عندما يتم الاعتداء على فرد أو جماعة من الأمة الإسلامية من أية قوة أو دولة في العالم، فإن قضيتهم تصبح قضية عسكرية يجب أن تقوم الأمة باتخاذ الموقف العسكري تجاهها، وتأخذ تلك الدولة حكم الدولة المحاربة فعلا، ولا يجوز بحال من الأحوال أن تتحول قضية الاعتداء على الأمة إلى قضية سياسية تتم تسويتها والتفاوض عليها مع المعتدي، أو قضية إنسانية بالمفهوم الحالي ضمن تبنيات الأمم المتحدة ومؤسساتها، ولا يجوز اعتبارها قضية وطنية خاصة بعرق المُعتدى عليه، لقول رسول الله e عن المسلمين«إنهم أمة واحدة من دون الناس... وإن المؤمنين بعضهم موالي بعض دون الناس... وإن سلم المؤمنين واحدة، لا يسالم مؤمن دون مؤمن في قتال في سبيل الله» [سيرة ابن هشام ج2/ ص 106].
على الرغم من أن هذا الحكم معلوم من الدين بالضرورة، وخصوصاً عند حكام المسلمين وعلمائهم، وعلى الرغم من معاناة المسلمين في كشمير المحتلة من أسوأ اضطهاد على أيدي قوات الاحتلال الهندوسية منذ عام 2009م، حيث تتقاطر قافلة الشهداء، وتطلق النار على أهلها حتى في أعينهم، كما حصل مؤخرا مع الطفل الذي أطلقت القوات الهندية عليه النار في عينه وأردته قتيلا بين يدي أمه! على الرغم من ذلك، إلا أن نظام باجوا-عمران يمد يديه لمصادقة الهند والسلام معها!
تقاطرت قافلة الشهداء في كشمير خلال الأسابيع الماضية في مقاومتهم للاحتلال الهندي على أيدي قواته تحت سمع وبصر حكام المسلمين عموما وحكام باكستان على وجه الخصوص؛ وقد نقلت وسائل الإعلام صور التنكيل بأهلنا في كشمير في مشهد لا يختلف كثيرا عن مشاهد تنكيل كيان يهود بأهل الأرض المباركة أو الطاغية بشار بأهل سوريا أو الصين بمسلمي الإيغور في تركستان الشرقية، وفي المقابل لم ينطق حكام المسلمين - ومنهم حكام باكستان الجدد، الذين رفعوا شعار محاكاة "دولة المدينة المنورة" إبان إقامتها دولة إسلامية على أيدي أشرف الخلق محمد e - لم ينطق هؤلاء ببنت شفه علاوة على عدم تحريكهم ساكنا أو متحركا أو متفجرا! مؤكدين موالاتهم لأعداء الأمة وعدم اهتمامهم لقتل أهلنا من أحفاد "دولة المدينة"، والأسوأ من ذلك أن حكام المسلمين، حكام الملياري مسلم، لا يعتبرون قضية كشمير قضيتهم أو قضية من يحكمون من الأمة! ولا يختلف هذا الموقف كثيرا عن موقف نظام باكستان (عميل أمريكا)، ولا عن موقف حكام باكستان السابقين، الذين أسلموا كشمير وأهلها منذ احتلال الهند لها، وموقف برويز مشرف وشريكه في الخيانة نواز شريف اللذيْن حالا دون تحرير كشمير من القوات المسلحة الباكستانية في عملية ما يعرف "بمرتفعات جارجيل" عندما أوشكت القوات الباكستانية على التمكن من ذلك؛ لا يختلف هذا الموقف الخياني عن موقف حكام باكستان الحاليين الصامتين صمت القبور، بل وزادوا عليهم في الخيانة بسعيهم الحثيث للتطبيع مع الهند وإبرام معاهدات السلام معها، مباشرة بعد تسلم رئيس الوزراء الحالي عمران خان مقاليد الحكم، مستغلا الفرصة التي منحها له الناخبون لإحداث التغيير في البلاد وإلغاء نهج سلفه من الحكام، في انسياق تام مع الرؤية الأمريكية للمنطقة، التي تقضي بتقوية حزب "بهارتيا جاناتا" الهندي الموالي لها، على حساب قضايا المسلمين في كشمير وأفغانستان وبنغلادش وباكستان نفسها.
إنّ المشهد السياسي في البلاد الإسلامية ومنها باكستان مشهد قاتم، قتامة خيانة حكام المسلمين وحكام باكستان، ولكنه عودة على بدء، فقضية كشمير قضية عسكرية، يجب أن تكون على طاولة قادة أركان جيوش المسلمين، وخصوصا قائد الجيش الباكستاني، خامس أقوى الجيوش في العالم وصاحب القوى النووية. فإن لم تتحرك هذه الجيوش، أو الجيش الباكستاني الأقرب (وهو أكثر جيش يجب عليه التحرك مع قدرته التامة على تحرير كشمير)، إن لم تتحرك فإن قافلة الشهداء ستظل تتقاطر وتظل دماء المسلمين هناك تلعن خيانة كل من كان بإمكانه نصرتهم ولم يفعل، حيث قَالَ رَسُولُ اللَّهِ e؟ «مَا مِنْ امْرِئٍ يَخْذُلُ امْرَأً مُسْلِماً فِي مَوْضِعٍ تُنْتَهَكُ فِيهِ حُرْمَتُهُ وَيُنْتَقَصُ فِيهِ مِنْ عِرْضِهِ إِلَّا خَذَلَهُ اللَّهُ فِي مَوْطِنٍ يُحِبُّ فِيهِ نُصْرَتَهُ وَمَا مِنْ امْرِئٍ يَنْصُرُ مُسْلِماً فِي مَوْضِعٍ يُنْتَقَصُ فِيهِ مِنْ عِرْضِهِ وَيُنْتَهَكُ فِيهِ مِنْ حُرْمَتِهِ إِلَّا نَصَرَهُ اللَّهُ فِي مَوْطِنٍ يُحِبُّ نُصْرَتَهُ».
إن الذي نطلبه قليل هيّن على خير أمة أُخرجت للناس، ولكنه خيال عند الخونة أو الجبناء من الحكام وقادة الجيوش ممن لا يرون مخرجاً من أية أزمة إلا بالارتماء في أحضان أعداء الأمة والدخول في جحر الضب الغربي. إن الأمة التي هزمت فارس والروم والتتار والمغول والصليبيين وأجبرت أمريكا على دفع الجزية، قادرة بكل جدارة على إجبار دولة الهندوس المصطنعة على الاندحار دون عودة من بلاد المسلمين المحتلة إلى بلاد الإنجليز الذين صنعوهم وغرزوهم خنجرا في خاصرة الأمة الشرقية كما غرزوا كيان يهود في قلبها؛ وكلا الدولتين (كيان يهود ودولة الهندوس) إلى زوال كما بشرنا بذلك رسول الله e في الأحاديث الصحيحة، إلا أن شرف زوالهم لن يكون إلا بالخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة القائمة قريبا بإذن الله، فليلحق في ركب العاملين لإقامتها كل غيور وكل من يحب أن ينال قسطا من هذا الشرف، والعاقبة للمتقين.
رأيك في الموضوع