الطرفان الدوليان في الصراع على اليمن هما بريطانيا صاحبة النفوذ السياسي العريق فيه، وأمريكا الطامح الطامع لاستعماره، لموقعه الاستراتيجي المهم جنوبي مكة والمدينة وإطلاله على باب المندب، وثروته النفطية.
مع اندلاع الحرب الداخلية فيه كانت الأطراف الدولية المتصارعة عليه تستقطب إلى جانبها أكثر من طرف في عموم اليمن. فأمريكا استقطبت الحوثيين وجناحاً من الحراك الجنوبي الذي أسسه السفير الأمريكي ستيفن سيش تحت قيادة حسن باعوم، برعاية من إيران.
أما بريطانيا فقد قسمت عملاءها إلى فريقين، فريق صالح وحزب المؤتمر، وهادي وحكومته، وجناح من الحراك الجنوبي تحت قيادة عيدروس الزبيدي. إلى جانب السلاطين، وقذفت بالإمارات لإخراج الحوثيين من عدن والجنوب بعد أن تمددوا فيه.
ظهرت دول الصراع الحقيقي على اليمن في محطات مختلفة في تاريخ الصراع الدائر فيه خلال السنوات الأربع الفائتة، فظهرت أمريكا في:
- عقد اتفاق السلم في 21/09/2014م بإنهاء حالة الحرب التي شنها الحوثيون لدخول صنعاء، والشراكة في الحكم مع هادي، بعد إدخالهم إلى صنعاء، وهذا تولاه رجلها جمال بن عمر. وتنسيق الحوثيين معه حول الإعلان الدستوري، بحسب رئيس المكتب السياسي للحوثيين صالح الصماد عن التنسيق بين جماعته والمبعوث الأممي إلى اليمن جمال بن عمر حول الإعلان الدستوري الذي أصدروه في 15/02/2015م في لقاء خاص مع صحيفة نبض المسار التابعة للحوثيين (1)
- حرصها على إلباس الحوثيين ثوب الشرعية، ونفي صفة الانقلابيين عنهم، ودعوتها الصريحة لحكومة هادي للحوار معهم برعايتها، وتوفير طائرة تقلهم من صنعاء إلى مسقط، فقد أكد المتحدث باسم الحكومة راجح بادي في اتصال هاتفي من الرياض في 2015م لوكالة رويترز إجراء تلك المباحثات بطلب أمريكي، وأن طائرة أمريكية خاصة أقلت الحوثيين من صنعاء إلى العاصمة العمانية مسقط. وإطلاقها مبادرات التفاوض، كمبادرة كيري - شانون.
- وجود الأمريكية ليزا جراندي بصنعاء لتوفير الدعم المالي الدولي وتقديمه للحوثيين عن طريق المنظمات التي تقوم بجمع الأموال التي تساعد الحوثيين على الثبات والاستمرار في الحكم، في ظل شح الموارد.
- قتالها إلى جانب الحوثيين في المناسح بذمار بالطائرات بدون طيار، وفي يكلا في البيضاء بإنزال جوي بالطائرات المروحية. وهذا تصريح المسؤول في الاستخبارات الأمريكية سي آي إيه مايكل فيكزر في 12/01/2015م "إن الولايات المتحدة ستواصل شن هجماتها على تنظيم القاعدة في شبه جزيرة العربية على الرغم من العنف الدائر في العاصمة اليمنية صنعاء، وبأن للولايات المتحدة علاقات استخباراتية مع جماعة الحوثي التي تسيطر على أجزاء كبيرة من العاصمة اليمنية". (2)
- عمل وزارة الدفاع الأمريكية مع الحوثيين من خلال إيران بحسب تصريح للمتحدثة الأمريكية للبيت الأبيض إيمي ديريك في 12/02/2015م (3) في ظل تصريح المدير العام لمكتب الدراسات السياسية والدولية بوزارة الخارجية الإيرانية مصطفى زهراني عن تلقي بلاده إشارات مستمرة من أمريكا للعمل معها حول مختلف قضايا المنطقة. (4) وتصريح مستشار الرئيس حسن روحاني في 09/03/2015م بأن بلاده تسيطر على أربع عواصم عربية هي بغداد ودمشق وبيروت وصنعاء.
- منع تحرك جبهة نهم بالتقدم نحو صنعاء، بضربهم بالطيران لأكثر من مرة، وكذلك قوات طارق محمد عبد الله صالح من دخول الحديدة وطرد الحوثيين منها.
- عرضها على صالح مرات عدة مغادرة اليمن، حتى يتمكن الحوثيون من حكم اليمن وتخطيطها لتفتيته.
أما بريطانيا التي ضعفت مستعمراتها حول العالم، فلم يبق لها إلا أن تواجه مخططات أمريكا بعملائها فهي تلعب "بشرعية هادي"، وتحيطه برجالها كعلي محسن الأحمر وطارق محمد عبد الله صالح وآخرين.
- جعل المفاوضات مع الحوثيين ماراثونية، وتخطيطها للحصول على حصة كبيرة في المفاوضات النهائية لفريقيها حزب المؤتمر شريك الحوثيين في المجلس السياسي، وفريق هادي المناوئ لهم. وقد أخذت على عاتقها اختيار أماكن عقد المفاوضات جنيف، مسقط، عمان، الكويت.
- إبقاؤها على أحمد علي عبد الله صالح كوريث لهادي في حكم اليمن.
- إبقاؤها الحديدة في مرمى نيران قوات طارق محمد عبد الله صالح، وفرضها شروطا لعدم اقتحامها.
- تصريح وزير خارجيتها فيليب هاموند من عدن بضرورة خروج الحوثيين من الحديدة.
- تأسيسها المجلس الانتقالي للحراك الجنوبي بقيادة عيدروس الزبيدي، لسحب البساط من تحت أرجل المجلس الأعلى للحراك الجنوبي بقيادة حسن باعوم.
أما دول التحالف الذين جلبتهم أمريكا للحرب على الحوثيين، من بينها أزلامها "مصر، والسعودية، والسودان"، فمهمتها تقوية وتثبيت الحوثيين في الحكم، بتحويلهم إلى معتدى عليهم، بجعل الناس يتعاطفون معهم ويلتفون حولهم، ولو لم يأت العدوان لسقط الحوثيون في عامهم الأول، لعدم قدرتهم على رعاية شؤون الناس.
هؤلاء هم الأطراف الحقيقيون للصراع الدائر في اليمن منذ سنوات، وأولئك هم أتباعهم الإقليميون والمحليون، وهذه هي أعمالهم خلال السنوات الماضية. سيستمر الصراع على اليمن اليوم بين بريطانيا وأمريكا، ولن يهدأ حتى إقامة دولة الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة، وتطرد منه بريطانيا وأمريكا ويعود الشرق الأوسط بأكمله كما كان قلبا للبلاد الإسلامية، بعودة أهله إلى إسلامهم الذي افتقدوا دولته ما يقارب قرنا من الزمان.
(1) مجلة الوعي العدد 340، (2) مجلة الوعي العدد 344، (3) صحيفة أخبار اليوم 16/02/2015م العدد 3652، (4) مجلة الوعي العدد 338 ص19
رأيك في الموضوع