جدد وزير الأمن القومي في كيان يهود، المتطرف، إيتمار بن غفير، دعوته للسماح لليهود بالصلاة في المسجد الأقصى، معلناً أنه يريد بناء كنيس هناك، ما خلّف عاصفة من التهديدات والانتقادات والتحفظات الفلسطينية ومن كيان يهود على حد سواء. وبينما خرج مكتب رئيس وزراء كيان يهود، بنيامين نتنياهو، ومسؤولون وقادة أمنيون، بتصريحات ضد بن غفير، كتبت يديعوت أحرونوت "أنه لم يخترع العجلة، وأن مدرسة عسكرية للصلاة بُنيت هناك بالفعل بعد حرب الأيام الستة، قبل أن تسلّم (إسرائيل) المكان للأوقاف الإسلامية ضمن تفاهمات مع المملكة الأردنية". (الشرق الأوسط)
وكشفت هيئة البث الرسمية في كيان يهود، أن حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ستمول لأول مرة اقتحامات المستوطنين اليهود للمسجد الأقصى بمدينة القدس الشرقية. وقالت الهيئة في تقرير لها: "لأول مرة، ومن خلال وزارة التراث، ستقوم الدولة بتمويل جولات إرشادية في جبل الهيكل (الحرم القدسي الشريف)". وأضافت: "سيتم تخصيص مليوني شيكل (نحو 545 ألف دولار) للمشروع من ميزانية مكتب وزير التراث عميحاي إلياهو، ومن المتوقع أن تبدأ الجولات الإرشادية للمستوطنين في الأسابيع المقبلة".
إن الاعتداءات اليهودية بحق المقدسات مستمرة، فقد أعدت منظمة يهودية مجسما كبيرا لحائط البراق على أنه "حائط المبكى اليهودي" في متحف في حي بروكلين في نيويورك الأمريكية، وقد نظم حفل افتتاح رسمي شارك فيه وزير من كيان يهود، فيما تعهدت شركة الطيران اليهودية بنقل "أوراق الأُمنيات" التي ستوضع في المجسم لوضعها بين حجارة "المبكى" في القدس المحتلة، وهو ما يكرس أسطورة الهيكل المزعوم.
وصادقت سلطات الاحتلال على مخطط لبناء ضخم في ساحة حائط البراق بالقرب من جسر باب المغاربة في القدس المحتلة يطلق عليه اسم "بيت هليباه" لاستخدام المستوطنين الذين يدنسون حائط البراق بالإضافة للسواح الأجانب. ويتضمن قاعات استقبال ومركز معلومات ومعرضا للآثار، حيث ستصل مساحته قرابة 3700 متر مربع ومكون من ثلاثة طوابق بالإضافة إلى طابقين تحت الأرض...
هذه خطط يهود يقومون بها في العلن دون خجل ولا تردد وهذه خططهم وأفكارهم التي يصرحون بها ليل نهار.
أما موقف الأنظمة في بلاد المسلمين فهو كعادتهم موقف متخاذل خائن يكتفي بالشجب والاستنكار والتنديد لفظا، وهو متواطئ مع الغرب الكافر في التنازل عن المقدسات. كيف لا والجميع أقر على تدويل الأماكن المقدسة في القدس تبعا للخطة الأمريكية التي تم تقديمها لمجلس الأمم المتحدة كأساس لإقامة كيان يهود؛ أن القدس وبيت لحم أيضاً (بسبب الأماكن المقدسة الكثيرة الموجودة فيها) ستكون منطقة محايدة بإشراف الأمم المتحدة وتحت سيطرة مجلس يشكله سكان المدينتين، وحاكم أجنبي تعينه الأمم المتحدة، حسب هذا القرار الذي اتخذ بأغلبية الأصوات في 29 تشرين الثاني 1947!
وأما موقف يهود من الأفكار والخطط الأمريكية فهو الرفض ومقاومتها بشتى الوسائل؛ فهذا ديفيد بن غوريون قد عارض تلك المخططات ووقف في وجهها وسارع إلى نقل الكنيست إلى القدس، وأعلن بأن المدينة عاصمة كيان يهود؛ "القدس اليهودية جزء عضوي وغير منفصل عن دولة (إسرائيل)...".
