أعلن العبادي تشكيلة حكومة التكنوقراط بنهاية المهلة التي أعطيت له ضامّةً (16) حقيبة وزارية عدا وزارتي الداخلية والدفاع لما تذرع به العبادي من أسباب أمنية. هذه الخطوة عدَّها مقتدى الصدر إيجابية، مما حدا به أن يطلب من أنصاره إنهاء اعتصامهم أمام بوابة المنطقة الخضراء، كما أعلنت واشنطن تأييدها لهذه الإصلاحات ودعت كافة الأطراف السياسية للتعاون مع الجهود المبذولة في هذا الصدد. ولكن التشكيلة لم تحظ بعد بموافقة البرلمان الذي اجتمع ليقرر تأجيل عشرة أيام لمناقشة الوزارات وشهرا لحسم الهيئات والمناصب اﻹدارية. إن اعتصام مقتدى داخل المنطقة الخضراء لوحده سَحَبَ البساط من تحت أقدام المتظاهرين وقام باحتوائهم، ولما أعلن العبادي تشكيل الحكومة سارع مقتدى بإنهاء اعتصامه معلناً موافقته على إصلاحات العبادي مما امتص زخم الغضب الذي يجتاح الشارع ولو ﻷمد محدود. التشكيلة التي قدمها العبادي فاجأت الكتل السياسية؛ فهي وإن كانت ستضع حدا لصراعها على الحكم إلا أنها لن تنهيه؛ لأن صراعهم هو صراع مصالح أيّهم ينتفع من موقعه أكثر، وكذا لأن القرار السيادي بيد أمريكا فبإعلانها تأييدها لتلك التشكيلة فهو يعني أنه لا بد من مُضيِّها للأمام "وعلى البرلمان أن يحسم أمره في المضي باﻹصلاحات" كما ورد في بيان نشر على موقع حيدر العبادي. فالصراع لن ينتهي ولكن قد تخف وتيرته أمام هذه التشكيلة الموصى بها أمريكيا. وعلى الصعيد نفسه فإن إبقاء وزارتي الداخلية والدفاع هو للمحافظة على سير الخطة الأمنية في محاربة تنظيم الدولة. فالحكومة تتقدم بخطوات مرسومة لاسترجاع مناطق ما يسمى بالمكون السني من قبضة تنظيم الدولة، فالحصار الخانق المضروب على الفلوجة مانعاً الغذاء والدواء قد أخذ مأخذه في النساء والأطفال والشيوخ من أهالي الفلوجة غير مؤثر على تنظيم الدولة البتة كما تسرب من مناشدات لنساء من داخل الفلوجة، وكذا ممارسة التنظيم أبشع وأسوأ رعاية للشارع السني تدفعه لأن يطالب بالتقسيم؛ فهو قد عانى القهر والضغط الشديدين ما بين سندان تنظيم الدولة ومطرقة الحكومة ومليشيات الحشد الشعبي. هكذا تقوم أمريكا بتمرير سياستها لتقسيم العراق بدفع الشارع السني للمطالبة به كما واستوعبت الشارع الشيعي وامتصت غضبته بحكومة تكنوقراط. ولكن يبقى أمام هذه الحكومة تحدٍّ أمام الشارع، هل ستستطيع إطالة أمد تخديره، فهو إنما قام لرفع البطالة واسترجاع حقوقه فهو المحك والمقياس.. فهل ستنجح؟! -
رأيك في الموضوع