بعد مخاض عسير وُلدت مفاوضات الكويت بين طرفي الأزمة في اليمن: الحوثيين مع الرئيس المخلوع علي صالح، من جهة، وحكومة عبد ربه هادي من جهة أخرى، وكان أهل اليمن يرجون منها وقفا لهذه الحرب العبثية التي لا يفهمونها، إلا أن ذلك الرجاء في طريقه إلى التحول إلى خذلان كبير، والحرب لم تنفك مستعرة بين الطرفين، ومواقف كليهما في المفاوضات لم تتزحزح قيد أنملة، بينما يعلن المندوب الأممي ولد الشيخ أن المحادثات كانت بناءة!!! وتم الإعلان عن تشكيل لجنة جديدة تلو اللجان السابقة لتقريب وجهات النظر.
أعلن وفد الحوثيين صراحة عبر ناطقه محمد عبد السلام أنهم لم يأتوا لتسليم الأسلحة والانسحاب من المدن إلا بعد اتفاق سياسي يقضي بالشراكة في السلطة، هكذا بكل وضوح، بينما أعلن الوفد الحكومي المفاوض أن لا حل سياسياً إلا بعد الانسحاب من المدن وتسليم الأسلحة. بينما يعلن ولد الشيخ وهو يقود عربة قطار المفاوضات أن المفاوضات في الكويت حول النقاط الخمس (تسليم الأسلحة والانسحاب والحل السياسي)، إلا أنه يعود ويقول أن ترتيب تلك النقاط ليس ملزما. وهكذا يسير قطار المفاوضات دون أن نعلم أين سيقف ولا حتى كم عدد محطاته!!!
المهم بالنسبة للأمم المتحدة أن يستمر قطار المفاوضات في السير، بينما تستمر الدول الكبرى في تلك الأمم بضخ مزيدٍ من الأسلحة إلى طرفي النزاع، وبهذا مزيد من الدمار لبلد لم يكن معمورا في الأصل، ومزيد من الدم المسفوك لشعب لم يكن أحد من حكامه على مدى تاريخه حريص على حقن دمه وصون كرامته.
انتقدت كثير من الصحف البريطانية حكومة كاميرون على مشاركة بريطانيا في الحرب اليمنية عن طريق مد الأسلحة والطائرات وتدريب الطيارين، بل وصل الأمر إلى البرلمان البريطاني وقدم الكثير من النواب جلسات استماع لحكومة كاميرون لمحاسبتها على المشاركة في حرب اليمن.
وفي الطرف المقابل قدمت منظمات حقوقية أمريكية شهادات على جرائم حرب تقوم بها السعودية بمعونة الولايات المتحدة وأسلحتها.
إلا أن الحرب مستمرة... وقودها أهل اليمن، ويشعل نيرانها قيادات الطرفين بأسلحة الغرب ودعمه السياسي، ثم تقوم المنظمة الدولية بإسدال ستارة وتخفي عن الناس بشاعة الحرب والدمار والموت، ليشاهد الناس طرفي النزاع وهم يجلسون في عربة قطار المفاوضات، بينما تمر عجلاته على أشلاء أهل اليمن.
يا أهل اليمن! ليس هناك خيانة أكبر مما تقوم به قيادات طرفي الحرب، إنهم يتقاتلون بأبنائكم من أجل اقتسام السلطة والثروة والنفوذ، إنهم يذبحونكم ليقدموكم قرابين ولاء للغرب الكافر، بريطانيا التي لا تفكر في التخلي عن أهم مستعمراتها الشرقية - عدن - وأمريكا التي لا تريد لها منافسا على ثروات العالم والهيمنة عليه.
يا أهل الإيمان والحكمة:
إيمانكم بالله يقتضي إيمانكم بوعده حيث يقول في محكم التنزيل ﴿وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الأَرْضِ﴾، فقد وعد الله عباده بالنصر والتمكين بشرط أن ينصروا الله وحده وأن يطبقوا شريعته وألا يتحاكموا إلى سواه.
وحكمتكم تقتضي بأن تلتفوا حول العاملين المخلصين لإقامة الخلافة على منهاج النبوة، من أبنائكم وإخوانكم، الذين يدعونكم لتحقيق بشرى نبيكم بإعادة الخلافة على منهاج النبوة، إذ قال عليه الصلاة والسلام «...ثم تكون خلافة على منهاج النبوة» رواه أحمد.
فانصروا العاملين لإعادتها من الذين لم يوغلوا في خيانتكم ولم تتلوث أيديهم بدمائكم، بل يعملون معكم لحقن الدماء وحفظ الأعراض وصون الأموال وإعزاز الحق وأهله ونيل رضا رب الأرض والسماء.
قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ﴾.
رأيك في الموضوع