على الرغم من أن الله سبحانه وتعالى حدد الغاية من خلق الشعوب والقبائل وهي المعرفة، إلا أن الصراعات القبلية ظلت تفت في عضد هذه الأمة، ولا يخلو بلد من بلاد المسلمين إلا وتستشري فيه هذه الصراعات القبلية.
بعض أسباب الصراعات القبلية في السودان:
إذا أخذنا السودان كمثال، نجد أن هنالك أسباباً كثيرة تؤدي إلى نشوب هذه الصراعات منها:
- تقاطع مصالح الناس في بعض المناطق؛ مثل مشاكل الرعاة والمزارعين، كما هو في دارفور وكردفان.
- انتشار بعض مفاهيم الجاهلية، والتي بدورها تؤدي إلى صراعات، مثل مفاهيم التمييز بين الناس على أساس اللون، أو العرق، مثل صراع الفور والبني هلبة في منطقة جنوب دارفور.
- ضعف نفوذ الحكومات، وعدم بسط هيبة القانون، مع انتشار السلاح في بعض المناطق الطرفية البعيدة من العاصمة.
نماذج من الصراعات القبلية التي حدثت في عهد الفترة الانتقالية وهي كثيرة منها على سبيل المثال لا الحصر:
- النوبة مع البني عامر في كل من بورتسودان، وكسلا، والقضارف
- الرزيقات مع الفلاتة بمدينة نيالا
- الرزيقات مع المساليت بقرية مستري
- الرزيقات مع الفور بجبل مرة
- الحلفاويون مع الزغاوة بمدينة حلفا قرية 10، وغيرها مثل أحداث كادقلي وفض اعتصام فتابرنو.
خلفية تاريخية عن بعض الصراعات القبلية في عهد حكومة الإنقاذ:
في عهد الإنقاذ كانت هنالك أيضاً مشاكل وصراعات قبلية كثيرة جداً، أضعفت الدولة، واستخدمت كأداة لفصل جنوب السودان، وتهيئة بقية أقاليم السودان للانفصال، وكان لحكومة البشير الدور الأساسي في ذلك، حيث خضعت إلى ما يسمى بحق تقرير المصير، أو الحكم الذاتي، ومنها أيضاً على سبيل المثال لا الحصر؛ النوبة مع الحوازمة في كردفان، والمسيرية مع الدينكا في أبيي، والقبائل العربية في دارفور مع ما يسمونهم بالزرقة، وما زال الصراع يسير في الاتجاه نفسه، والحركات المسلحة التي تدعي أنها تمثل بعض قبائل دارفور تطرح الحكم الذاتي كحل لمثل هذه الصراعات، تنفيذاً لأجندة الغرب الكافر الساعي لتفتيت السودان.
خطة بريطانيا لتقسيم السودان:
بخبث الإنجليز، وسعة حيلتهم قبل ما يسمى بـ(الاستقلال)، صنعوا كيانات يسهل تمزيقها في المستقبل؛ مثل أهل الجنوب، حيث تم إقناعهم بأعمال مفتعلة بأنهم جسم آخر ليس لديه أي علاقة بالشمال، وذلك عندما تم تحويل العطلة الرسمية في الجنوب إلى يوم الأحد بدلاً من الجمعة، وضع دواوين الحكومة بالتعامل باللغة العربية، ومنع الزي العربي في الجنوب، وأسوأ من ذلك تم قفل الجنوب أمام أهل الشمال فيما يسمى بالمناطق المقفولة وكانت تلك الخطوة أول خطوة في فصل الجنوب.
دور أمريكا:
من النقاط القليلة جداً التي اتفق عليها المتشاكسان؛ أمريكا وبريطانيا، هو فصل جنوب السودان، وتمزيق ما تبقى منه في وقت لاحق، وقد تم ذلك بواسطة نظام البشير التابع لأمريكا، ليس بقوات المارينز الأمريكية ولا بوارجها، بل بأدوات من بني جلدتنا يتكلمون بألستنا، فيما يسمى زوراً وبهتاناً (عملية السلام).
