إن مستجدات الأحداث في الموصل تنقسم في صورتين ميدانيا وسياسيا؛ أما ميدانيا فقد انطلقت عمليات استرجاع الجانب الأيمن من الموصل من قبضة تنظيم الدولة يوم الأحد من الأسبوع الماضي من محوري البوسيف وسيطرة العقرب جنوب غربي الموصل إذ توجهت القوات العراقية مدعومة بطيران الجو الأمريكي كما ساندها مستشارون أمريكيون في التخطيط للهجوم على مواقع تنظيم الدولة.
تقدمت القوات العراقية من محور البوسيف إلى المطار محققة السيطرة عليه بالكامل بعد معارك شديدة مستأنفة التقدم بعد ذلك لتصل إلى حاوي الجوسق وحي الطيران الذي يفرق بين الأخير والدواسة مركز مدينة الموصل شارع واحد حيث يوجد في حي الدواسة مبنى محكمة بدائة الموصل ومديرية الشرطة ومبنى البلدية وبنهايته مبنى المحافظة.
ومن جهة أخرى تتقدم القوات العراقية إلى معسكر الغزلاني المطل على حيي وادي حجر والمنصور ويمتد شرقا إلىإطراف حي الدواسة كما توغلت قطاعات أخرىإلى محطة اليرموك الكهربائية التي تغذي كل مدينة الموصل بالكهرباء معلنة السيطرة عليها.
مما يجدر الإشارة إليه هو دخول القوات الأمريكية بطيرانها في هذه المرحلة من العمليات العسكرية داعمة القطاعات الأرضية العراقية مع وجود مستشارين أمريكان للتخطيط، إذ أكد وزير الدفاع الأمريكي جيمس ماتيس عند قيامه بزيارة قيادة العمليات المشتركة وعقده اجتماعا موسعا مع كبار القادة العسكريين للاطلاع على سير معارك تحرير الساحل الأيمن من مدينة الموصل، (وكان وزير الدفاع الأمريكي قد أكد مشاركة القوات الأمريكية في العمليات العسكرية التي استأنفتها القوات العراقية لتحرير الجزء الغربي من مدينة الموصل من سيطرة تنظيم الدولة، مشيرا إلى إن القوات الأمريكية تقوم بدور مشابه لما قامت به خلال عمليات تحرير الجزء الشرقي من الموصل، وأنها قريبة من الخطوط الأمامية، مؤكدا أن قوات التحالف تدعم العملية العسكرية العراقية من أجل القضاء على تنظيم الدولة). (قناة الرشيد الفضائية 20/2)
وأما سياسيا فإن الوجود الأمريكي بصورة واضحة ولافتة يشير بشكل واضح أن التدخل الأمريكي له بُعده السياسي في تحجيم دور إيران إذ (أكد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، يوم الخميس الثاني من شباط/فبراير، أن إيران تستحوذ على المزيد من العراق بعد إهدار أمريكا 3 تريليون دولار. وقال ترامب عبر موقع "تويتر" - تبتلع إيران المزيد من العراق. (راديو سبوتينك عربي 25/2) وبالرغم من وجود الحشد الشعبي الشيعي على أطراف تل عفر ومساندا للقوات العراقية داخل الموصل إلا أن وجوده هناك هو فقط وجود إسنادـ، فأي تحرك له خارج الأوامر الأمريكية يعرضه للضرب الموجع كما حصل مرارا معه.
وعلى صعيد آخر قام الجبير وزير خارجية السعودية بزيارة العراق والتي تعد الأولى لوزير خارجية سعودي بعد 2003 إذ قال إن السعودية على "مسافة واحدة من المكونات العراقية"، وذلك بعد لقائه برئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي ونظيره إبراهيم الجعفري. (السبت 25/2 سكاي نيوز عربية).
مما يعني أنأمريكا تدير الأمور بنفسها لتضع كل طرف في موضعه الذي تريده له فلا يتعدى أحد على عمل الآخر خاضعين أذلاءلأوامر سيدتهم أمريكا.
هكذا تسير الأحداث في الموصل بين تقدم عسكري ملحوظ ميدانيا لن يخلف وراءهإلا الدمار والخراب في البنى التحتية للمدينة، وسياسيا الرابح الوحيد هو الاحتلال الأمريكي الجشع ببث التفرق والتمزيق في صفوف المسلمين.
إن المتمعن في مجريات الأحداث في العراق عموما يدرك تماما أن ما أفسد أوضاعه إلا الاحتلال الرأسمالي الجشع بقيادة أمريكا وقوات التحالف الإجرامية، وما هذه الفتن التي انجرف خلفها أبناء العراق المسلمون في اقتتالهم فيما بينهم إلا صرف لقوتهم الضاربة عن إخراج هذا المحتل المجرم.
اقتتال فتنة ركّع المسلمين في العراق لمخططات أمريكا الإجرامية الممزقة للجسد المسلم الواحد وما همها سوى استنزاف ثروات الأمة وليس أمنها أو تحريرها من تنظيمات تسميها إرهابية،وهي أس الإرهاب والإجرام؛ لأنها لا تحمل في جعبتها إلا القتل والتشريد للمسلمين وتنصيب من يعمل لأجلها ليحكم الأمة نيابة عنها يمرر خبثها ومكرها لسرقة ثروات الأمة وخيراتها ويصرف الأمة عن حقيقة عزها وأمنها واستقرارها في دولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة.
إن الحياة كل الحياة في اتباع أوامر الله تعالى واجتناب نواهيه، فلا نجاة للمسلمين من شر الاقتتال إلا بالاعتصام بحبل الله جميعا والحياة بنعمة الله، أي بإقامة الخلافة على منهاج النبوة لينجوا من جحيم الفتن إلى نعيم الشرع والاحتكام إليه. ﴿وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنتُمْ عَلَىٰ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُون﴾.
رأيك في الموضوع