لنهضتكم، وهذا ما مكن الغرب من سرقة ثورتكم والالتفاف على مطالبكم وإنتاج النظام الذي قهركم وأفقركم من جديد ليستمر في نهب ثرواتكم وسرقة جهودكم التي لم يبق لكم غيرها.
يا أهل الكنانة! إن خلاصكم مما أنتم فيه ليس بمجرد التظاهر على هذا النظام ولا بثورة لتغييره وإصلاح ما أفسده، بل أنتم في حاجة لأن تحملوا في يدكم مشروعا جديدا مغايرا قادرا على علاج مشكلاتكم فعلا، وليس أمامكم إلا الخلافة على منهاج النبوة التي يدعو لها حزب التحرير ويملك الجاهزية لتطبيقها بكل أنظمتها وعلى رأسها النظام الاقتصادي الوحيد القادر على إنهاء كل مشكلاتكم والقضاء على كل معاناتكم.
يا أهل الكنانة! هذا هو العلاج الحقيقي والوحيد لكل مشكلاتكم وعلى رأسها هذا التضخم الذي نعانيه، تطبيق الإسلام بكل أنظمته في خلافة على منهاج النبوة تعيد النقد لأصله الشرعي الذهب والفضة بقيمتهما الذاتية فيصبح ما لدى الناس نقدا له قيمته يحفظ للناس حقوقهم وجهدهم، وتقطع يد الغرب الناهبة لثروات البلاد والعباد وتعيد تقسيم الملكيات بشكلها الصحيح الذي أقره الشرع فتضع الملكية العامة التي يسلبها الحكام ويقدمونها نهبا للغرب الكافر بلا ثمن في شكل امتيازات التنقيب واستخراج النفط والذهب والمعادن، فتعيدها للأمة وتطرد تلك الشركات ومَن خلفها، وتقوم على استخراج هذه الثروات الهائلة والتي يكفي مورد واحد منها فقط لكي لا يبقى في مصر فقير واحد، لو وضعت في يد دولة خلافة تعيد توزيعها على الناس كما أمر الله عز وجل بالتساوي بينهم جميعا بغض النظر عن الدين أو اللون أو العرق أو الطائفة.
هذا فقط ما ينجيكم يا أهل الكنانة وأنتم على أعتاب ثورة قادمة ستأكل كل ما في طريقها، فلتكن هذه غايتها ولتحمله مشروعا ولتضع لها قادة رجالا من شباب حزب التحرير ليوجهوا ثورتها لتصبح عصية على السرقة والبيع ولتكون واعية على مؤامرات الغرب فاضحة له ولعملائه، بهذا فقط تنجو مصر مما هي فيه ولا يصير الحال إلى ما هو أسوأ، فالرأسمالية لن تتوانى عن مص دمائكم حتى آخر قطرة فيها، فسارعوا إلى ما ينجيكم ويخلصكم ويكتب لكم ولأولادكم السعادة في الدنيا والآخرة، وستذكرون ما أقول لكم وأفوض أمري إلى الله.
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ﴾
بقلم: عبد الله عبد الرحمن*
* عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية مصر
رأيك في الموضوع