أبرمت دول الاتحاد الأوروبي الـ 28 يوم الجمعة 18 آذار/مارس في بروكسل، صفقة أقل ما يمكن أن توصف به أنها لاإنسانية مع أنقرة/ تركيا أردوغان سيتم بموجبها إعادة كل المهاجرين الجدد الذين يصلون إلى الاتحاد الأوروبي اعتباراً من الأحد 20 آذار/مارس إلى تركيا، بحسب ما أعلن رئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك.
وكتب توسك على "تويتر"، أن "اتفاقاً بالإجماع (تم) بين جميع رؤساء الدول والحكومات في الاتحاد الأوروبي ورئيس الوزراء التركي" أحمد داود أوغلو.
ينص الاتفاق (الصفقة) الذي تم التوصل إليه، بين الاتحاد الأوروبي وتركيا على تدابير غير مسبوقة مثيرة للجدل، أبرزها إعادة جميع الوافدين الجدد الذين يصلون إلى اليونان اعتباراً من يوم الأحد 20 آذار إلى تركيا، بمن فيهم طالبي اللجوء.
"سيتم طرد جميع المهاجرين غير الشرعيين الجدد الذين يصلون من تركيا إلى الجزر اليونانية اعتبارا من 20 آذار إلى تركيا". وزيادة في التضليل والخداع يوصف هذا الإجراء بـ "المؤقت والاستثنائي" ويهدف إلى وضع حد للرحلات الخطيرة عبر بحر إيجه و"القضاء على نمط عمل مهربي (المهاجرين)". ويتكفل الاتحاد الأوروبي بنفقات إعادة المهاجرين المطرودين غير الشرعيين حسب هذا الاتفاق.
وحتى لا يكون طرد طالبي اللجوء مخالفاً للقانون الدولي الذي لا يقبل بالطرد الجماعي يؤكد الاتفاق أن أي طلب لجوء سيكون موضع "دراسة فردية" في الجزر اليونانية "كل المهاجرين الذين لا يقدمون طلب لجوء، أو يتم التثبت من أن طلبهم لا يستند إلى أساس أو لا يمكن قبوله" ستتم إعادتهم إلى تركيا. وسيرسل الاتحاد الأوروبي أيضاً تعزيزات من القضاء وموظفي اللجوء لتسريع إجراءات الترحيل، على أساس تجميلها للتوافق مع القانون الدولي الذي يمنع عمليات الترحيل الجماعي وسيستند الأوروبيون بصورة خاصة إلى مبدأ "الدولة الثالثة الآمنة"، وبعد اعتراف اليونان بهذا الوضع لتركيا، فإن الاتحاد الأوروبي سيعتبر طرد المهاجرين قانونياً، حيث إن طالبي اللجوء سيجدون في تركيا الحماية الدولية التي يحتاجون إليها.
ومن المكاسب التي حصلت عليها أنقرة "تسريع.. خريطة الطريق" للسماح بإعفاء رعاياها من تأشيرات الدخول إلى أوروبا "في مهلة أقصاها نهاية حزيران 2016".
غير أنه سيتحتم على أنقرة استيفاء المعايير الـ72 المطروحة بهذا الصدد، من أجل إلغاء التأشيرات ما حمل بعض الدبلوماسيين على التشكيك في إمكانية تحقيق ذلك. وبالتالي، فإن مهلة حزيران تبقى هدفاً معلناً طموحاً، لكنها ليست وعداً. بالرغم من أن تركيا أكملت 37 معيارًا من أصل 72 كما صرح بذلك أوغلو رئيس وزرائها.
وكانت أنقرة تصر على فتح فصول جديدة لتسريع عملية عضويتها في الاتحاد الأوروبي، وطالبت بشكل خاص بفتح 5 فصول إضافية، شملت كلاً من الفصل الـ15 المتعلق بالطاقة، والـ23 المتعلق بالقضاء والحقوق الأساسية، والـ24 المتعلق بالعدالة والحريات والأمن، والـ26 المتعلق بالتعليم والثقافة، والـ31 المتعلق بالدفاع والأمن الخارجي.
لكن رفض جنوب قبرص - الدولة المعترف بها أوروبيا - فتح تلك الفصول، دفع الجانبين إلى التوصل لصيغة أخرى تنص على فتح الفصل 33 المتعلق بالأحكام المالية والميزانية، حتى 30 حزيران/يونيو القادم، فيما نص البيان المشترك بالاستمرار بشكل سريع بالتحضيرات لفتح الفصول الأخرى.
