أعلن تنظيم الدولة الإسلامية يوم الجمعة 08/01/2016 مسؤوليته عن تفجير شاحنة في مركز لتدريب الشرطة بمدينة زليتن شمال غرب ليبيا يوم الخميس قتل فيه 65 شخصا على الأقل وأصيب نحو 127 آخرون. ومن جهة أخرى، تسببت المعارك التي اندلعت مطلع الأسبوع الماضي بين حرس المنشآت النفطية الليبية ومقاتلي تنظيم الدولة في اشتعال النار في خزانين نفطيين، ثم اتسع نطاق الحرائق، بينما قدر مسؤول في شرق ليبيا أن سعة الصهاريج تصل إلى نحو 460 ألف برميل لكل منها. هذا ويذكر أنتنظيم الدولة الإسلاميةشنّ يوم الاثنين 04/01/2016 هجمات على منطقة السدرة النفطية شرقي البلاد، مما أسفر عن مقتل ثلاثة من أفراد الأمن وإصابة خمسة آخرين بجروح. وشن عناصر التنظيم هجومين بسيارتين مفخختين على بوابة منطقة السدرة، تبعه على الفور هجوم مسلح على المنطقة من أربع جهات، في محاولة للتنظيم للسيطرة عليها. كما يذكر أن التنظيم يسيطر على مدينة سرت ويقوم بعدة محاولات للتوسع.
ويلاحظ أن تنظيم الدولة كثف هجماته وقام بالعديد من التفجيرات على إثر مصادقة مجلس الأمن على القرار 2259 الذي قدمته بريطانيا ويتمثل في اعتبار الحكومة التي سيتم تشكيلها في ليبيا بموجب الاتفاق الذي جرى في مدينة الصخيرات هي الممثل الوحيد لليبيا.
ولذلك قال المبعوث الخاص للأمم المتحدثمارتن كوبلرإن هجوم تنظيم الدولة على المنطقة التي تقع فيها المرافئ النفطية الرئيسية بليبيا يجب أن يذكر كل الليبيين بضرورة التطبيق الفوري للاتفاق السياسي وتشكيلحكومة وحدة وطنية. وفي السياق نفسه قالت موغيريني مسؤولة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي إن هجمات يوم الخميس وتلك التي استهدفت منشآت نفطية "تذكرنا بضرورة التعامل على الفور مع الموقف الأمني في ليبيا." وأضافت أن المجتمع الدولي مستعد لتقديم الدعم، لكن على ليبيا أولا أن تضع الضوابط لذلك. وقالت "أفضل طريقة للرد على الهجمات التي يقوم بها تنظيم الدولة الإسلامية في الأراضي الليبية هي وحدة الليبيين وحربهم ضد الإرهاب.ونقلت صحيفة واشنطن تايمز عن رئيس المركز الدولي لسياسات الدفاع والأمن في مؤسسة راند الأمريكية سيث جونز، قوله إن من غير المؤكد أن ينجح فرع التنظيم بليبيا في الاستيلاء على مصادر نفط هناك. وأشارت الصحيفة إلى أن ذلك يعتمد على مدى رغبة الدول الغربية في التدخل العسكري لصالح "الحكومة الليبية". وقالت أيضا هناك أنباء تفيد بأن بريطانيا ربما تكون على وشك إرسال قوات عمليات خاصة لمحاربة تنظيم الدولة في مدينة سرت، ممّا يدل دلالة واضحة أن التحركات الأخيرة التي قام بها تنظيم الدولة هو لإفشال القرار 2259 التي نجحت بريطانيا في تمريره. ولهذا لم تبد أمريكا استعجالها للقضاء على التنظيم في ليبيا، فقد نشرت لوس أنجلوس تايمز افتتاحية تدعو فيها إلى الصبر والمثابرة في الحرب ضد تنظيم الدولة، معبرة عن اتفاقها مع الرئيس الأمريكيباراك أوباماالذي قال إن "التقدم" في هذه الحرب سيكون بطيئا وتدريجيا.
هذا بالإضافة إلى أن هناك من يعتبر أن العمليات التي تمت من طرف التنظيم كانت بمعونة حفتر، فقد أشار وكيل وزارة الدفاع بالحكومة المنبثقة عن المؤتمر الوطني العام محمد النعاس في حديثه للجزيرة نت، إلى أن هناك شكوكا في أن التنظيم يقوم بتنسيق عملياته بالتعاون مع اللواء المتقاعد خليفة حفتر، "حيث ركز حفتر عملياته في الأسابيع الأخيرة على مدينة أجدابيا تمهيدا لتقدم التنظيم تجاه الهلال النفطي". وأضاف النعاس أن حفتر "ومن وراءه" وبعد فشلهم في بنغازي يحتاجون لاستعراض على الأرض يظهرهم للمجتمع الدولي بمظهر القوة المسيطرة على الهلال النفطي. من جانبه قال الناطق باسم حرس المنشآت النفطية بالمنطقة الوسطى علي الحاسي أن قوات حفتر حاولت إشغالهم في معارك اختلقتها بمدينة أجدابيا بهدف سحب بعض القوات المتمركزة في الموانئ النفطية إلى أجدابيا لمواجهة قوات حفتر وبالتالي تفريغ منطقة الهلال النفطي من أي قوات مقاومة لتنظيم الدولة حتى يصبح تقدم التنظيم ممكنا دون وجود عقبات كبيرة.
وهكذا فإن التحركات الأخيرة للتنظيم جاءت من أجل إفشال نتائج اتفاق الصخيرات وربما للدفع نحو تدخل عسكري أمريكي، فقد صرح الخبير العسكري والطيار المعارض السابق عادل عبد الكافي "أن حفتر لا يزال يسعى رغم فشله في مرات عدة لجلب التدخل العسكري الأجنبي إلى ليبيا، وأنه بعد أن خسر معظم قوته في معارك بنغازي يسعى اليوم لإتاحة الفرصة لتنظيم الدولة للسيطرة على الهلال النفطي وإرباك المشهد لإحداث فوضى أكبر في البلاد تستوجب التدخل العسكري الأجنبي".
وتبقى دماء المسلمين هي الرخيصة في نظر الدول المتكالبة على ليبيا. تفجيرات، وقتل، وهدم وحرق للمنشآت.. وكل طرف دولي يحاول استغلال الوضع لصالحه؛ بريطانيا تستغله للمحافظة على نفوذها، وأمريكا لبسط نفوذها... ولذلك لا يجب أن يُنتظر منهم خير وإنما خلاصنا بأيدينا.
رأيك في الموضوع