أما موقف الإدارة الأمريكية فهو كما كان سابقا يرفض إجراءات كيان يهود ويصر على تنفيذ حل الدولتين ولكن أمريكا نتيجة الانقسامات الداخلية وانسجام المتطرفين من اليهود مع الحزب الجمهوري وتناغمهم معه فقد استطاعوا على أرض الواقع قتل حل الدولتين، وإن كانت أمريكا لم تتخل عنه لكنها أدخلت عليه بعض التعديلات حتى تجذب يهود نحوه إلا أن يهود قاوموه ولا يزالون. أما انسجامهم مع الحزب الجمهوري فقد أدى بترامب إلى اعترافه بالقدس عاصمة لكيان يهود والاعتراف بضم الجولان، ونحن نرى اليوم كم يحاول يهود استغلال الوقت وانتظار نتائج الانتخابات الأمريكية لعلها تأتي بترامب مرة أخرى لمزيد من التنازلات وفرض الأمر الواقع وتنفيذ صفقة القرن لمصلحتهم.
أما موقف الأردن صاحب الوصاية فالنظام في الأردن إنما أنشئ لحماية كيان يهود كدور وظيفي له وخدمة للغرب في أي مخطط ضد الأمة الإسلامية، وهو يدعي أنه صاحب وصاية على المسجد الأقصى في الوقت الذي نرى فيه الاقتحامات وتدنيس المقدسات دون موقف فعلي له! فقد قال رئيس الهيئة المقدسية لمناهضة التهويد، ناصر الهدمي، إن قرار كيان يهود الأخير يمثل تبنياً رسمياً لمخطط السيطرة الكاملة على الأقصى، وتجاهلاً صريحاً للوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية في القدس، والتي تضمنتها المواثيق الدولية. وبحسب الهدمي، فإن "حكومة الاحتلال بهذا القرار تُعلن أن الأقصى جزء من أرض (إسرائيل)، وتفرض سيادتها عليه بشكل كامل، ما يلغي أي سيطرة لدائرة الأوقاف الإسلامية". بل خرج وزير الخارجية وشؤون المغتربين أيمن الصفدي ليقول بكل وقاحة: "نحن في مواجهة احتلال وليس مطلوباً من الوصاية الهاشمية وإدارة الأوقاف في القدس أن تنهي الاحتلال"! وهو اعتراف صريح بأن دور الوصاية تحت الاحتلال وليس إنهاء الاحتلال، بل هو دور دعائي لأهداف سياسية، وفي حقيقته دور منسجم مع دور النظام في المحافظة على كيان يهود وتثبيته لا إنهاء وجوده.
إن فلسطين كل فلسطين اليوم في ظل حرب غزة والضفة وحرب الإبادة تعاني أشد أنواع الحروب قتلا ودمارا في الوقت الذي لا أقول تتخاذل الأنظمة والجيوش عن القيام بدورها المفروض شرعا، بل تتعاون هذه الأنظمة وتقدم كل أنواع الدعم لكيان يهود وتفتح أراضيها للقواعد الغربية لحماية يهود!
إن فلسطين كل فلسطين هي أرض إسلامية وقد فتحها الصحابي الجليل الفاروق عمر، وحررها البطل المجاهد صلاح الدين، وحافظ عليها السلطان عبد الحميد، وباعها خونة العرب في صفقة أمريكية أطلقوا عليها صفقة القرن. ولكن هذا الأمر لن يتم بإذن الله ففلسطين على موعد قريب مع التحرير واجتثاث يهود خاصة بعد أن برهن طوفان الأقصى المبارك مدى ضعف ووهن كيان يهود ومدى خيانة الأنظمة في بلاد المسلمين. نعم فلسطين على موعد مع جيش طاهر نقي متوضئ يقوده خليفة المسلمين، وكل ما هو آت قريب.
بقلم: الأستاذ عبد الحكيم عبد الله – ولاية الأردن
رأيك في الموضوع