تشير الإحصائيات الرسمية في إنجلترا وويلز إلى أن 10 في المئة من الفتيات بين سن 16 و19 عاما تعرضن للعنف الأسري العام الماضي، وقال المكتب الوطني للإحصائيات في تقريره السنوي إن هذه هي الفئة الأكثر عرضة للعنف الأسري، ولكن النساء بين سن 20 و40 عاما يتعرضن أيضا للعنف، حسب التقرير. ويتعرض للعنف الأسري 7 في المئة من الذكور في سن المراهقة، ويشمل العنف الأسري العنف غير الجسدي، والتهديد واستعمال القوة والاعتداء الجنسي، والمضايقة من قبل الزوج أو أحد أفراد العائلة، وأكثر أنواع هذا العنف انتشارا هو مضايقة الأزواج. وجمع التقرير معطياته من تقارير الشرطة، ومن المؤسسات الحكومية والمنظمات المهتمة بدعم ضحايا العنف العائلي. وكشف آخر استطلاع للجريمة في إنجلترا وويلز أن 1.2 مليون امرأة و713 ألف رجل تعرضوا لنوع من أنواع العنف الأسري العام الماضي، وسجلت الشرطة 1.1 مليون بلاغاً ذا صلة بالعنف الأسري في الفترة نفسها، وهو ما يشمل في الأغلب تكرار الاعتداء على الضحية نفسها، وقيدت 488 ألف حادثة من هذه الحوادث على أنها جرائم، تم اعتقال المتهم فيها في أقل من نصفها، ومن بين الحوادث التي أحالتها الشرطة إلى القضاء أقل من ثلاثة أرباع، أي نسبة 72 في المئة من الحالات قبلها المدعي العام، و76 من القضايا أدين فيها الجاني. ويعتقد أن تراجع أصحاب البلاغات أو عدم حضورهم إلى المحاكمة من بين أسباب سقوط الدعاوى، وترى منظمات مساعدة ضحايا العنف الأسري أن التبليغ عن الحوادث يتطلب شجاعة كبيرة من الضحايا، لأنهم يخشون من عدم تصديقهم، أو من الانتقام. وتضيف أنه لا ينبغي الاعتماد على الأدلة التي يقدمها الضحايا، وإنما على الشرطة أن تجمع الأدلة من مكان الحادثة...
إن ما يحدث للمرأة في الغرب لهو دليل صارخ على امتهان كرامة المرأة، وأنها لم ترتق بعد إلى مرتبتها اللائقة بها، بل إن آثار الاعتقادات الخاطئة في القرون الوسطى، هي التي جعلت المرأة كائناً غير بشري، ولا تستأهل إلا أن تكون في خدمة الرجل، تتجلى في تعاملهم مع المرأة اليوم، رغم ما هو مكتوب في الدساتير، عن الحقوق والمساواة حبراً على ورق، وعلى الرغم مما يتشدقون به بأن المرأة في الغرب وصلت إلى قمة النهضة والتقدم بل يقدمونها أنموذجا يحتذى به! إن الوضع الذي يعتز به الغرب من مساواة المرأة مع الرجل، في الحقوق والواجبات وإتاحة الفرص أمامها لتلعب ما أسموه بالدور الحقيقي، قد انقلب فيه السحر على الساحر، وذلك بتطور المطالبات التي تنادي بالحرية المطلقة للمرأة في العمل والمنزل والمجتمع، لا بل إلى الاستغناء عن دور الرجل حتى في الحياة الزوجية، والذي قاد إلى تفكك الأسرة، وخلخلة روابط الأمومة والأبوة بين أفراد المجتمع، ونزع كل شيم الاحترام، وهذا أخطر ما في الأمر، وإذا كانت هذه الحرية التي دافعت عنها شعوب الغرب بدمائها وضحت بالغالي والنفيس من أجلها، قد أفادت هذه الشعوب بإطلاق حرية التفكير والإبداع والاختراع الذي كانت نتيجته التطور التقني والتكنولوجي لمجتمعاتها في جميع مجالات العلم والاقتصاد، فقد خلفت نتائج عكسية على حياتهم الاجتماعية، والأسرية وتسببت في تفكك الروابط الأسرية تحت ضغط الشعارات المنادية بالحرية المطلقة، والمساواة مع الرجل في جميع مجالات الحياة مهما تكن طبيعتها التي تعارض طبيعة المرأة، الأمر الذي لم يخدم مصالحهم، بل كانت وبالاً عليهم، وكان هو السبب في ظهور ردة فعل عكسية لدى المجتمعات في الغرب، وظهور منظمات تدعو إلى العودة إلى الوراء حيثما كانوا لإنقاذ ما يمكن إنقاذه.
