منظمة شنغهاي للتعاون هي منظمة دولية سياسية واقتصادية وأمنية أوراسية. تأسست في 15 حزيران/يونيو 2001 في شنغهاي، على يد قادة ست دول آسيوية؛ هي الصين، وكازاخستان، وقرغيزستان، وروسيا، وطاجيكستان، وأوزبيكستان. وقع ميثاقها في حزيران/يونيو 2002، ودخل حيز التنفيذ في 19 أيلول/سبتمبر 2003. كانت هذه البلدان باستثناء أوزبيكستان أعضاء في مجموعة شنغهاي الخماسية التي تأسست في 26 نيسان/أبريل 1996 في شنغهاي.
وتتمحور أهداف المنظمة حول تعزيز سياسات الثقة المتبادلة وحسن الجوار بين الدول الأعضاء، ومحاربة الإرهاب وتدعيم الأمن ومكافحة الجريمة وتجارة المخدرات ومواجهة حركات الانفصال والتطرف الديني أو العرقي، والتعاون في المجالات السياسية والتجارية والاقتصادية والعلمية والتقنية والثقافية، وكذلك النقل والتعليم والطاقة والسياحة وحماية البيئة، وتوفير السلام والأمن والاستقرار في المنطقة.
انضمت كل من الهند وباكستان إلى المنظمة كعضوين كاملي العضوية في 9 حزيران/يونيو 2017 في قمة أستانة.
وقد تأسست مجموعة شنغهاي الخماسية في 26 نيسان/أبريل 1996 من خلال توقيع رؤساء دول الصين وكازاخستان وقرغيزستان وروسيا وطاجيكستان على معاهدة تعميق الثقة العسكرية في المناطق الحدودية، وكان ذلك في شنغهاي. وفي 24 نيسان/أبريل 1997، وقعت الدول نفسها على معاهدة الحد من القوات العسكرية في المناطق الحدودية في اجتماع عقد في موسكو.
هذه نظرة خاطفة وسريعة عن منظمة شنغهاي وقد كثر الحديث عنها بشكل واضح خاصة بعد التوسع الكبير في ضم دول كثيرة وقبول أعضاء جدد حيث يرى البعض أن هذه المنظمة هي مسعى صيني روسي مشترك في مواجهة النفوذ والتحالفات الغربية مثل حلف شمال الأطلسي (الناتو).
فهل صحيح تلك النظرة والتوقعات أم أن هذه المنظمة معدومة التأثير فاقدة لوحدة الرأي والتوجه؟
بداية إن الأعضاء في المنظمة يمثلون ما يقرب من 44% من سكان العالم، وتمتد من المحيط المتجمد الشمالي والمحيط الهندي في الشرق إلى المحيط الهادئ وبحر البلطيق في الطرف الآخر، وأكثر من 30% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي. ولديها أيضاً إمكانات اقتصادية كبيرة مع انضمام المزيد من الدول إليها أو إقامة شركات معها.
وعند النظرة الثاقبة في هذا العدد الكبير والتوسع في عملية الضم نجده خنجرا في أهداف هذه المنظمة ذات الحلم المستحيل والنظرة الوردية لمستقبل هذه المنظمة، فهذه الدول تفتقد للوحدة في الرأي السياسي بشكل كبير بل ومتناقض جدا وتضم في أعضائها دولا ذات عداء راسخ مثل الصين والهند، والهند وباكستان، ما يجعل أهدافها تتكسر على صخرة الواقع المأساوي والعداء التاريخي وانعدام الثقة بينهم.
وبنظرة سريعة مثلا للاتحاد الأوروبي الذي أُريد له أن يكون له موقف موحد وتأثير سياسي وعسكري واقتصادي وهو التكتل الأوروبي المستقل والدفاع الذاتي بنظر فرنسا الحالمة، نجد أن كثرة الدول كانت مسماراً في نعشه وليست قوة له. بل إن أمريكا هي من كانت تطالب بضم دول جديدة للمنظمة لمعرفتها بمآلات هذا الضم، فما بالنا إذا أضفنا إلى هذه المعضلة نقاطا مهمة وضرورية للبحث وأهمها:
أولاً: فقدان روسيا والصين لمقومات الدور العالمي بعيدا عن الحديث الحالم حاليا.
ثانيا: لا يوجد تأثير سياسي حقيقي لروسيا أو الصين على أغلب هذه الدول، بل إن بعض هذه الدول قرارها السياسي مرهون بيد أمريكا مثل الهند وباكستان مثلا، وبعض هذه الدول ذات خوف كبير من الطموح الروسي أو الصيني خاصة بعد غزو روسيا لأوكرانيا وخوف هذه الدول من التوسع الصيني في بحر الصين الجنوبي.
وكون هذه الدول مرتبطة بالتبعية لأمريكا ولها دور بالقرار والموافقة فلن تستطيع روسيا والصين فرض أو طرح أي توجه أو نوايا حقيقية للتنافس مع أمريكا، ولن تستطيع اتخاذ مواقف حقيقية لمصلحة الصين وروسيا ضدها وهي صاحبة القرار السياسي والنفوذ، من دول عميلة لها وتابعة، وسيكون وجود هذه الدول مقتلاً حقيقياً لأي توجه حقيقي يخدم مصالح روسيا والصين في تحقيق أهداف استراتيجية، ودول أوروبا الشرقية ذات الولاء السياسي لأمريكا خير دليل في منع أي توحد أوروبي مستقل، بل وكيف كان التوسع الأوروبي مقتلاً لفكرة الوحدة الأوروبية كما هو شأن وجود هذه الدول.
ثالثا: إذا كانت روسيا والصين تعقلان واقع هذه الدول العميلة وقامتا بضمها فهذا غباء مستفحل وقاتل، وإن كانتا لا تعقلان ذلك فإنهما لا تستحقان قيادتها.
رابعا: إن أمريكا ليست قدرا محتوما ولا دولة بقاء ثابت حتما في ظل الضعف السياسي والأزمات السياسية والمالية والاقتصادية والانقسام والشرخ بين المؤسسات والأحزاب الأمريكية، ولكن لمنافسة هذه الدولة ذات الأساس الذي نخره السوس تحتاج إلى دولة قوية تخالفها في هيكلة النظام الدولي والمؤسسات الدولية فلا تكون عضوا فيها ولا تؤمن بالدولار كعملة عالمية ولا تطالبها بتقاسم المصالح والفتات، بل دولة تحمل مبدأ يختلف عن مبدئها ونظرة تختلف عن نظرتها وتنطلق من وعي سياسي فلا تنشئ تكتلاً كحاطب ليل يجمع كل التناقضات بدول ذات سم زعاف أو تجعله مشلول الحركة بحيث يبقى هذا التكتل ضمن مساحة محددة لا قدرة له على التأثير والمنافسة. فإخراج أمريكا من الموقف الدولي يحتاج لدولة مبدئية ذات وعي سياسي عريق وأهداف سياسية واضحة، وهي دولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة.
لذا كان هذا التكتل والتحالف المستحيل بهذه الهيكلية والدول التابعة لأمريكا وفقدان البصيرة السياسية لقيادة هذه الدول مستحيلاً عليه تحقيق خطوة نحو المنافسة مع أمريكا بل سيدور حول نفسه، ولعل مآله مآل الاتحاد الأوروبي لأحلام فرنسا الوردية التي سببت لها الوقائع السوداء.
رأيك في الموضوع