أورد موقع الراكوبة نيوز خبراً تحت عنوان: "مليونية إلى القصر الجمهوري لإسقاط سياسات البنك الدولي جاء فيه: تعتزم لجان المقاومة في الخرطوم، تسيير مليونية تتجه إلى القصر الجمهوري ومجلس الوزراء، بهدف إسقاط سياسات رفع الدعم عن السلع والخدمات الأساسية. هذا وستطالب لجان المقاومة من خلال مليونية الغد بسياسات اقتصادية بديلة تتماشى مع مطلوبات الثورة والعدالة الاجتماعية، وبدورها قالت لجان مقاومة بحري إن المليونية تأتي في إطار التصعيد الثوري السلمي لمقاومة السياسات الاقتصادية، لافتة إلى أن سياسات الحكومة الانتقالية لا تختلف عن سياسات نظام المخلوع، التي تتعارض مع سياسات الثورة وغاياتها.
كما أوضحت لجان مقاومة بحري بأن هذه السياسات تنذر بمزيد من التردي الاقتصادي والمعيشي، داعية لفرض سياسات جديدة، ترفع الأعباء عن كاهل المواطنين، مؤكدة دعمها للتصعيد الثوري السلمي، لإسقاط السياسات الاقتصادية الحالية، مطالبة بالمزيد من التنظيم من أجل الوصول للهدف المنشود.
ويرى الباقر أن تلك المنهجية لم ترتق إلى تطلعات الثورة والثوار المتمثلة في تفكيك بنية النظام السابق والقضاء على كل بؤر الفساد وبالتالي توفير البيئة المناسبة التي تستوعب طاقات الشباب وتوجهها نحو البناء، (سكاي نيوز).
إن تدخل صندوق النقد الدولي في المشاكل الاقتصادية في السودان جريمة، لأنه يفاقم المشاكل ولا يحلها، بل هو جزء من المشكلة وأساسها؛ لأنه يسهل للدول الاقتراض بالربا لأجل المشاريع الاستهلاكية غير الإنتاجية التي لا تعود بالنفع على البلاد والعباد، ولا يسهل للدول الاقتراض ولو بالربا لأجل المشاريع الإنتاجية الحقيقية، ما يجعل الديون تتراكم فلا تستطيع الدول سدادها، لتكون هذه الديون سيفاً مسلطاً على رقاب الأمم والشعوب فتظل تحت سيطرة الدول الاستعمارية. وعندما تتراكم هذه الديون يتدخل الصندوق ويعطي وصفته الخبيثة ومنها رفع الدعم عن السلع والخدمات التي تجعل الحياة جحيماً لا يطاق فتفقر الغني وتزيد الفقير فقراً وعوزاً، وأيضا تكون نتيجتها تفاقم المشاكل وليس حلها. إذ يشترط الصندوق زيادة الضرائب ورفع الدعم عن السلع الأساسية التي لا يشجع الصندوق إنتاجها محلياً، ما يؤدي إلى غلاء الأسعار وانخفاض قيمة العملة.
وهذا بالضبط ما حدث في السودان وما زالت حكومة السودان تتعامل مع هذه المنظمة الخبيثة! ففي23 تشرين الأول/أكتوبر 2020 أورد موقع سكاي نيوز عربية أن السودان والبنك الدولي اتفقا على أن تحصل الحكومة السودانية على منحة قدرها 370 مليون دولار أمريكي، وذلك في ظل ارتفاع أسعار السلع الغذائية ومعدلات التضخم واحتجاجات على الوضع الاقتصادي.
وأيضا أورد المصدر نفسه في 6 كانون الثاني/يناير 2021 خبرا جاء فيه: "وقعت وزارة المالية السودانية والخزانة الأمريكية، الأربعاء، مذكرة تفاهم لتصفية متأخرات السودان للبنك الدولي وتمكين السودان من الحصول على ما يفوق المليار دولار سنويا".
فهذه كلها عبارة عن فخاخ تسعى أمريكا رأس الأفعى من خلال البنك والصندوق الدوليين إلى توريط السودان في مهلكة الديون وقد حدث، وها هي تفرض سياساتها على السودان وها نحن نجني هذه الثمار المرة من رفع للدعم، فحكومة السودان ما تركت سلعة إلا ورفعت عنها الدعم.
إن صندوق النقد الدولي من أكثر أدوات الاستعمار فاعلية، وبخاصة للولايات المتحدة بالإضافة إلى البنك الدولي ومنظمة التجارة العالمية.
إن صندوق النقد والبنك الدوليين ليسا مؤسستين خيريتين وإنما هما مؤسستان تخدمان مصالح الدول الصناعية الكبرى وخاصة أمريكا التي تتمتع بقوة تصويتية تجعلها تتحكم بقرارات المؤسستين، وهما تعملان على ربط الدول باقتصاد السوق والتقليل من تدخل الدولة وإخضاع السياسة العامة للدول المدينة لتوجيهات الدول المانحة، وخير دليل على ذلك هو ما كشفته مصادر مطلعة من داخل حكومة السودان الانتقالية من اشتراط بريطانيا تحرير سعر صرف الجنيه السوداني مقابل دعم بريطانيا لحكومة السودان.
هذا وقد قالت مصادر مطلعة بالحكومة الانتقالية، إن وزير الخارجية البريطاني دومينيك راب، بحث مع الحكومة الانتقالية اتخاذ إجراءات اقتصادية دقيقة أبرزها ترشيد تحرير سعر صرف الجنيه السوداني مقابل الدولار.
هذه هي حقيقة البنك الدولي، ولا عجب أن تسير هذه الحكومة الانتقالية على خطا الحكومة السابقة في ظل هذا النظام الرأسمالي المقيت الذي تبنته الحكومات منذ (الاستقلال) وإلى يومنا هذا، وهذا طبيعي في ظل غياب أحكام الإسلام عن التطبيق.
إن علاج مشكلة الفقر لن يتحقق بقروض البنك الدولي وتوصيات صندوق النقد، وواقع الدول التي خضعت لسياساتهما منذ تأسيسهما خير شاهد على ذلك، والسبيل لتحقيقها إنما هو في تطبيق الإسلام كاملاً ومنه النظام الاقتصادي الإسلامي الذي حدد المشكلة الاقتصادية بكونها مشكلة توزيعِ الثروةِ على جميع أفراد الرعية وتمكينهم من الانتفاع بها بتمكينهم من حيازتها ومن السعي لها، وليست مشكلة إنتاج كما في النظام الرأسمالي، وجعل معالجاته الاقتصادية بوصفها أحكاماً شرعية تنصبّ على ضمان إشباع جميع الحاجات الأساسية لكل فرد من أفراد الرعية من مأكل وملبس ومسكن وتمكينه من إشباع حاجاته الكمالية، كما تنصب على إشباع الحاجات الأساسية للجماعة من تطبيب وتعليم وأمن. فالأحكام الإسلامية تعالج المشكلة بوصفها مشكلة إنسانية. والعلاج الجذري لمشكلة الفقر لا يتم إلا في ظل دولة مبدئية تتبنى الإسلام نظاماً للحياة وتطبق ما جاء به الخبير العليم.
بقلم: الأستاذ عبد الخالق عبدون علي
عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية السودان
رأيك في الموضوع