عقد مؤتمر بغداد يوم السبت الموافق ٢٨/٨/٢٠٢١ في ظروف إقليمية وعالمية مأزومة بينما أكد مصطفى الكاظمي رئيس الوزراء العراقي أن بلاده تلعب دورا مهما في المنطقة بتحقيق التهدئة فيها، وأن المؤتمر مهم للمنطقة ككل وليس للعراق فقط.
يأتي هذا المؤتمر وقد برزت مواقف التأييد له داخليا وخارجيا؛ ففي الساحة السياسية الداخلية دعمت القوى السياسية خطوة الكاظمي في عقد هذا المؤتمر، كما وأيدت الدول المدعوّة للمؤتمر مشددة على أهمية الدور العراقي في تحقيق الاستقرار للمنطقة على مر العصور.
محليا أكدت القوى السياسية بإجماع ملحوظ دعمها إقامة المؤتمر زاعمة أنه خطوة مهمة في إنهاء الخلافات بين دول الجوار في ظل المتغيرات المتسارعة في منطقة الشرق الأوسط وكذلك تزعم أن هذا المؤتمر يساعد على استقرار البلد سياسيا واقتصاديا وأمنيا، وقد أكد البيان الختامي للمؤتمر هذه الأمنيات التي باحت بها القوى السياسية في العراق ورؤساء الوفود المدعوة للمؤتمر.
المؤتمر عقد بحضور الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وملك الأردن عبد الله الثاني ورئيس فرنسا ماكرون وأمير قطر تميم ومسؤولين كبار من الإمارات وتركيا وإيران والسعودية.
مما يُظهر أن أمريكا تريد من العراق أن يلعب دورا مهما في المنطقة بعد سيطرة طالبان على أفغانستان، فإن جميع دول المنطقة التي تعتمد في أمنها وبقاء حكامها على كراسي الحكم باتت تخشى على مصالحها وكراسيها بعد أحداث أفغانستان، كما تريد أمريكا إجراء نوع من التنسيق بين هذه الدول وكذلك طمأنة العملاء أن ما جرى في أفغانستان لا يتعدى إلى بقية دول المنطقة، لذلك نجد أن كلمات رؤساء الوفود كلها أشادت بالعراق وتاريخه وأهميته في المنطقة وضرورة التنسيق فيما بينهم، فأمريكا تحاول عبر حكومة الكاظمي دعم العملية السياسية في العراق وهذا واضح من الهالة الإعلامية خارجيا وداخليا وتأكيد الدعم الدولي لإجراء الانتخابات المزمع عقدها في العاشر من تشرين الأول، والتصريح بالمراقبة الدولية لإقناع الشارع العراقي الرافض للانتخابات بأنها الحل الوحيد وأنها نزيهة ليست كسابقتها، وهذا ما نوه إليه البيان الختامي في إحدى نقاطه، وهي أي أمريكا تحاول إنهاء حالة الفوضى والنزاعات الإقليمية الدائرة على أرض العراق منذ احتلاله عام ٢٠٠٣ وما تبع ذلك من تفجيرات وحروب طائفية وتدخل في الشؤون الداخلية وتخريب للبلاد والبنية التحتية وتعطيل الاستثمار، وتهجير السكان، وتدمير الاقتصاد، وانتشار الفساد ونهب الخيرات، وانتشار الفقر والانهيار المجتمعي.
والحقيقة أن بلدا مثل العراق الغارق من رأسه إلى أخمص قدميه في المشاكل التي كثير منها بسبب الضوء الأخضر الأمريكي للنفوذ الإيراني، أنّى له أن يحل مشاكل الغير، وأن هذه المشاكل إن وجدت فهي بسبب التبعية والعمالة لدول الغرب، وأين هي المشاكل الخارجية بين السعودية وإيران مثلا وهم متفقون على تنفيذ السياسة الأمريكية في المنطقة، واليمن خير شاهد على ذلك، فالسعودية وإيران هما من حول اليمن إلى شقاء دائم بحرب طويلة لا يسمح لأي من الطرفين حسم المعركة وصولا إلى الحل السياسي الذي سوف تفرضه أمريكا.
فهذا المؤتمر وغيره مئات المؤتمرات السابقة لقمم الجامعة العربية لا قيمة له في أرض الواقع طالما أن المؤتمرين فيه باقون على تبعيتهم وعمالتهم للغرب، فالمؤتمرات التي يجب الوقوف عندها هي مؤتمرات الدول ذات السيادة لأنها سوف تبحث بجدية مصلحة بلادها.
إن السبيل الوحيد لجلب الاستقرار الحقيقي للمنطقة ليس في الاتفاق مع أعداء الله وأعداء المسلمين بل هو التمسك الجاد بشرع الله الذي به تطمئن النفوس وبالتالي يطمئن الناس، قال تعالى: ﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ﴾، وما نال منا الشقاء إلا بالإعراض عن شرع الله وعدم تطبيقه، قال تعالى: ﴿وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى﴾.
فما مكن أمريكا من رقابنا وأشاع الشقاء فيما بيننا سوى إعراض حكومات الضرار الرابضة على صدور الأمة واتخاذ أمريكا قبلة لهم واضعين بين يديها ثروات البلاد وأرواح العباد قرابين بقائهم على كراسي معوجة القوائم.
حري بأهل القوة والمنعة من أبناء جيوشنا المخلصين وعشائرنا البارين، أن يلتفوا حول أهلهم وإخوانهم العاملين لإقامة شرع الله ونصرتهم، فبه نحيا بأمان وطمأنينة نعبد الله آمنين غير مشركين به شيئا من رأسمالية جشعة ولا ديمقراطية كذوبة.
لذلك لا أمل للمسلمين اليوم إلا بتحقيق وعد الله ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم بتمكين الإسلام في الأرض واستخلاف عباده المؤمنين الصادقين المخلصين، وإقامة وحدة المسلمين بدلا من دول متفرقة تجتمع بحضور المجرم ماكرون عدو الإسلام وعدو نبينا محمد ﷺ، وذلك بتحكيم شرع الله بعد غيابه عن الواقع قرناً من الظلم والاستضعاف والخنوع لهيمنة أعداء الله على بلادنا وأمتنا.
رأيك في الموضوع