انعقد في واشنطن يوم الأربعاء الفائت 22/3/2017 أول اجتماع للدول المنضوية ضمن التحالف الدولي الصليبي بقيادة أمريكا منذ فوز دونالد ترامب بالرئاسة الأمريكية، وذلك لمناقشة ما أسموه بخطة مُحاربة تنظيم الدولة الإسلامية، ومحاربة (الإرهاب).
وشارك في الاجتماع وزراء خارجية 68 دولة - منها غالبية دول الخليج ومصر والمغرب والأردن والعراق وتركيا وغيرها من البلاد الإسلامية -، والدول الغربية النصرانية، وترأس الاجتماع وزير الخارجية الأمريكي الجديد ريكس تيلرسون، وتعهد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للمجتمعين بجعل محاربة تنظيم الدولة أولوية للتحالف، وتوعّد بالقضاء على التنظيم وتصفية زعيمه.
لكنّ حقيقة هذا التحالف أنّه ما أسّس في الواقع إلا لمحاربة الإسلام والمسلمين، وليس لمحاربة تنظيم الدولة كما يُزعم، فهو حلف صليبي محض، تُشارك فيه حكومات البلاد الإسلامية للتمويه على عدم إظهار الصبغة الصليبية للتحالف، وما تنظيم الدولة الذي يُعلنون الحرب عليه سوى الذريعة التي يستغلّونها لتحقيق هذا الغرض.
على أنّ الهدف الحقيقي لهذا التحالف الحاقد اللئيم والذي أنشأته إدارة أوباما رئيس أمريكا السابق هو القضاء على ثورة الشام، ومنع إقامة دولة الخلافة على منهاج النبوة في سوريا، والحيلولة دون انتقال تأثيراتها وتداعياتها على الدول المجاورة، فالتحالف في واقعه ما هو إلا وسيلة من وسائل الكافر المستعمر لمواجهة التمدد الإسلامي العالمي، والعمل على وقف انتشاره، وما محاربة تنظيم الدولة و(الإرهاب) سوى المشجب الذي يُعلّقون عليه عُدوانهم المُتواصل ضد الأمة الإسلامية.
وكان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قد زعم أنّ لديه خطة سرية لهزيمة تنظيم الدولة، كما تعهَّد بذلك خلال حملته الانتخابية الرئاسية، بينما جاء شركاؤه وأتباعه الدوليون إلى واشنطن من أجل الاطلاع على هذه الخطة، ومعرفة أدوارهم فيها.
ومن جهةٍ أخرى فإنّ هذا الاجتماع يُعتبر الحدث الدبلوماسي الأول الذي يستضيفه وزير الخارجية الأمريكي تيلرسون، وهو المناسبة السياسية الأولى التي سيُحاول فيها الوزير التدرّب على القيام بالأعمال السياسية، وإظهار قدراته الدبلوماسية أمام الوزراء الوافدين والذين يملك بعضهم خبرات سياسية تفوق قدراته.
إلا أنّه لم يظهر على تيلرسون - حتى الآن على الأقل - أنّه يملك مهارات سياسية مُتميزة كسلفه جون كيري، وما زال يبدو لاعباً هامشياً في إدارة ترامب التي يهيمن فيها الرئيس، ويُعاونه فيها مستشارون أكثر أهمية من الوزراء أنفسهم مثل ستيف بانون وجاريد كوشنر، فظهروا إلى جانب ترامب في اجتماعاته مع زعماء أجانب في البيت الأبيض ولم يظهر معهم تيلرسون!
أمّا ما هو الجديد في اجتماع واشنطن الذي شارك فيه وزراء خارجية ثمانية وستين بلداً في هذا التحالف الصليبي زيادةً عمّا كان عليه الحال في إدارة الرئيس السابق أوباما فيمكن حصره في فكرة توسيع وتسريع الحملة العسكرية في كلٍ من سوريا والعراق، فقد قال مارك تونر، المتحدث (المخضرم) باسم وزارة الخارجية الأمريكية بأنّه "سيكون هناك بعض الأفكار الجديدة على الطاولة"، وبأنّ هذه الأفكار تهدف إلى "تسريع وزيادة التركيز على كيفية تسريع جهودنا".
وظهرت بالفعل آثار هذا التسريع والتوسيع في خطة إدارة ترامب على شكل مذابح جديدة ارتكبها الأمريكان بحق مئات المدنيين الآمنين العزل في المنازل والمساجد والمدارس والمخيمات في كلٍ من الموصل وحلب والرقة وإدلب قامت بها طائرات التحالف وألقت بحممها على رؤوس الناس فوقعت تلك المذابح الشنيعة.
كما ظهر هذا التوسيع والتسريع لدور التحالف من خلال نشر المزيد من القوات البرية الأمريكية في الموصل في العراق لسيطرة عملائها على المدينة، وفي الطبقة في سوريا لدعم المليشيات الكردية الانفصالية في المناطق الشمالية، وكذلك ظهر هذا التسريع والتوسيع من خلال منح البنتاغون والقادة الميدانيين صلاحيات إضافية لتسريع عملية اتخاذ القرارات العسكرية القاتلة، والتي تُفضي بالضرورة إلى إهلاك البشر وتدمير البيوت على من بداخلها من غير الرجوع إلى القيادة السياسية، وهذا هو باختصار الجديد في خطط ذلك التحالف الغادر.
رأيك في الموضوع