(اقترحت وثيقة رسمية أوروبية، أعدتها مسؤولة الشؤون الخارجية الأوروبية فيدريكا موغيريني وحصلت «الحياة» على نصها، أربعة عناصر للوصول إلى سوريا المستقبل بينها إقامة نظام سياسي يخضع للمساءلة ويقوم على اللامركزية. لكنها ربطت المساهمة في إعادة الإعمار بـ «بدء تنفيذ الانتقال السياسي»). الحياة اللندنية
وقد حددت الوثيقة أربعة نقاط رئيسية في الوثيقة وهي:
أولا: إقامة نظام سياسي تعددي خاضع للمساءلة والمحاسبة بسلطات واضحة للحكومة والبرلمان بعيداً عن تحكّم الحزب الواحد وتحديداً لصلاحيات الرئيس وإعطاء صلاحيات لغيره من مراكز الحكم.
ثانيا: إقامة نظام لا مركزي من خلال إعطاء صلاحيات للأقاليم والمحافظات وهذا وحده الكفيل بالمحافظة على وحدة سوريا.
ثالثا: المصالحة وهذا يتم من خلال إعادة الثقة بين مختلف شرائح المجتمع في سوريا لتكون كل شريحة مقبولة من كافة الأطراف.
رابعا: إعادة إعمار سوريا ويكون هذا من خلال إشراك كافة الجماعات السورية لأن الإعمار يبدأ من الأسفل للأعلى والاتحاد الأوروبي مستعد ليلعب دورا بإعادة الإعمار في مرحلة ما بعد الصراع.
وذكرت الوثيقة أن «التحدي في سوريا هو بناء نظام سياسي تتمكن فيه مختلف مناطق البلاد والجماعات من العيش في سوريا بسلام ضمن إطار سياسي واحد» وهو «تحد أكبر بعد التصدعات التي خلفها الصراع الأهلي طويل الأمد».
هذه أبرز النقاط التي ذُكرت في الوثيقة.
وللتعليق عليها نقول وبالله التوفيق:
أولا: إن الدور الأوروبي في الشام لا قيمة له لأن الفاعل الرئيسي في الشام هو الولايات المتحدة والباقي إما عملاء أو أشياع، أو حلفاء لها لتحقيق مصالحها بمقابل مثل روسيا. أما الدور الأوروبي فهو لا يعدو عن كونه في أحسن حالاته تشويشاً على أمريكا، وما هذه المبادرات والطروحات إلا محاولة منهم للتشويش ومحاولة إشراك عملائهم (رجالات أوروبا) في السلطة من خلال طرح محاور المصالحة والتعددية وإقامة مجالس محلية في المحافظات والأقاليم لعلها يكون لها ولو دور بسيط ليس في هرم السلطة ولكن من خلال البرلمان أو الإدارات المحلية من خلال تحديد صلاحية الرئيس والتناوب على السلطة وإقامة نظام لا مركزي...
وحقيقة الصراع في الشام ليس بين أمريكا وأوروبا ولا روسيا إذ لا صراع دولياً في الشام بين دول الكفر، بل هو صراع بين الكفر قاطبة وبين الأمة الإسلامية في الشام. وأوروبا هي جزء من المؤامرة على الشام وثورتها ولكنها تحاول أن توجد لها موطئ قدم أو تشوش على أمريكا خطتها لعلها تحظى بنصيب يذكر أو تحافظ على عملائها.
ثانيا: إن هذه المبادرة وإن كانت غير رسمية حسب الخبر لكنها تبين مدى تفكير دول الغرب فيما يتعلق بالشام من حيث الالتفاف على الثورة وصرفها عن غايتها التي قامت من أجلها، وهي إزالة واجتثاث النظام بكافة رموزه وأشكاله وصوره وعلاقاته وأفكاره ومفاهيمه وليس فقط رأس النظام أو بعض الأشخاص فيه، هذا الركن الأول للثورة ويلازمه الركن الثاني والذي لا ينفصل عنه (تلازم الروح والجسد) وهو إقامة نظام بديل عنه منبثق من حضارة هذه الأمة وما كان عليه سلفها الأول؛ خلافة راشدة على منهاج النبوة ورفع راية التوحيد راية العقاب عالية خفاقة، بعيدا عن مشاريع الغرب الكافر من دولة مدنية تعددية، وسواء أرادها بعضهم بمرجعية إسلامية أم لا فهي في حقيقتها دولة علمانية.
ثالثا: إن الناظر لجميع المبادرات التي تطرح من دول الغرب أو الأدوات أو العملاء في الشام يجد أنها قد تختلف في الصياغة ولكن المضمون لها واحد وهو بقاء النظام مع إجراء شكلي وهمي لتغيير شخصي محدود لا قيمة له ولا أثر في الواقع وهذا يعود لطبيعة الثورة الشامية ولإدراك الغرب أن الرأي العام الذي نزل بأرض الشام لن يزول بإذن الله ولن تنتهي الفئة المؤمنة التي احتضنت الثورة وضحّت بكل ما تملك في سبيل الله، بل وصبرت على خذلان كثير من أبناء الأمة لها، وتناحر الإخوة والاقتتال بين بعض الفصائل نتيجة المال السياسي وشروط الممولين المجرمين، لقد صبرت الثورة لسنوات وما زالت بشكل يعجز العقل البشري أن يتصوره، في ظل هجمة الكفر بكل ما يملك من صواريخ وقنابل وغازات وكيماوي ومؤامرات ومؤتمرات ومجالس وهيئة أمم وجامعة عربية ودول الطوق بجدار حديدي مجرم يمنع نصرتها ويقف في وجه امتدادها... كيف لا تصبر وتحتسب أمرها إلى الله والمحرك لها هو الإسلام العظيم والصبر والثقة لموعود الله بالنصر والتمكين ولو بعد حين، ولكن هذا النصر بحاجة إلى صبر وثبات واجتماع للكلمة على مشروع سياسي محدد منبثق من الإسلام وبعيد كل البعد عن طروحات الغرب الكافر والعملاء والأدوات والممولين الذين خانوا الله ورسوله والمؤمنين.
وفي خاتمة المقال نذكر أهلنا بالشام أن الله اختاركم وهذا شرف عظيم لكم، فكونوا على قدر هذا الاختيار، فإن هذه المبادرات هي جزء من المؤامرة عليكم، وإياكم أن تذعنوا لهم بعد هذه التضحيات الكبيرة والدماء الزكية والدموع التي ذرفتها الأمهات والأعراض التي انتهكت،
أيكون بالله عليكم بعد هذه التضحيات القبول ببقاء النظام والتخلي عن راية الإسلام ودولة الإسلام؟ ماذا سيكون موقفنا أمام الله وأمام كل أم فقدت فلذات أكبادها؟ اصبروا وصابروا وإن غدا لناظره قريب بالنصر في الشام إقامة أو فتحاً لها بجحافل جيوش دولة الخلافة التي على منهاج النبوة حيث تستقر وتؤوي الخلافة هناك تصديقا للأخبار المروية عن رسول الله e.
رأيك في الموضوع