منذ فجر التاريخ وحتى يرث الله الأرض ومن عليها والصراع الدولي لا يخرج عن أحد دافعين:
الأول: حب السيادة والفخر، كحب سيادة المبدأ عند المسلمين ونشره كما كان الحال مع الدولة الإسلامية طوال ما يقارب 1300 سنة. أو حب سيادة الأمة والشعب كما هو الحال مع إيطاليا الفاشية أو ألمانيا النازية.
الثاني: الركض وراء المنافع المادية
وبزوال الدولة الإسلامية والاتحاد السوفيتي انحصر الدافع الذي يسيطر على العالم في الركض وراء المنافع المادية وسيظل كذلك حتى تقوم الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة فتؤثر في الصراع الدولي فيعود معها دافع حب سيادة المبدأ ونشره، كما ستنتزع زمام المبادرة من أمريكا لسوء إدارتها للعالم.
وأخطر دوافع الصراع بين الدول هو دافع الاستعمار بجميع أشكاله وصوره. فهو الذي سبب الحروب الصغيرة والكبيرة والحربين العالميتين وحروب الخليج وأفريقيا وأفغانستان والعراق وغيرها، وهو الذي ما زال يسبب المشاكل والأزمات والحروب في العالم كله. والتنافس والتشاحن والتصارع بين أمريكا وبريطانيا في العالم الإسلامي ومنها اليمن هو من أجل الاستعمار والسيطرة على الموارد المادية والثروات الطبيعية، وقد تزايدت وتيرة الصراع الدولي بين أمريكا وبريطانيا بشكل جنوني أدى إلى الحرب الدموية الدائر رحاها الآن والتي راح ضحيتها الآلاف من أهل اليمن، كما سبب ذلك الصراع الدمار والمجاعة والمعاناة والكوارث والأوبئة وأمراض الكوليرا وزيادة الفقر والبطالة...
والصراع في اليمن مستمر، فلا مؤشرات تلوح في الأفق على قرب انتهاء ذلك الصراع الذي شارف على توقيف عجلة الحياة. بل إن هناك دوافع لاستمرار هذا الصراع متفرعة من الدافع الأساسي المتمثل في الركض وراء المنافع والموارد والثروات، أي دافع الاستعمار، ومن هذه الدوافع التي تؤكد استمرار الصراع في اليمن إلى أجل غير مسمى.
1- أطماع الدول الإقليمية المنفذة لأجندة الدول الاستعمارية. فإيران تسعى إلى أن يكون اليمن جزءاً من المشروع الفارسي كما كان قبل الإسلام.
أما السعودية فتعتبر اليمن حديقتها الخلفية وهي تنفذ أجندة أمريكا في اليمن وتحاول إقناع أمريكا بأن يكون ملف اليمن بيدها بحيث لا تتدخل إيران في ذلك وهي ستتولى تثبيت الحوثيين في الحكم.
أما الإمارات فهي ترى أن اليمن هو بوابة الخليج وأن تزايد نفوذ أمريكا وذلك بتمدد الحوثيين هو خطر على عروش حكام الخليج، ولذلك فهي تريد تقليص نفوذ الحوثيين وتدوير حكم صالح ليستمر نفوذ الإنجليز فيها كما كان من قبل.
2- استمرار اشتعال نار الطائفية في اليمن حيث يسعى كل طرف طائفي بصبغ الوسط السياسي بصبغة الطائفية لكسبه إلى مشروعه من أجل السير في تنفيذ مخططات أسياده.
ويسعى كل فريق إلى جعل الإعلام والجيش ومناهج التعليم خاضعة لميوله الطائفية والمذهبية.
3- احتدام الصراع على المنافذ البحرية
يسعى كل فريق مدعوما بالدولة الاستعمارية التابع لها إلى السيطرة على المنافذ البحرية، والحرب محتدمة حاليا على منفذ الحديدة البحري الذي يسيطر عليه تحالف الحوثي - صالح وهو المنفذ الذي تهرب لهم الأسلحة منه مع مواد الإغاثة، وقد أعاد وزير الخارجية الأمريكي تيلرسون مبادرة كيري بشكل جزئي وهي أن يتسلم ميناء الحديدة طرف ثالث، وستكون أمريكا هي أول من يرفض مبادرتها إذا لم يخدم الطرف الثالث سياستها.
4- السباق على المصالح والأموال
لقد ربط النظام الناس ربطاً مصلحياً حتى غدت المصلحة هي المحرك الأكثر تأثيراً للناس فتراهم ينخرطون في هذا الطرف أو ذاك بسرعة مذهلة ويقدمون أنفسهم وأبناءهم قرابين رخيصة للدول الاستعمارية. ومعلوم أن الأطراف المتصارعة تغلف هذا الصراع الدامي بالقومية والوطنية والمذهبية والطائفية لجذب الأتباع ليكونوا وقوداً لهذا الصراع، ويحاولون إخفاء الناحية المصلحية إلا أنها أبرز الدوافع التي تقذف الأتباع إلى هاوية الصراع الإنجلو - أمريكي المحتدم والتي تسبب استمرار اشتعاله.
دافع الاستعمار هو الأساس في استمرار هذا الصراع واحتدامه بالإضافة إلى دوافع القومية والوطنية والطائفية والمصلحية وغيرها.
هذه الدوافع هي التي تجعل الصراع محتدما ومستمرا ولا يتوقف إلا إذا اتفقت الدول الاستعمارية أمريكا وبريطانيا على حل سياسي، أو حزم أهل اليمن أمرهم فتركوا العملاء وأسيادهم ويمموا وجوههم شطر الخلافة وعملوا لها مع إخوانهم في حزب التحرير، فيسقطوا عروش العملاء ويقيموا الخلافة الراشدة على منهاج النبوة على أنقاضها، فيفوزوا بعز الدنيا، والفلاح في الآخرة وذلك هو الفوز العظيم.
بقلم: شايف الشرادي – اليمن
رأيك في الموضوع