عُقد اجتماع في القاهرة في بداية شباط/فبراير 2025م، ضم وزراء خارجية كل من الأردن، الإمارات، السعودية، قطر، ومصر، بالإضافة إلى أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، وأمين عام جامعة الدول العربية، لمناقشة التطورات الأخيرة في غزة والقضية الفلسطينية. جاء هذا الاجتماع في أعقاب اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة وتبادل الأسرى، بوساطة مصرية وقطرية، وبدعم من أمريكا.
هذه الاجتماعات، لن تؤدي إلى تغيير حقيقي في مسار القضية الفلسطينية، بل إنها تُعقد لتمرير سياسات تطبيعية مع الكيان الغاصب، وتكريس وجوده في المنطقة. وإن الترحيب باتفاق وقف إطلاق النار والإشادة بالجهود الدولية يعكس قبولاً ضمنياً باستمرار الاحتلال، وتجاهلاً لحقيقة أن الحل الحقيقي والوحيد هو تحرير كامل فلسطين. وأن دور البلاد المحيطة بها هو تحريك الجيوش، واقتلاع هذا الكيان المسخ من جذوره، واقتلاع كل ما يحول دون ذلك بدءا بأنظمة العمالة التي تحكم بلادنا.
إن الدعوة لتمكين السلطة الفلسطينية في غزة، والمناشدة بإعادة الإعمار، هي خداع لأهل فلسطين وللأمة وتفريط في قضاياها، وهي خطوات تُكرّس بقاء الاحتلال وتدعوه لمزيد من القتل والتدمير، وتبقي على الوضع الراهن دون تغيير. كما أن الدعوة إلى حل الدولتين، الذي يتبناه النظام الدولي، لا يعيد الحقوق لأصحابها، بل يبقي كيان يهود محتلاً لأرض إسلامية، ويعطيه شرعية برعاية أنظمة العمالة.
هذه الاجتماعات العربية والدولية، مهما تعددت، لن تعيد الحقوق ولن تحرر الأرض، بل إنها غطاء لتمرير سياسات التطبيع والتنازل عن حقوق المسلمين، ولا يرجى من ورائها خير. لذا، يجب على الأمة الإسلامية أن تعي خطورة هذه المخططات، ووجوب العمل الجاد لإفشالها، من خلال التمسك بثوابت الشرع، ورفض كافة أشكال التطبيع والتنازل، والسعي لإقامة الخلافة التي تعيد للأمة عزتها وكرامتها، وتحرر مقدساتها من دنس الغرب وعملائه.
إن هذه الاجتماعات ليست إلا مسرحيات سياسية تهدف إلى تهدئة الشعوب وإيهامها بأن هناك جهوداً تبذل لحل القضية الفلسطينية، بينما الحقيقة أن هذه الاجتماعات تعقد لتكريس الواقع الحالي، والحفاظ على مصالح الدول الكبرى وديمومة كيان يهود ودمجه في المنطقة.
الدعوة إلى إعادة الإعمار في غزة، لا يجب أن تكون بديلاً عن العمل الجاد لتحرير فلسطين. فإعادة الإعمار دون تحرير هي مجرد مسكنات تبقي الجرح نازفاً، وتعطي الاحتلال فرصة لالتقاط الأنفاس والاستمرار في سياساته العدوانية.
إننا ندعو الأمة الإسلامية إلى رفض هذه الاجتماعات والقرارات الصادرة عنها، والعمل على تبني مشروع إسلامي حقيقي يهدف إلى تحرير فلسطين كاملة، وإزالة الكيان الغاصب من الوجود. وهذا لا يتحقق إلا بإقامة الخلافة الإسلامية، وتحريك جيوش المسلمين للجهاد في سبيل الله.
إن قضية فلسطين هي قضية إسلامية، وتحريرها واجب شرعي على كل مسلم ولا ينظر إليها على أساس الوطنية ولا حدود سايكس بيكو التي رسمها المستعمر الذي زرع كيان يهود كقاعدة متقدمة له تبقي هيمنته على بلادنا وتمنع وحدتها وتكون في عيون الأمة هي العدو عوضا عنه، بل ينظر للأرض المباركة من زاوية الإسلام وعلى أساس عقيدته التي ترى بلاد الإسلام كلها بلداً واحداً إذا اعتدى العدو على أي أرض منه فلا شيء أوجب بعد الإيمان من دفعه، وهذا الوجوب يقع على أهل تلك الأرض أولا فإن لم تتحقق بهم الكفاية ولم يتمكنوا من دفع ذلك العدو واحتل تلك الأرض انتقل الوجوب على من يلونهم الأقرب فالأقرب حتى تتحقق الكفاية أو يعم الفرض الأرض كلها، هذا ما يجب على مصر وجيشها فهم الأقرب والأقوى والأجدر بذلك، يقول الكاساني في بدائع الصنائع "وإن ضعف أهل ثغر عن مقاومة الكفرة، وخيف عليهم من العدو، فعلى من وراءهم من المسلمين الأقرب فالأقرب أن ينفروا إليهم، وأن يمدوهم بالسلاح والكراع والمال؛ لما ذكرنا أنه فرض على الناس كلهم ممن هو من أهل الجهاد، لكن الفرض يسقط عنهم بحصول الكفاية بالبعض، فما لم يحصل لا يسقط".
أيها المخلصون في جيش الكنانة: إن حكامكم يشاركون فعليا وعمليا في إبقاء كيان يهود، وهذا ليس غريبا عليهم، فهم الذين ساعدوا في إيجاد هذا الكيان المسخ في قلب الأمة الإسلامية. أما الغريب حقا فهو موقفكم يا أبناء الجيوش. لماذا أنتم لا تزالون مصرين على ضبط النفس وإخوانكم يذبحون كما تذبح الشياه؟ لماذا أنتم لا تزالون متمسكين بحدود سايكس بيكو التي فرقت ومزقت أبناء الأمة الواحدة؟ أين مفاهيم الإسلام التي تجعل الحرب على أي مسلم حربا على كل المسلمين؟ فاخلعوا عنكم طوق الحكام العملاء وكونوا مع المخلصين العاملين لتطبيق الإسلام ليصل الإسلام بكم إلى الحكم كما أراد الله ويرضى لكم وأعلنوها خلافة راشدة على منهاج النبوة تكونون أنتم أنصارها وتتحركون بها ومعها نحو تحرير كامل فلسطين وكل أرض الإسلام المحتلة وتحوزون فضل الأنصار وشرفهم، فاللهم هيئ للأمة وحزبها الرائد ومشروع دولتها الحضاري أنصارا يبايعون على اقتلاع تلك الأنظمة واستعادة سلطان الأمة من جديد، ﴿انْفِرُوا خِفَافاً وَّثِقَالاً وَّجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾
بقلم: الأستاذ محمود الليثي
عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية مصر
رأيك في الموضوع