إعدامات نفذت وأخرى قيد التنفيذ وقتل وقنص خارج إطار القانون الذي وضعوه ليمكنهم من رقاب الناس، فلم يسلم من جرم هذا النظام أحد، حتى أولئك الصيادين من أهل غزة المحاصرين لم يسلموا من رصاص النظام وبطشه، هذا النظام الذي وجد نفسه أمام هبة ثورية جديدة كنتيجة حتمية لاستمرار قراراته الكارثية وكأنه يأبى إلا أن يثير مشاعر الناس بهدم المساجد أمام عيونهم وهدم بيوتهم فوق رؤوسهم!
ولما أراد التصدي لها محاولا وأدها في مهدها لم يستطع فتراجع ملتفا عليها حتى يهدأ الناس ثم يعيد كرته عليهم، وعندما رأى بعض الهدوء أعاد الكرة ملوحاً للناس بإعدام المعتقلين بعد أن جعل من كل فرد في أهل مصر مشروع معتقل محتمل في حال اعتراضه على غلاء الأسعار وضيق المعيشة أو أي من قرارات الدولة المجحفة قطعا، والمعتقل المحتمل بينه وبين الإعدام جرة قلم ومكالمة صغيرة للقاضي!
فكانت تلك الإعدامات من باب المثل المصري (اضرب المربوط يخاف السايب!) فهي في حقيقتها إرهاب للناس وإمعان في قهرهم وإذلالهم، حينما يجد الناس أنفسهم مقهورين بلا حيلة ولا ملجأ يغيثهم ويرد عنهم ظلم العصابة الحاكمة، وكأننا في زمن الاحتلال، ودنشواي جديدة تتكرر مرات ومرات لكسر إرادة الناس وتركيعهم وإجبارهم على الخنوع والخضوع لقرارات النظام الكارثية.
هذا النظام القاتل لا يتورع عن سفك الدماء الزكية، ولا يعنيه إلا مصالح سادته في البيت الأبيض وضمان بقائه خادما مطيعا منبطحا لهم ولو تطلب الأمر قتل شباب الكنانة وهدم بيوتهم فوق رؤوسهم.
كما قلنا فإن هذه الإعدامات ليست هي الأولى ولن تكون الأخيرة، وكل من في المعتقلات معرضون لها بلا استثناء، فهم من يفصلون القوانين ويفصلون الجرائم والتهم ويلصقونها بشباب الكنانة الأبرياء، وكم من أبرياءٍ قتلوا، فمن لم يعدم لم ينجُ من رصاصات غدرهم! حسبنا الله فيهم وهو نعم الوكيل.
إلا أن محاولاتهم لترميم جدار الخوف لن تصمد طويلا أمام ما يعانيه الناس من ويلات وما يجلبه النظام من كوارث، فالنظام الرأسمالي نفسه لم تعد لديه حلول لمشكلات الناس بل كل ما يطرح من حلول يضع البلاد في أزمات جديدة متلاحقة، فضلا عن أن العصابة الحاكمة لا تبحث عن حلول ومعالجات فعلية لمشكلات مصر، بل تَعِدُ الناس بحلول وهمية وتبيعهم السراب، وتخدعهم إلى حين، وتلوح بعصاها الغليظة وتطلق كلابها في وجه كل الغاضبين، فلم يعد أمام العصابة إلا الحل الأمني فقط أمام ما تعانيه مصر من كوارث حالية ومستقبلية جراء قرارات النظام الكارثية المستمرة، ولهذا يغدق النظام على أعوانه ورجاله ومن يحيطون به وأدوات قمعه ومن يشتري ذممهم بالمال حتى يضمن ولاءهم عندما تسوء الأمور، ولكن هيهات فالأمة التي ثارت لم تمت ولن تموت وستبقى نيران الثورة مشتعلة وإن غاب لهيبها حتى تستوي على جمرها أفكار الناس ويتنامى وعيهم ويدركون الحقيقة الواقعة؛ أن خلاصهم في دولة تنسجم مع فطرتهم وتنبثق أحكامها وقوانينها ودستورها من عقيدتهم؛ خلافة راشدة على منهاج النبوة.
