قام المبعوث الأمريكي لدى اليمن تيم ليندركينغ يوم 04/03/2022م، بزيارة لمحافظة شبوة، لاستئناف إنتاج الغاز المسال في منشأة بلحاف الواقعة في محافظة شبوة على شواطئ بحر العرب. زيارة المبعوث الأمريكي جاءت عقب زيارة مندوبين عن شركة توتال النفطية الفرنسية يوم الاثنين 28/02/2022م إلى المنشأة، لإعادة تشغيلها بعد 7 سنوات من التوقف عن تصدير الغاز المسال، بسبب الحرب الدائرة في اليمن منذ أيلول/سبتمبر 2014م، إلى وجهتها الرئيسية كوريا الجنوبية. تســتحوذ توتال عــلى 51% من حصــة أسهم شركة غاز بلحاف المساهمة، إلى جانب كل من شركتي هنت وإكسون الأمريكيتين وهيونداي وكوجاز الكوريتين. منشأة بلحاف الغازية يَقْدُمُ إليها الغاز من قطاع 18 النفطي بصافر الواقع في محافظة مأرب المجاورة. موضوع استئناف تصدير الغاز من بلحاف بدأ في شهر كانون أول/ديسمبر 2021م بلقاءات في دبي بين شركة توتال وعبد السلام باعبود وزير النفط في حكومة معين عبد الملك.
تأتي زيارات شركة توتال والمبعوث الأمريكي إلى اليمن، لميناء بلحاف بهدف استئناف تصدير الغاز، ما يعطي انطباعا مباشرا بأن الزيارة مرتبطة بما يجري من اجتياح روسيا لأوكرانيا المجاورة يوم الخميس 03/03/2022م، وفرض عقوبات غربية على روسيا بإيقاف تصديرها الغاز المسال من حقولها باتجاه أوروبا، وإيجاد مصادر للغاز للشتاء القادم، المقدرة بـ5.3 مليون طن سنوياً من منشأة بلحاف، قابلة للزيادة إلى 9 مليون طن، "لم تكن في التقدير والحسبان مسبقاً ستضر بالإنتاج النفطي في القطاع 18"، كواحد من المصادر المتعددة لسد فجوة الاحتياج الأوروبي الكبير من الغاز. ومآرب أخرى لأمريكا التي تحدث مبعوثها إلى اليمن للوزير محافظ شبوة الجديد عن دعم عسكري أمريكي ومالي كبير للمحافظة، وعن حماية أنبوب النفط الرابط بين قطاع 18 النفطي بمأرب وميناء بلحاف بشبوة، الذي يكرس إيجاد موطئ قدم للقواعد الأمريكية في اليمن، وتكريس تفتيته، من خلال التعامل مع محافظة شبوة، وبحث عن مصادر اقتصادية تضعها في مواجهة أزمتها الاقتصادية الجديدة القريبة.
قصة منشأة بلحاف بدأت بالاتفاق الذي تم عام 1996م بين وزارة النفط بصنعاء وشركة توتال الفرنسية "العاملة في منشآت نفطية أخرى في اليمن"، بسعر زهيد قدره 3 دولارات للطن المتري، فيما سعره في السوق العالمي 12 دولاراً، وجاوز الـ40 دولاراً في العام 2021م. خفايا الأمور التي لا يعلمها كثير من الناس أن شركة توتال، قدمت لنظام علي صالح أموالاً وتسهيلات عسكرية احتاجها أثناء حرب صيف 1994م، فكانت مكافأتها بيعها غاز قطاع 18 النفطي وتصديره عبر منشأة بلحاف، وحرمان أهل اليمن من ملكية عامة مهمة، ليلحق الغاز بالنفط الذي حازته توتال وغيرها من الشركات الأوروبية التسع.
إن هامش الربح السنوي الصافي الظاهر من بيع توتال للغاز المسال يقارب 3 مليار دولار، إلى جانب 6 - 9 مليار دولار مخفية تم خصمها كسعر تكلفة إنشاء أنابيب نقل الغاز والاستخراج والتجميع والبيع، تحت مسمى نفقــات رأســمالية وتشــغيل للشركــةّ المشغلة. إن فارق ربح ارتفاع سعر الغاز المتوقع سنوياً 10 مليار دولار إضافية، ستجنيها شركة توتال فوق ما حققته من فارق بين السعر العالمي 12 دولاراً للطن المتري والسعر الذي اشترته 3 دولارات، ثلاثة أضعاف.