ولقد أثبتت مجريات الأحداث أن المرأة في الغرب تعاني من مشاكل عدة تهدد حياتها، وتخدش أنوثتها، وما نسمعه كل يوم من تقارير إخبارية، وملفات القضاء، تفيد تارة بزيادة جرائم الاغتصاب والتحرش الجنسي بشكل يومي، بجانب المشاكل التربوية الكثيرة التي تتعلق بالأطفال ورعايتهم في كنف أمهاتهم، هذه الرعاية التي تكاد تختفي في الغرب، مما ينذر بكارثة مجتمعية تربوية تظهر لاحقا على شكل تفكك الأسرة وانتشار العنف بكل معانيه، وزيادة حالات الطلاق والعزوف عن الزواج، وذلك لإهمال الغرب رعاية الطفل في حضن أمه في المراحل الأولى من عمره، والتي تشكل المفاهيم لديه بصورة فطرية يتبادل فيها الاحترام بين أفراد الأسرة لكن مهمة رعاية الأطفال أوكلت لدور الرعاية (الاجتماعية)، التي لن تكون بديلاً عن رعاية الأم، هذه الأم التي تنشئ الطفل السليم الخالي من العقد النفسية والفيسيولوجية التي تتشكل لديه بسبب غيابها عنه لفترات طويلة مما يخرج أجيالا تائهة متعثرة فاقدة لأدنى درجات الصلاحية للمجتمع تساهم بشكل رئيس في زيادة العنف الأسري والمجتمعي.
إن الإسلام حصراً هو الذي ضمن للمرأة كرامتها وإنسانيتها، وهو الذي يضمن للمرأة حقوقاً وواجبات من عند خالق المرأة العليم بها، وجعل من أوجب الواجبات على الرجل توليها ورعاية شؤونها، والإنفاق عليها، وحمايتها من كل معتدٍ، بل أقر الإسلام أنه «...مَنْ قُتِلَ دُونَ أَهْلِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ» وتتوسع هذه الواجبات في غياب ولي الأمر لتكون من واجبات الدولة، لهذا نجد التاريخ المشرف لرفعة وكرامة المرأة في ظل دولة الخلافة، التي أثارت حفيظة المستشرقين لما رأوا المرأة في ظلها كالملكة يحفّها الخدم والحشم وتحوطها هالة من الحماية والرعاية، تظهر حتى في طراز البنيان، من وجود المرأة دائما في الطابق العلوي بينما يحف المنزلَ سورٌ منيع، صوره المستشرقون الحاقدون على أنه سجن وأن المرأة سجينة في بلاد المسلمين، وهم يجهلون ما تستمتع به المرأة في هذه الوضعية، التي أعلت من شأنها وجعلت منها إنسانة محفوظة الكرامة والشرف. لما تتمتع به من حقوق، وما عليها من واجبات لم يفصّلها بشرٌ بنظرة ضيقة، بل فصّلها، في كتاب مبين، نزل به الروح الأمين، على قلب أشرف خلق الله أجمعين. ولن تنال المرأة هذه المكانة العالية الكريمة المشرفة، إلا في ظل دولة تطبق شرع الله الذي جاء رحمة للعالمين.
رأيك في الموضوع