كُشِفَ يوم الاثنين 10/04/2023م عن لقاء تم في صنعاء يوم الأحد 09/04/2023م جمع رئيس المكتب السياسي الأعلى مهدي المشاط بوفد سعودي برئاسة سفير الرياض لدى اليمن محمد آل جابر، وآخر عُماني برئاسة العقيد سيف الإسماعيلي، وحضور نائب وزير الخارجية حسين العزي ونائب رئيس الوزراء لشؤون الدفاع والأمن جلال الرويشان ومحمد عبد السلام الناطق الرسمي للحوثيين. ليكون هذا أول لقاء معلن بين الطرفين بعد عديد من اللقاءات السرِّيَّة في مسقط وصنعاء، لتتواصل اللقاءات بينهم لإعلان إيقاف ثمان سنوات من الحرب التي حققت نتيجتها بإقعاد الحوثيين على كرسي الحكم في صنعاء بدلاً من عبد ربه هادي، وليس لإخراجهم من صنعاء إلى حيث أتوا، وإعادة الحياة إلى طبيعتها برفع الحصار المفروض على الاتصال بالعالم خارج اليمن من مطاراته وموانئه بشكل كامل وتام، والبدء في عملية تبادل الأسرى لدى طرفي الصراع، وصرف مرتبات موظفي القطاع الحكومي، وتعويض صنعاء عما لحقها من آثار الحرب، وإعادة الإعمار. ومواصلة ما تم الاتفاق عليه في جولات التمهيد للمفاوضات في الجولات السابقة في مسقط.
غاب عن اللقاء رئيس وزراء حكومة الإنقاذ عبد العزيز بن حبتور وأعضاء حكومته بما فيهم وزير الخارجية هشام شرف وعضو المجلس السياسي محمد علي الحوثي، مع أن الوفدين العُماني والسعودي وصلا إلى صنعاء يوم السبت.
يأتي اللقاء بين الطرفين بعد عام على انطلاق الهدنة في نيسان/أبريل 2022م، التي يقترح تمديدها لستة أشهر قادمة، يجري خلالها إطلاق جولة جديدة من المفاوضات بين الحوثيين وحكومة عدن ممثلة بمجلس القيادة الرئاسي، التي لم تعترض على إجراء الرياض لقاء مع الحوثيين في صنعاء، بعد أن أحبط اتفاق الرياض المبرم في 05/11/2019م - بين حكومة عدن والمجلس الانتقالي - محاولات إشراك طرف ثالث. وسط ترحيب واشنطن التي اتصل مستشارها للأمن القومي جيك سوليفان في اليوم التالي لإعلان لقاء صنعاء، بمحمد بن سلمان، تناولا فيه وقف الحرب في اليمن، وإرسال مبعوثها ليندركينغ إلى المنطقة.
لا شك بأن الاتفاق بين الرياض وطهران في 10/03/2023م، الذي جاء في ظل ترحيب أمريكي ورعاية الصين الشريك التجاري الأول لكل منهما، قد ألقى بظلاله على الحرب الدائرة في اليمن، ودفع إلى سرعة وسلاسة التقارب بين الرياض وصنعاء، بدءاً بموافقة إيران على وقف شحنات السلاح السرية إلى الحوثيين بموجب الاتفاق، حسب ما نقلته بي بي سي عن صحيفة وول ستريت عن مسؤولين أمريكيين، وانتهاءً بتتويج لقاءات مسقط السرية بين الحوثيين والسعوديين بلقاء صنعاء المعلن.
إن ما يبعث على التساؤل هل أخرجت السعودية الحوثيين من صنعاء كما أعلنت عند إطلاقها الحرب العبثية على اليمن في 26 آذار/مارس 2015م وقيادتها غرفة العمليات؟ أم حققت لأمريكا ما أرادت من خلع عبد ربه هادي وتثبيت الحوثيين على كرسي الحكم ومنحهم الشرعية، ورفد الاقتصاد الأمريكي المنهار بتريليونات الدولارات على مدى سنوات الحرب الثمان، قيمة مبيعات أسلحة ومعدات عسكرية، وخدمات لوجستية عسكرية وتنصت على الاتصالات ومراقبة وتصوير على مدار الساعة للتحركات العسكرية؟! وجمعت السعودية تحالفاً من عديد أنظمة الحكم البائسة غابت عن جيوشها العقيدة القتالية، وبدلاً من توجه طائراتها لقتال كيان يهود المتاخم لها من جهة الشام في فلسطين، وجهتها لحرب اليمن! أُزْهِقَتْ فيها عشرات الآلاف من الأنفس ودُمِّرَتْ فيها آلاف المنازل، وشُرِّدَ فيها مئات الآلاف من الناس، ليخضع الناس في الأخير لوقف الحرب ويقبلوا بالحلول التي لم يكونوا يرضون بها من البداية.
لا ندري كيف مد الحوثيون أيديهم للسعوديين، الملطخة أيديهم بدماء المدنيين الأبرياء الذين قضوا في اليمن بقنابل طائراتهم وصواريخهم، وهم من كانوا يوعدون أتباعهم بفتح الرياض في طريقهم لقتال يهود في فلسطين وإخراجهم منها وتطهير المسجد الأقصى، ورفضهم التام للتطبيع والمطبعين مع كيان يهود، أم أنهم سينخرطون ولو بعد حين في طابور التطبيع معه؟ لا نقول إلا أن الحرب التي خاضها الطرفان كانت عبثية، وكان الأجدر أن تراق الدماء في قتال كيان يهود الذي يعيث هذه الأيام فساداً في المسجد الأقصى.
من الناحية الدولية يكون طرفا الصراع الدولي في اليمن - أمريكا وبريطانيا - قد وجدا أطرافاً محلية في اليمن، مسنودين بأطراف إقليمية تقوم بخدمتهم، وخاضا جولة من الصراع بينهما بغرض السيطرة على بقعة مهمة من بلاد المسلمين، وأوقفا الصراع بينهما وأجَّلاه لجولات قادمة، وتفرغا في مواجهة روسيا في حربها على أوكرانيا. وحافظا على استمرار الصراعات العسكرية الدامية بين المسلمين، ليزدادوا شرذمةً لبلدانهم، وينشئون أنظمة حكم جديدة، وتكريس العداوة فيما بينهم.
إن غياب دولة الخلافة عن الوجود والمشهد السياسي الدولي هو السبب الرئيس لِمَا يعانيه أهل اليمن اليوم من إبعادهم عن الحكم بالإسلام، وانخراطهم في حروب لعشرات السنين خدمة للدول الاستعمارية الغربية المتصارعة عليهم. ولن يستقيم حال أهل اليمن إلا بما صلح به أوله، بإقامة دولة الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة، ﴿وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ * بِنَصْرِ اللَّهِ﴾.
رأيك في الموضوع