يبلغ سكان البلاد العربية ما يقارب 370 مليون إنسان، يعيش أكثر من 120 مليوناً منهم حالة من الفقر المدقع والذي قد يصل إلى حد الجوع الذي يجعل ذمة الله بريئة من العرب برمتهم. حيث إن عدد الفقراء يشكل 30% من السكان، ما يعني أنه في كل حي من أحياء أو عرصة من عرصات 70% من السكان يعيش جائع أو أكثر من الناس. والفقر يتبعه نقص في المناعة الجسدية ما يجعله عرضة للأمراض، وحرمان من التعليم ما يحد من مقدرة الإنسان على تخطي عقبات الفقر. ما يعني أن 120 مليون عربي لا يجدون قوتهم ولا عافية في أبدانهم، وبالتالي يفقدون الأمن والأمان الذي جعله الله حقا لهم مصداقا لقوله e: «من أصبح آمناً في سربه معافا في بدنه عنده قوت يومه فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها».
والجدير بالذكر أن مشكلة الفقر في البلاد العربية ليست مشكلة نقص في المال والثروات، بل هي في حقيقتها نهب للأموال والثروات. وبالأخص من قبل الحكام الذين نصبتهم بريطانيا وأمريكا لحراسة مصالحهم في العالم العربي. وقد رشح من المعلومات ما هو مرعب ومخيف من حيث مجموع الأموال التي سطا عليها حكام عملاء مأجورون جعلت شعوبهم تعاني من فقر شديد. ولعل الأرقام التالية توضح بعضا من الحقائق المرعبة في العالم العربي:
فالوليد بن طلال سمسار العائلة السعودية بلغت ثروته أكثر من 32 مليار دولار. وعائلة الأسد حاكم سوريا الذي قضى على أكثر من مليون شهيد وجريح و10 ملايين لاجئ مقابل أن يبقى في الحكم، ولا غرر فقد بلغت ثروة عائلته من هذا التسلط الأثيم أكثر من 40 مليار دولار على أقل تقدير. أما مصر فقد زاد عدد الفقراء فيها عن 20 مليون نسمة ناهيك عن الملايين ممن شردوا في أنحاء الأرض تاركين أهليهم وراءهم بحثا عن لقمة العيش، في الوقت الذي بلغت ثروة طاغيتهم المخلوع حسني مبارك ما بين 40-70 مليار دولار. والأنكى من ذلك أنه هو وعائلته قد سيطروا على مقدرات الأمة في مصر حيث يملكون حوالي 20 طناً من خام البلوتونيوم الضروري لإنتاج الطاقة النووية، وتقدر قيمتها بحوالي 15 مليار دولار. هذا إضافة إلى العقارات التي يملكونها في مختلف عواصم أوروبا وأمريكا واليخوت السياحية والسفن.
أما تونس والتي يبلغ عدد سكانها حوالي 12 مليون نسمة، فإن ما يقرب من 3 ملايين منهم يعيشون تحت خط الفقر. وأهم سبب لفقر الشعب في تونس ليس قلة الموارد أو ضعف الاقتصاد، بل هو نهب الثروة من قبل الطاغية الذي حكم تونس بالحديد والنار حاميا لمصالح بريطانيا وفرنسا وغيرها، وحارماً الشعب من ثروة ضرورية لزيادة الإنتاج وبناء اقتصاد محكم والقضاء على البطالة والفقر. فقد بلغت ثروة زين العابدين وعائلة زوجته الطرابلسي أكثر من 20 مليار دولار بعد أن سيطروا على أكثر من 40% من الاقتصاد التونسي. أما ليبيا فبالرغم من كثرة المال والثروة التي نتجت عن النفط والغاز، فقد بقيت ليبيا في مؤخرة البلاد من حيث توفر البنية التحتية للمواصلات والتعليم والصحة. وبقي الشعب في ليبيا يعاني فقرا كما تعانيه البلدان التي تفتقر للمواد الخام كالنفط والغاز! ولا غرر، فقد جمع القذافي وأبناؤه أموالا طائلة زادت على 30 مليار دولار. وبعد سقوط صدام حسين تبين أن ثروته قد زادت عن 20 مليار دولار. واليمن التي تغرق في بحر من الدماء يتحمل وزرها الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح والذي يحاول أن يعود لليمن بأي ثمن، فإن غالبية ثروتها قد استولى عليها علي صالح الذي بلغت ثروته أكثر من 60 مليار دولار. فلا عجب أن يحارب الأخضر واليابس وأن يتحالف مع الشيطان ليعود سلطانه على اليمن.
أما ثروة حكام السعودية ملوكا وأمراء فتبلغ مئات المليارات من الدولارات، ومثلها ثروة أمراء النفط في الخليج. وحتى ملوك وأمراء أفقر الدول كالمغرب والأردن بلغت أرقاما خيالية يصعب على المرء مجرد التفكير بحجمها. فبرغمأنهم يحكمون دولا تعتبر فقيرة، فإن الملوك والأمراء العرب تصدروا لائحة أثرى 15 شخصية حاكمة في العالم، حيث حل 7 منهم ضمن أثرى ملوك العالم، وعلى رأسهم الشيخ «خليفة بن زايد آل نهيان»، رئيس دولة الإمارات. وتعليقا على هذا الترتيب، قال أحد الخبراء الاقتصاديين إن احتلال الحكام العرب للمراتب الأولى عالميا من حيث الثروة، يفسر بكون هؤلاء «يسعون إلى استغلال السلطة من أجل مراكمة المال، الذي يتيح لهم البقاء في الحكم»، وقال إنه «في الدول المتقدمة يؤدي المال إلى الوصول إلى السلطة، أما في الدول العربية فإن السلطة تؤدي إلى جني المال».
وبالتالي لم يكن مستغربا أن تهب الجماهير في البلاد العربية في الثورة التي عرفت بالربيع العربي. فالفقر وضنك العيش كان وما يزال مرتبطا بنهب مستمر ومنظم لثروات الشعوب ما جعل جيوب حكامهم منتفخة وبطونهم متخمة في حين جيوب الشعب فارغة وبطونهم تتضور جوعا. فالثورة كانت طبيعية بل وحتمية. فإن كان توجيه الثورة يتطلب وعيا وفكرا وقيادة حكيمة، فإن إشعالها لا يتطلب إلا جوعا وفقرا ونهبا للثروات.
والحاصل أن بلاد العرب والمسلمين قد ابتليت بحكام هم أقرب للذئاب منهم للرعاة، أوغلوا في أموال المسلمين وولغوا في دمائهم، ولم يرقبوا في شعوبهم إلا ولا ذمة، فكان وجودهم في موقع الحكم ضغثا على إبالة، فلا هم نهضوا بشعوبهم، ولا تركوا الشعوب تتلمس طريق نهضتها وعزتها، ونهبوا ثرواتها حتى لا يجد الناس ما يقتاتون به لحياتهم أو يتقوون به لمواجهة أعدائهم، فتباً لهم وألف تب.
رأيك في الموضوع