مضى شهر على بدء معركة الموصل والواضح فيها أن كل فصيل من المشتركين في هذه المعركة لديه أهداف خاصة به، وكل يوم تنكشف هذه الأهداف من خلال الأعمال التي يقوم بها والتصريحات التي يطلقها، فقوات البيشمركة الكردية التي تتقدم من جهة شرق الموصل قامت باقتحام القرى والمدن الصغيرة الموجودة شرق الموصل واستعادت أكثرها، وصرح أكثر من مسؤول كردي أن هذه القرى والمدن ستكون ضمن إقليم كردستان ولن يتم الانسحاب منها بعد انتهاء العمليات الحربية، إضافة إلى قيام البيشمركة بأعمال تطهير عرقي في مدينة كركوك والقرى المحيطة بها إذ صرح مسؤول في منظمة حقوق الإنسان الدولية أن الأكراد قاموا بتهجير السكان العرب من قرى قرب كركوك ثم أحرقوا الدور ودمروها، وعندما تحدث مندوب المنظمة مع مسعود برزاني عن هذا الأمر قال البرزاني إن هذه قرى كردية ولن نسمح بعودة العرب إليها.
ومن ناحية أخرى تتقدم مليشيا الحشد الشعبي إلى مدينة تلعفر والمناطق المحيطة بها في محاولة للسيطرة عليها وسط تحذيرات من ارتكاب هذه المليشيات مجازر وتهجير للعرب السنة وجعل المدينة وما حولها مناطق خاصة بالشيعة التركمان بالدرجة الأولى وبدعم من إيران، وتناقلت الأنباء أيضا ارتكاب هذه المليشيات لعمليات تهجير وقتل طائفي من مناطق جنوب الموصل. فيما يواصل الجيش والشرطة تقدمهم البطيء في الأحياء الشرقية (الساحل الأيسر) من الموصل لأنها أسهل منطقة يمكن الدخول منها إلى قلب الموصل بسبب طبيعة الأرض المنبسطة وعدم وجود أتباع تنظيم الدولة بكثرة فيها بعد توارد الأبناء عن تمركز عناصر التنظيم في الساحل الأيمن من المدينة التي تمتاز بضيق أزقتها وصعوبة الدخول إليها بسبب طبيعة الأرض المحيطة بها.
إن التصريحات التي صدرت من القادة الأكراد والحشد الشعبي وقادة تركيا كلها تصب في إطار الصراع العرقي والطائفي في المنطقة وكل طرف يريد الحصول على مكاسب أكثر من الطرف الآخر، وهذا الأمر يصب أخيرا في باب التقسيم الذي يتحدث عنه الجميع بشكل أو بآخر، تقسيم البلاد إلى أقاليم على أساس عرقي وطائفي، ولذلك نجد أن جميع الأطراف تحاول الحصول على مكاسب في الأرض لضم ما يحصل عليها إلى الإقليم الذي يريد إنشاءه، مع تكرار الأكراد لمقولة أن الدولة الكردية قائمة لا محالة بعد استتباب الأمور وتهيئة الظروف المحلية والدولية لقيامها. وكل ذلك يحدث على حساب المسلمين الساكنين في مناطق الصراع؛ محافظة الموصل بالدرجة الأولى وكركوك بالدرجة الثانية.
إن ما يحدث في بلاد الرافدين عاصمة الخلافة لفترة طويلة والتي أنجبت قادة مسلمين عظاماً صدوا هجمات المغول والتتار وحرروا القدس من الصليبيين يوم أن كان المسلم لا يقول أنا عربي أو كردي أو سني أو شيعي وإنما كان يقول أنا مسلم يشهد ألا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله. ولكن بعد تغلغل العرقية القومية والطائفية البغيضة تفرق الناس واقتتلوا وتمكن الكافر المستعمر الذي أوجد هذه المسميات البغيضة، تمكن من بلادهم وتسلط على رقابهم وأوجد من يحكمهم بأوامر منه.
إن المسلمين في العراق وكل بلاد المسلمين أدركوا أن خلاصهم يكمن بالعودة للتمسك بدينهم والعمل على إعادة الحكم بالإسلام تحت قيادة خليفة راشد في ظل خلافة راشدة على منهاج النبوة، قد آن أوانها بإذن الله، ولذلك نجد أن هذه الهجمة الشرسة تزداد عليهم تقتيلا وتهجيرا وتدميرا لبلادهم، لمنعهم من تنفيذ واجبهم الذي أوجبه الله تعالى عليهم، ولكن خاب سعيهم فالوعد اقترب والمسلمون أدركوا حجم المؤامرة وهم لها بالمرصاد بعد الاتكال على الله الذي لا يضيع عمل مسلم يرجو مرضاة ربه ويسعى لتحكيم شرعه وحمل دعوته إلى العالم أجمع. ﴿الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ﴾ [الحج: 41]
رأيك في الموضوع