ويتعهد الاتحاد الأوروبي بموجب الاتفاق على "تسريع" تسديد المساعدة بقيمة 3 مليار يورو التي سبق ووعد تركيا بها من أجل تحسين ظروف معيشة الـ2,7 مليون لاجئ الذين تستضيفهم.
و"حين تصبح هذه الموارد على وشك النفاد" وبشرط أن تحترم تركيا بعض الالتزامات في شأن استخدامهم، فإن الاتحاد الأوروبي "سيحشد تمويلاً إضافياً قدره 3 مليار يورو إضافية" بحلول نهاية 2018".
كما تعهد الأوروبيون لقاء أهل سوريا الذين تتم إعادتهم إلى تركيا، استقبال عدد مساو من أهل سوريا الآتين مباشرة من تركيا، على أن يحدد سقف لهذه الآلية في بادئ الأمر من 72 ألف لاجىء، وهو العدد المتاح استقباله في أوروبا. هذه الآلية «واحد مقابل واحد»، المتعلقة بأهل سوريا، بات واضحاً أنها مجرد أداة لوقف تدفقات اللاجئين. فقد اعترف مسؤول أوروبي بأن أنقرة، على عدم اكتراثها، لم تطرح تلك الآلية من تلقاء نفسها، بل طلبت منها دول أوروبية (ألمانيا تحديدا) اقتراح آلية مناسبة لوقف تدفقات اللاجئين.
ونص بيان الاتفاق أيضا على أن "الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء، ستعمل مع تركيا في أية جهود مشتركة لتحسين الظروف الإنسانية داخل سوريا"، في إشارة لهدف تركي تسعى له أنقرة حول إقامة مناطق آمنة داخل سوريا.
وقد صرح داود أوغلو على ضرورة تعزيز تكامل تركيا مع الاتحاد الأوروبي، وحل أزمة لاجئي سوريا، مبينًا أنه ثمة حاجة إلى تعاون استراتيجي لتحقيق ذلك، مشيرًا في الوقت ذاته أن اتفاق اليوم يحمل بعدًا إنسانيًا.
وأوضح داود أوغلو أن "الهدف الرئيسي من الاتفاق، هو الحيلولة دون موت الأطفال والنساء والشباب والمسنين في منطقة إيجه، لذلك توصلنا إلى اتفاق حول اتخاذ موقف متوازن لمنع عمليات تهريب البشر، وتشجيع الهجرة القانونية".
بهذا الاتفاق صار واضحا أن تركيا أردوغان - الذي يدعي وصلاً بآل عثمان وهم من أعماله براء - استطاعت أن تستغل أزمة اللاجئين/المهجَّرين التي صنعتها لأوروبا، فقد أشغلت أوروبا بها لتصبح علاقتها بالأزمة السورية فقط أزمة لاجئين، وابتزتها وضغطت عليها لتحقيق بعض الأحلام والمصالح، فحصلت على وعود بتقديم أموال وإلغاء التأشيرات لرعاياها وما زالت تحلم بالانضمام للاتحاد الأوروبي.
تركيا البلد المسلم والذي يدعي حكامه أنهم ورثة الخلافة العثمانية تتعامل مع المهجرين من أهل الشام (الهاربين من القتل والاغتصاب على أيدي عصابات الإجرام الأسدي) على أنهم لاجئون وكأنهم ليسوا مسلمين تجب نصرتهم وإغاثتهم، فكيف يكون المسلم لاجئاً في بلاد المسلمين وكيف يقبل أهل البلاد بحجز إخوانهم المسلمين في مخيمات الذل والعار ويتعاملون معهم كلاجئين تستغلهم وتتاجر بدمائهم ومآسيهم كل الدول والأنظمة التي استقبلتهم لتحقيق مصالح وتنفيذ بقية المؤامرة على أهل الشام وثورتهم المباركة؟ ولكنها غفوة مارد يخشاه الكفر وأعوانه، وهو لا شك سيصحو ويستفيق بإذن الله، وستستعيد هذه الأمة سلطانها وقوتها، يقودها خليفة يخاطب السحاب ويخاطب قادة الكفر أن الجواب ما ترونه لا ما تسمعونه.
بقلم: حاتم أبو عجمية - الأردن
رأيك في الموضوع