الكيانات التي صنعت في السابق هي التي تدير الصراع الآن:
- الجبهة الثورية السودانية: بعد أن ضمنت أمريكا انفصال الجنوب في العام 2011م، استطاعت أن تجمع حركات التمرد الأساسية في دارفور في كيان مسلح جديد؛ تحت قيادة الحركة الشعبية قطاع الشمال وهو ما يسمى بـ(الجبهة الثورية السودانية) 11/11/2011م في منطقة كاودا بجنوب كردفان وقد ضم:
- الحركة الشعبية قطاع الشمال
- العدل والمساواة (جناح جبريل إبراهيم)
- حركة تحرير السودان (مني اركو مناوي)، والذي أصبح الآن خارج الجبهة الثورية
- حركة تحرير السودان (عبد الواحد نور)
وأعلن هذا الكيان عن نفسه بعمل عسكري لافت للنظر؛ عندما اجتاح مناطق (السميح والله كريم وأبو كرشولا وأم روابة) في 27/4/2013م.
- الجبهة الشعبية المتحدة:
كما أنشأت أمريكا كيانا في القاهرة يوم 8/4/2013م، تحت مسمى الجبهة الشعبية المتحدة، ويضم 17 كياناً من شرق السودان وقد تضمنت وثيقة المبادئ الأساسية لها التوطين الدستوري لنظام الحكم الذاتي.
استخدام القبيلة والجهة في الاستوزار:
من أسوأ ما فعلته الحكومات المتعاقبة على حكم السودان مسألة تعيين الوزراء وحكام الأقاليم وغيرهم على أساس الجهة والقبيلة وهو ما يعرف بـ(المحاصصات) حيث استمر هذا النهج الخبيث واشتد في عهد الإنقاذ وللأسف فإن الحكومة الانتقالية رغم أنها قالت بالكفاءه إلا أنها عملت بالمحاصصات في المجلس السيادي ومجلس الوزراء، والولاة، والدليل على ذلك أن أكثر من ولاية رفضت الوالي؛ لأنه ليس من المنطقة.
هل أهل السودان استفادوا من مسرحية فصل الجنوب؟
لم يستفد أهل السودان من التاريخ القريب بعد، لأن ما جرى من أحداث لفصل جنوب السودان تحدث الآن بالكربون، ولذلك إذا لم يع الأهل في السودان هذا الدرس، سيمزق ما تبقى من السودان.
تصريحات مهمة:
التصريحات أدناه تصريحات موثقة تثبت أن أمريكا فصلت جنوب السودان، وتسعى لتمزيق ما تبقى من السودان.
- الرئيس السابق البشير في حوار مع مراسل سبوتنيك الروسي، عقب زيارته لروسيا 25/11/2017م يقول: "إن السعي الأمريكي هو تقسيم السودان إلى 5 دول"
- علي عثمان طه نائب الرئيس المخلوع البشير يقول: "إن هناك دولاً عالمية وإقليمية تقود مخططاً لتقسيم السودان" 16/5/2013م شبكة الشروق.
- أحمد بلال عثمان وزير الثقافة والإعلام في النظام البائد، في حلقة مؤتمر إذاعي للإذاعة السودانية الجمعة 17/5/2013م يقول: "هنالك مخطط خارجي يستهدف تقسيم السودان إلى 5 دويلات مرتكزاً إلى انفصال جنوب السودان".
- محمد نور هاشم قيادي بالحرية والتغيير بالبحر الأحمر يقول: "الشرق مطمع كثير من الجهات الخارجية وهنالك شغل مخابراتي يتم على أرض الواقع" جريدة الجريدة الثلاثاء 11/8/2020م.
هذه التصريحات تؤكد أن السياسيين الذين يحكمون السودان عالمون بمخططات التمزيق، ولكنهم للأسف هم الأدوات التي يمزق بها الغرب الكافر المستعمر هذا البلد، طمعاً في نهب ثرواته، عبر إضعافه، وهذا يستدعي من أهل السودان الوعي على هذه المخططات والعمل الجاد من أجل إجهاضها، مع المخلصين من أبناء هذا البلد المسلم الذي يجب أن لا يقسم بل يجب العمل لتوحيده مع بقية بلاد المسلمين تحت ظل الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة.
بقلم: الأستاذ حسن إسماعيل
عضو مجلس الولاية لحزب التحرير في ولاية السودان
رأيك في الموضوع