شركة هنت الأمريكية كانت منذ العام 1985م وحتى 2005م هي المكتشف والمستخرج للنفط من قطاع 18 بمأرب. ورفعت قضية أمام المحاكم الفرنسية بعد انتهاء عقدها، عام 2005م، حصلت بموجبها هي وشركة إكسون وهيونداي وكوجاز على حصة محدودة في الغاز المنتج من القطاع 18. الجدير ذكره أن شركة توتال كغيرها من الشركات الأجنبية النفطية كانت على مدى عقود من السنين تقوم بحرق الغاز المصاحب لاستخراج النفط في الحقول النفطية، رافضة تجميعه والاستفادة منه، متذرعة بأعذار واهية، حقيقتها تقديم رشوات زهيدة بملايين الدولارات لمن يقومون بتوقيع الاتفاقيات المجحفة معها.
أين عبد ربه وحكوماته المتعاقبة من 2012-2022م، أين من جاؤوا من 2014-2022م يرفعون المعاناة عن كاهل أهل اليمن، أم اقتصروا في القفز على الجدار القصير - حكومة باسندوه - أين هم من كل هذا العبث، تاركين المجرم الحقيقي وهي الشركات النفطية الأجنبية تبدأ بالنهب وتستمر بالعبث، المخالف لأحكام الإسلام جملة وتفصيلاً؟!
لماذا لم يباشر بعد علي صالح بإلغاء جميع الاتفاقيات التي أجرتها الشركات النفطية والغازية الأجنبية، ببساطة لأنها مخالفة للشرع؟ فالنفط والغاز والثروات المعدنية كالبحار والشواطئ والغابات ملكية عامة، لا يجوز تحويلها إلى ملكية خاصة أو ملكية دولة بتاتاً، فكيف بتمليكها للشركات الأجنبية لحصة مما هو مخزون في باطن الأرض؟! فقد استرجع رسول الله الملح من أبيض بن حمال المأربي، وهو مسلم، لأنه الماء العِّد الذي لا ينقطع. إن لم تعر المسيرة القرآنية انتباها لما وقع من ظلم اقتصادي على الناس في اليمن بصفة عامة، فكيف رفعت شعار رفع المعاناة الاقتصادية عن كاهل الناس في اليمن، أم أن الكلام غير الفعل؟!
إن العالم يلجأ إلى بلاد المسلمين الغنية بخيراتها، مستغلاً إياها لأنها لا راعي يجمعها تحت كلمته، كما حدث حين هبوا في العام 2008م حين حلت بهم الأزمة الاقتصادية الأمريكية. فقد تقاسمت شركات النفط الأجنبية نفط السعودية وقطر والكويت وعمان وواحة البريمي والإمارات في الخليج العربي ونفط مصر والسودان والجزائر وتونس ونيجيريا وإيران في 1953م ونفط إندونيسيا وبروناي والعراق في 2003 ويجري وضع اليد على نفط بحر قزوين، لتسويقه إلى أمريكا عبر المحيط الهادئ، ونفط ليبيا وسوريا ونفط وغاز البحر الأبيض المتوسط والحبل على الجرار!
إلى متى سيستمر العبث والنهب لثروات اليمن من الملكية العامة من نفط وغاز وثروات معدنية؟! هل نَصْدُقُ الناس أم نَكْذِبُهُمْ حين نقول لهم إن الإسلام قد حرم ومنع استحواذ الناس للملكيات العامة، ولو كانوا مسلمين، فما بالك إن كانوا غير مسلمين؟ إن أهل اليمن لن ينجيهم من نهب ثرواتهم والزج بهم في حروب بينية سوى تطبيق الإسلام في ظل دولة الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة. فهل يهبون إلى العمل مع حزب التحرير لإقامتها؟
رأيك في الموضوع