عُقدت في الـ31 من كانون الأول/ديسمبر 2018 انتخابات عامة في بنغلادش، وأعلنت لجنة الانتخابات صباح يوم الاثنين عن فوز التحالف، الذي تتزعمه رئيسة الوزراء الشيخة حسينة بأغلبية كبيرة، لتفوز بذلك بثالث فترة على التوالي، وقالت المفوضية العامة للانتخابات إن التحالف الذي يهيمن عليه حزب رابطة عوامي الذي تتزعمه حسينة حصل على 287 مقعدا من بين 298 مقعدا أعلنت نتائجها في البرلمان المؤلف من 300 عضو. وحصل حزب الشعب البنغالي، الذي يعد حزب المعارضة الرئيسي في البلاد على ستة مقاعد فقط، ويُذكر أن الحزب قد قاطع الانتخابات السابقة التي جرت في عام 2014م، في أعقاب انتخابات رفضتها المعارضة بوصفها مزورة.وقالت اللجنة الانتخابية في بنغلادش لوكالة أنباء "رويترز" إن اتهامات بتزوير الانتخابات قد بلغتها من دوائر في جميع أنحاء البلاد وإنها ستتولى التحقيق في الأمر، ومن جانب آخر، دعا كمال حسين زعيم تحالف جبهة الوحدة الوطنية المعارض الذي يقوده حزب الشعب البنغالي، دعا مفوضيةَ الانتخابات إلى إصدار أمر بإجراء انتخابات جديدة تحت إشراف إدارة محايدة "بأسرع ما يمكن"، زاعماً أن الانتخابات قد شابها قصور. وقالت ميناكشي جانجولي مديرة "هيومن رايتس ووتش" لجنوب آسيا على تويتر: "هناك مخاوف بشأن مصداقية انتخابات بنغلادش مع وجود مزاعم خطيرة عن تعرض ناخبين لترهيب وفرض قيود على أتباع المعارضة بمراكز الاقتراع، وسعي العديد من المرشحين لإعادة الانتخابات".
وكعادة الانتخابات البنغالية، فقد تخللها أعمال عنف وقتل، وهو انعكاس للمشهد السياسي في البلاد القائم على صراع بين الحزبين الرئيسيين حزب رابطة عوامي وحزب الشعب البنغالي، وقد استحدث حزب رابطة عوامي تشكيلة تكتلية في حزبه تقوم على إيجاد مجموعات بلطجية تابعة له وهي عمليا من أعضاء حزبه من أبناء الأحياء الفقيرة والمتوسطة، يقومون بدور التجسس على الناس وعلى المعارضة والتصرف كأنهم أصحاب سلطة رسمية في الدولة، وهم عمليا من يقوم بأعمال الشغب والتصفيات بإدارة وتوجيه من قيادة الحزب والسياسيين في الدولة. وقالت الشرطة: "إن ما لا يقل عن 17 شخصا قتلوا خلال الانتخابات، بعد حملة انتخابية سادها العنف، وزعمت المعارضة أن الحكومة حرمتها من الحصول على فرصة متساوية فيها"، وقال حسين مساء الأحد: "لقد تم التلاعب بشكل كامل في الانتخابات كلها ويجب إلغاؤها"، وقال مرشحون إنهم شاهدوا نشطاء الحزب الحاكم يعبئون الصناديق ببطاقات انتخابية، ويقومون بتزوير الأصوات، كما منعوا أيضا أتباع المعارضة من دخول مراكز التصويت، وقال حسين: "شهدنا انتخابات سيئة في الماضي ولكن لا بد من القول إن سوء هذه الانتخابات بالذات لم يسبق له مثيل، ولم يتوفر فيها الحد الأدنى من شروط الانتخابات الحرة والنزيهة".
حالما تم الإعلان عن إجراء انتخابات في البلاد والبدء بالحملات الانتخابية، سرعان ما شرعت الحكومة -المهيمن عليها حزب رابطة عوامي - بإيجاد حالة الخوف والذعر بين صفوف المعارضة، حتى يضمن حزب الرابطة الحصول على القدر الأكبر من الأصوات، وقد حصل بالفعل، فلجأت الحكومة إلى اعتقال مئات من أعضاء المعارضة خلال الأشهر التي سبقت الانتخابات بسبب اتهامات وصفتها المعارضة بأنها "زائفة"، وقال كثيرون إنهم تعرضوا لهجمات من أنصار الحزب الحاكم، مما شلّ قدرتهم على القيام بدعاية انتخابية.
إنّ انتخابات بنغلادش فريدة من نوعها في العالم "الديمقراطي"، فالمرشحون فيها يتنافسون فيما بينهم على مدى ولائهم للكافر المستعمر، أقطاب حزب رابطة عوامي عملاء للإنجليز وعلى رأسهم الشيخة حسينة، ويتقربون من بريطانيا ومن الشق المتبقي في الوسط السياسي في حليفتها في المنطقة، الهند. وحزب الشعب البنغالي عميل لأمريكا، وكان أقطابه يصرخون طوال فترة الحملة الانتخابية حتى تساعدهم أمريكا في الانتخابات، بينما كانوا أيضا يتقربون إلى الشق الموالي لأمريكا في الهند، أملا في الحصول على حصة معقولة في البرلمان والحكومة القادمة. وخلال هذا التنافس غير الشريف بين الأحزاب السياسية العميلة للغرب، تغيب الوعود بتحسين الوضع في البلاد اقتصادياً واجتماعيا وحقوقيا...، ويبقى الوعيد بالقمع لكل معترض على حكم الطاغية حسينة، ومرد ذلك إفلاس النظام بشقيه (الأغلبية والمعارضة) من حل أية مشكلة اجتماعية أو اقتصادية، حتى إنه عجز عن حل مشكلة المتهورين الذين يقودون الحافلات في المواصلات العامة! ناهيك عن عجزهم عن توفير الماء والكهرباء لمختلف مناطق البلاد، ومنها العاصمة دكا! وطبعا لا حديث عن بناء بنية تحتية لتعزيز الاقتصاد في البلاد، وأي اقتصاد؟! والبلد يقوم على العمالة في الخارج فيما يشبه العبودية، والعبودية الحقيقية في مصانع النسيج التابعة للشركات العالمية الغربية!
إن بنغلادش بلد مسلم، وعدد سكانه يفوق الـ160 مليون نسمة، وأهله من الجادين المجتهدين في العمل، ومن يتمكن منهم مادياً من إكمال دراسته يصبح من المبدعين على مستوى العالم، وأرض بنغلادش زراعية خصبة، فهي مصبّ لأنهار عديدة، لذلك أرضها "دلتا" خصبة جدا، وبنغلادش تقع على المحيط الهندي، وخلجانها وشواطئها عميقة، ومياهها الإقليمية غنية بالغاز الطبيعي، وجبالها الشمالية غنية بالفحم الحجري... إن بلداً هذه مواصفاته لهو أهلٌ لأن يكون دولة إقليمية قوية وغنية، ولا أبالغ إن قلت إنه مؤهل بشكل كبير لأن يكون نقطة ارتكاز للدولة العظمى، دولة الخلافة على منهاج النبوة القائمة قريباً بإذن الله، أدعو الله أن تكون كذلك، ولمثل هذا فليعمل العاملون.
رأيك في الموضوع