فيما بعد ثورة يناير والنداء الذي انطلق من ميدان التحرير (على القدس رايحين شهداء بالملايين) تعين على النظام المصري خدمة لمصالح أمريكا ومنها حماية وتأمين كيان يهود، وما ترتب على هذا من ضرورة تفريغ المناطق الحدودية معه، خاصة تلك التي تجاور قطاع غزة مع هدم الأنفاق التي فيها، ما يعزز حصار القطاع وألا يصبح هو أو أرض سيناء تهديدا للكيان الذي يعلن النظام المصري أن تأمين حدوده من مهام جيش مصر.
لهذا لجأ النظام بعد اصطدامه بقوى العشائر في سيناء إلى إيجاد حليف من بينهم يقبل أن يكون أداة تطوعهم وتقوم بأعماله القذرة في سيناء، فوجد ضالته في العرجاني أحد أبرز رجال قبيلة الترابين وبدو سيناء والذي ولد في الشيخ زويد لأب هو شيخ القبيلة وأم من خان يونس بقطاع غزة، والذي كان معتقلا لدى النظام قبل ثورة يناير بعد مناوشات بين بدو سيناء والأمن المصري الذي شدد الحصار عليهم بسبب اتهامهم بالمسؤولية عن تفجيرات طابا عام 2004 وشرم الشيخ عام 2005، والذي لم يكن يحلم بالجلوس مع ضابط صغير في الجيش المصري وجد نفسه فجأة يتصدر المشهد ويعمل مع الكبار، قطعاً من العملاء والخونة، بل صار واحدا منهم، وكل أعماله تصب في صالح النظام ومن أجل تثبيت أركانه وفرض سلطانه والقيام بما قد تعجز أجهزته الأمنية عن القيام به في أماكن عدة، وربما كان تداخله في رأس الحكمة في هذا الإطار خاصة بعد إنشائه ما يسمى باتحاد القبائل العربية في سيناء واختياره رئيسا له، ما يوجد له مدخلا مع أهل تلك المنطقة وجلهم من البدو وتتشارك أصولهم طبيعيا مع أهل سيناء ككل القبائل العربية وكل سكان بلادنا.
فالعرجاني ليس ملكاً لسيناء ولا منافسا للنظام ولا يسعى للانفصال بسيناء ولا يحلم برئاسة مصر كما يظن البعض ويروج، ولا حتى هو جزء من خطة ليهود أو مؤامرة تحاك على أرض سيناء. فهو ليس سوى واجهة وأداة لأعمال النظام القذرة في سيناء، وعصا غليظة يمسك بها النظام لضرب أهلها وتأمين يهود منهم والمشاركة في حصار أهلنا في الأرض المباركة، ولا أدل على ذلك مما نسب لشركاته التي كانت تتقاضى أموالا طائلة مقابل عبور أهل غزة إلى داخل مصر بتنسيق مع الدولة وبتصريح منها، وهو ما أقر به العرجاني نفسه ولم تنفه الدولة، فالعرجاني لا يخرج عن كونه مرتزقا فاسدا يستوي مع دحلان وحميدتي ومن خلفهما من مليشيات تصنعها الأنظمة لتستخدمها تجاه الشعوب.
أما الإمارات وتداخلها مع العرجاني فأمر آخر ولا يعني أبدا أن له ولاء لغير النظام المصري ولا يرقى حتى لمنافسته، وإن حاولت الإمارات معه في هذا السبيل، فمن المعلوم أنها تقوم بأعمال قذرة في البلاد الإسلامية لصالح بريطانيا، وهذا دورها في دعم قوات التدخل السريع في السودان رغم كونها قوات مرتزقة أمريكية. ودور الإمارات مع كيان يهود وهو قاعدة عسكرية أمريكية متقدمة في بلاد المسلمين، وكذلك في ليبيا حفتر وهو عميل أمريكا، وغيرهما، والجامع بين هذه الأعمال القذرة هو أن بريطانيا تريد أن يكون لها دور في هذه البلاد الموالية لأمريكا للتخريب عليها ما استطاعت بمال الأمة الذي يهدر لخدمة مصالحها.
والعرجاني وإن كان من المرتزقة والفاسدين من أزلام النظام، لكنه يظن أنه يستغل الإمارات ومالها الذي هو (زَيّ الرُّز) على قول رأس النظام! والإمارات والعرجاني يتذاكون على بعضهم بعضا، فالإمارات تظن أنها تشتريه، وهو يظن أنه يستغفلها.
ولكن يبقى أن العرجاني هو جزء من النظام المصري الفاسد ولا يقوم بأي حركة إلا تحت سمعه وبصره، هذا إن لم يكن يمثل لصالحه، ولكن لا بد له من استرضاء الإمارات، أي سيدتها بريطانيا بخدمة بعض مصالحها التي لا تتعارض مع مصلحة النظام وسيدته أمريكا.
خلاصة القول إن العرجاني هو جزء لا يتجزأ من نظام عميل لأمريكا خادم لمصالحها لا يجرؤ على القيام بعمل يهدد تلك المصالح، وبالتالي تغدق عليه الأموال وتسهل له طرق كسبها، وتفتح في طريقه طرق جبايته من الناس كما فعل مع أهلنا في غزة، والمليشيا التي يديرها هي في خدمة النظام وأعماله القذرة في سيناء، وهي كأي مليشيا سيئة السمعة ينتهي تسلسل قيادتها لأمريكا التي أوجدتها لأدوار محددة متى ما انتهت منها أو انتهت حاجتها لها، ولم تعد ذات فائدة أو أصبح وجودها مكلفا لها فسرعان ما تتخلص منها.
إن هذه الفئة الفاسدة قطعا لا تعبر عن أهل سيناء ولا عن بدوها ولا قبائلها، ولا عن ارتباطهم بدينهم وعقيدتهم، بل هي جزء من النظام الفاسد الذي يحتضنها ولا يرتع فيه إلا أمثالهم.
والعجيب هنا أن مثل هؤلاء الذين يضعون أنفسهم في فسطاط الغرب وعملائه من الحكام وغيرهم وتضيع أعمارهم في هذا السبيل، وفيه تتلطخ أيديهم بدماء المسلمين الزكية، ويشاركون سادتهم في كل موبقاتهم، لا يحسبون للآخرة ولا للوقوف بين يدي الله حساباً، بل تأخذهم الدنيا بزخرفها وزينتها ومتاعها القليل متناسين أن ما عند الله خير وأبقى.
بقلم: الأستاذ محمود الليثي
عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية مصر
رأيك في الموضوع