يترأس النظام السوري "المؤتمر الدولي لنزع السلاح" في سويسرا ابتداءً من يوم الاثنين 28 أيار الحالي ولمدة 4 أسابيع في مدينة جنيف السويسرية، ويستمر المؤتمر لغاية يوم 24 حزيران/يونيو القادم بحضور 65 من دول العالم من بينها الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن، على أن تكون مدة رئاسة النظام للمؤتمر 4 أسابيع، هذا الخبر نضعه في ملعب المحسوبين على الثورة الذين ما زالوا يريدون من الثائرين في الشام أن يتعاملوا مع النظام الدولي ومجتمعه المجرم، الذي أثبت أنه العدو الأول للثورة وأن نظام المجرم بشار ليس سوى بيدق في مواجهة الثائرين في الشام، وأن من يطالب الثوار بالاستماع إلى المجتمع الدولي هو أحمق غبي إن لم نقل إنه مجرم عميل.
لقد مرت على الثورة سنوات عصيبة ذاق فيها أهلنا في الشام شتى صنوف العذاب والقهر في سبيل التخلص من عصابة النظام وطغمته، وبوصولنا لمشارف العام الثامن ومع انكشاف الصادق من الكاذب والأمين من الخائن، وإزالة ورقة التوت عن النظام الدولي المجرم الذي ما زال الراعي الرسمي لجرائم العصابة النصيرية في الشام، بل إن هذه العصابة هي المحاضر والرئيس لمؤتمر دولي لنزع السلاح! الذي هو في الحقيقة لإعطاء الدول الأخرى عصارة تجارب هذا النظام في كيفية استعماله ضد شعب أعزل.
إن ما نشهده من تكالب دولي على ثورة الشام وثوارها الصادقين المخلصين يؤكد أنه لا مجال للولوج في المنظومة الدولية المجرمة هذه، وأن على الثائرين أن يفكروا جيداً وأن يحمدوا الله كثيراً أن فضح منظومة الكفر والعهر على رؤوس الأشهاد، وأن من يقود العالم هم عبارة عن عصابة مجرمة حاقدة على البشرية، وأن ما تدعيه من حقوق إنسان وحريات ليست سوى (مكياج) يغطي حقدهم وإجرامهم، ليس على المسلمين وحسب بل على الإنسانية جمعاء.
ولذلك كله فإن ما حصل في الثورة في الفترة الأخيرة من تراجع وتسليم مناطق وتسليم السلاح الثقيل في دمشق والغوطة الشرقية وريف حمص الشمالي، كان نتيجة حتمية للارتباط بين فصائل الثورة بالقوى الخارجية العاملة تحت مظلة النظام الدولي، وهذه الكارثة التي حلّت بأهلنا كان سببها مَن تسلم زمام أمور الثورة وأثبت فشله في قيادتها إلى النصر، لأسباب كثيرة أهمها عدم وجود الرؤية والتصور لما بعد إسقاط النظام، وتنفيذ إملاءات الداعمين من قبل قادة الفصائل، ولو على حساب الدماء والأعراض، في صورة تكشف قبح هذه القيادات وتواطؤ شرعييها بعد أن غرفوا من المال القذر الذي أذهب النخوة من رؤوسهم وجعلهم أدوات رخيصة في مشاريع النظام الدولي في وجه رغبة أهلهم وثورتهم في التخلص من الطغاة المجرمين.
يا أهلنا في الشام! لقد رأيتم بأم أعينكم كيف تم اقتلاعكم وتهجيركم من أرضكم وبلادكم فقط لأنكم خرجتم على عميل رخيص لهذا النظام الدولي، فكيف تسمحون لأبنائكم بأن يستعينوا به فينطبق عليكم المثل القائل "كالمستجير من الرمضاء بالنار"؟! وأن يمدوا يدهم لمن يريد القضاء عليكم، لقد انكشف زيف الدول وبانت أهدافها وليس هذا بجديد علينا ولكن الذي يجب أن يكون جديداً هو كيف نسير بثورتنا بعد الآن؟ وكيف نعالج الأخطاء؟
إن ثورة الشام المباركة التي خرجت لله ولتحكيم شرع الله ليس لها إلا طريق واحد للانتصار وتحقيق أهدافها بإسقاط النظام وإقامة حكم الإسلام "خلافة راشدة على منهاج النبوة"، وهذا الطريق يكون بداية بتغليظ المواثيق فيما بيننا وبين الله أولاً، وبيننا وبين أنفسنا ثانياً، على إقامة الخلافة الراشدة،وهذا لا يكون إلا باتخاذ قيادة سياسية واعية وصادقة ومخلصة، تسير بنا إلى مرضاة الله جل جلاله بداية، واستنزال نصره وتمكينه لقلع النظام المجرم وأذنابه وعملائه...
أيها الأهل في الشام! إن الحالة التي أوصلكم لها ضفادع الثورة ومن خلفهم من يأس وقنوط يريدون بكم أن تستسلموا وتخضعوا هو حلقة في مسلسل القضاء على الثورة التي ما زالت قوية عبر بث سموم اليأس والخضوع والاستسلام والخنوع، وهو آخر سلاح في جعبة الغرب وأذنابه بعد أن رأوا صبركم وإصراركم وعزيمتكم رغم سقوط الفصائل وقادتها وشرعييها، ومن يقف خلفها من تيارات فكرية وسياسية، فعلينا أن ننبذ اليأس ونبتعد عن القنوط، فالأرض أرض الله والعباد عباده والنصر نصره، وما علينا إلا الانقياد لشرع الله والاستنان بسنته، وهذا حزب التحرير بينكم يعمل معكم ويقدم لكم مشروع الخلاص لثورتكم مشروع الخلافة الراشدة التي توحد صفنا وتجمع شملنا للقيام بالثورة الحقيقية التي تكون ليس فقط على رموز النظام وأركانه وأجهزته القمعية، بل حتى على أفكاره وقوانينه وقيمه، وما انبثق عن هذا النظام من مجتمع دولي حاقد على الإسلام والمسلمين.
أخيراً لن نقول لكم يا أهلنا صبراً وثباتاً فأنتم من علّمتم الناس معنى الصبر في هذه الأيام الصعبة، لكننا نذكركم بأن الفرصة ما زالت في متناول الثائرين الأبطال والوعي الذي تشكل في هذه السنوات العجاف هو أقوى سلاح للثورة إذا تم استثماره بالشكل الصحيح، فالثورة لم تخرج من أجل تغيير شكلي أو تغيير ظالم بظالم آخر، بل لتغيير الواقع الفاسد الذي يعيشه المسلمون بعامة وفي الشام بخاصة، وهم الذين يعرفون نظامهم أكثر من غيرهم، هذا النظام الذي لا يمتلك ذرة شرف أو أخلاق ودينه وديدنه الكذب والفجور، هذا النظام الذي يريد لنا الغرب الصليبي أن نبقى تحت ربقة ظلمه وعدوانه، هذا النظام الذي لا يمت لنا ولا لعقيدتنا بأي صلة، والتغيير الحقيقي عليه يكون بتبني مشروع سياسي كامل واضح يكون دستوراً لنا مستقبلاً، هذا الدستور الذي استنبطه حزب التحرير من الكتاب والسنة ليكون منهاجاً لدولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة القائمة قريباً بإذن الله.. ﴿وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ * بِنَصْرِ اللَّهِ يَنصُرُ مَن يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ﴾.
بقلم: الأستاذ أحمد معاز
رأيك في الموضوع