إلا أن الغريب أن أداة القتل والقمع والبطش من أهل الكنانة بضع من هؤلاء المقهورين الذين يطالهم ظلم النظام وبطشه وقهره! والعجيب أن تمتد يدهم إلى أهلهم وإخوانهم وذويهم من المكلومين! ربما تخدعهم بعض الفتاوى المضللة والأوصاف التي تلصق بمعارضي النظام وتصفهم بالخوارج الخونة المندسين والممولين وتجعل من قتالهم وقتلهم واجبا شرعيا حسب فتاوى علماء النظام، ويجعل الإعلام كل المعارضين خلايا نائمة في جماعة من الناس اتخذها عدوا وجعل حربه على أهل مصر ودينهم وعقيدتهم من خلالها، وجعلها أول تهمة تلصق بمن يتم اعتقاله (الانضمام إلى جماعة محظورة)، رغم أن جرائمه في حق أهل مصر تجعل الحجر يثور قبل البشر، والهبة الأخيرة تحديدا كانت بعيدة عن الجماعة التي يناصبها العداء وكانت حراكا عفويا ورد فعل طبيعياً لقراراته الكارثية، وكان تراجع النظام النسبي طبيعيا حتى يتمكن من تهدئة الناس ريثما ينصب لهم فخاخا أخرى تعيدهم إلى الحظيرة وتغلق عليهم الأقفاص، نعم هذا هو الواقع الحقيقي لمصر؛ حظيرة وأقفاص! ولكن سكانها بشر يستعبدهم النظام قهرا وذلا ولا يستطيعون الفكاك رغم أن سجانهم منهم، إلا أن الغرب عندما أصبح زمام بلادنا في يده وضع على عرش بلادنا أسوأ من فينا حكاماً بلا نخوة ولا مروءة طبعهم الخسة والوضاعة وشيمهم شيم الضباع...
إن الاستئساد على العزل وقهرهم ليس من المروءة ولا دليل قوة بل علامة جبنِ وخوارِ من يتغول عليهم، ولكن اللوم الأكبر على من ارتضوا على أنفسهم أن يكونوا أداة طيعة في يده بينما لا قوة له بدونهم وهم من بيدهم القوة ويملكون النصرة، فمتى تستفيق نفوسهم وتتحرك نخوتهم وينحازون لأمتهم فيرهبون النظام بدلا من إرهاب شعوبهم وينصرون أمتهم بدلا من حماية ونصرة عدو دينهم وأمتهم؟!
أيها المخلصون في جيش الكنانة: أي عار يلحقكم وأي خزي أنتم فيه ودماء أهلكم تراق أمامكم وبأيديكم قربانا لهذا النظام وقهرا لأهل مصر المستضعفين؟! إن النظام وأمواله وسلاحه لن يمنع عنكم الموت ولن يحميكم من عقاب الله وعذابه، فإن كنتم تطيقون فابقوا على ما أنتم فيه وامضوا في غيكم وخذوا من دنياكم ما تشتهون فهي جنتكم، وإلا فبادروا بتوبة صادقة وانحياز تام لأمتكم ودينها وعقيدتها يترجمه عمل مخلص يرد مظالم الناس ويرضي ربكم باقتلاع هذا النظام من جذوره وهذه العصابة التي تحكم به ومحاكمتها أمام الناس على جرمها في حق الأمة وتطبيق حكم الله عليها لتقر أعين قهرت ونفوس ظُلمت، واستكمالا للعمل المخلص باستئناف الحياة الإسلامية وتطبيق الإسلام من خلال الخلافة الراشدة على منهاج النبوة التي تطبق الإسلام وتنهي عقود التبعية للغرب وتقطع أياديه التي تعبث في بلادنا وتنصب علينا لحكمنا أسوأ من فينا، وتعيد لنا العزة والكرامة التي سلبنا إياها الغرب ورأسماليته العفنة، والله إنكم لنعم الجند حينها لو فعلتم وليبدلن الله سيئاتكم حسنات كما وعد سبحانه ﴿إِلاَّ مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا﴾.
* عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية مصر
رأيك في الموضوع