اختتمت يوم الخميس الموافق 10 كانون الأول أعمال القمة الخليجية بالرياض، وقد أصدرت بيانا ختاميا تضمن تأييد الحل السياسي في سوريا واليمن، كما ركزت القمة على إدانة الإرهاب ومطالبة المجتمع الدولي بالعمل للقضاء عليه، وبالنسبة للشأن الخليجي فقد أكد الملك السعودي العمل على استكمال بناء منظومة دفاعية وأمنية مشتركة..
لقد اختلفت هذه القمة عن سابقاتها بشكل كبير؛ فبعد أن كانت القمم الخليجية تركز على مهاجمة إيران وتضخيم خطرها على دول الخليج نرى أنها قد خففت من حدة الخطاب تجاهها،بل تبنت الدعوة إلى حلول سياسية في القضايا التي تصارع فيها إيران دول الخليج، ويتجلى ذلك في الموقف من نظام بشار في سوريا والحوثيين في اليمن، واللذيْن تعتبر إيران السند الأساس لهما بشكل معلن، فبعد أن كانت دول الخليج تمد بعض الجماعات المعارضة السورية بالسلاح والمال نجد أنها ضغطت عليهم في مؤتمر الرياض المتزامن مع هذه القمة للحوار مع نظام بشار والقبول بمشاركته في الحكم على أساس اتفاقات جنيف، وبعد أن أشعلت دول الخليج الحرب في اليمن فقد جعلت حكومة هادي تتفاوض مع الحوثيين من غير شروط. فلماذا هذا الاختلاف في الموقف الخليجي رغم أن الدور الإيراني في تصاعد من بعد الاتفاق النووي ولا أدلّ على ذلك من أنها أصبحت تدير الحرب ضد المسلمين علانية في سوريا بعد أن كانت تديرها من وراء ستار؟
إن الاختلاف في الموقف الخليجي آتٍ من إصرار أمريكا على فرض إيران شرطي المنطقة في الشرق الأوسط ورضوخ بلاد الخليج بعد معارضة طويلة لهذا الإصرار خاصة بعد تغير العمالة في السعودية من التابعية البريطانية إلى الأمريكية. ولا يعني ذلك أن بقية دول الخليج التابعة لبريطانيا سترضى بهذا الواقع الجديد، وهي تدرك تماما أن أمريكا ستسعى دائما للضغط على أنظمتها من خلال إيران، بل هي ستسعى حتما لإحياء مصالح سيدتها بريطانيا وإشعال الحرائق في طريق أمريكا كلما سنحت لها الفرصة..
من ناحية أخرى فقد احتوى البيان الختامي على عبارات شكلية لا تسمن ولا تغني من جوع؛ فذكر البيان مثلا رفضه للإجراءات القمعية لكيان يهود ضد أهل فلسطين في القدس بينما إجراءات التطبيع ما زالت جارية، فقد أعلنت وزارة الخارجية في دولة يهود في 26تشرين الثاني/نوفمبر أن دولة يهود ستفتتح مكتبا لها في وقت قريب في الوكالة الدولية للطاقة المتجددة في عاصمة دولة الإمارات العربية المتحدة أبو ظبي. ومن العبارات الجوفاء في البيان ذكره لاستكمال بناء منظومة دفاعية وأمنية خليجية مشتركة حيث إن مجلس التعاون الخليجي قد أخفق في أي تعاون حقيقي إلا في توافه الأمور، حيث فشل في إصدار العملة الموحدة بسبب الصراع السعودي الإماراتي، وفشل في إتمام مشروع السوق الخليجية المشتركة رغم الإعلان عنها من سبع سنوات، وأما الاتحاد الجمركي فقد بدأت إجراءات العمل به عام 2003 ولم تتم حتى الآن.
إن التعاون الخليجي لا وجود له إلا فيما يضر بالمسلمين، فقد انعقدت القمة في قطر العام الماضي وسط خلافات بين السعودية والإمارات والبحرين من جهة وقطر من جهة أخرى بسبب انتقاد قناة الجزيرة لنظام السيسي في مصر فاضطرت قطر لتخفيف هجوم الجزيرة على فرعون مصر وأغلقت قناة الجزيرة مباشر مصر، وكانت النتيجة البارزة أن أعلنت تلك القمة مساندتها للمجرم السيسي قاتل المسلمين في مصر، وها هي الخيانة تتكرر هذا العام في الرياض حيث مساندة نظام المجرم بشار سفاح المسلمين في الشام هي أبرز نتائج هذه القمة، ولذلك فإن مناقشة بناء منظومة مشتركة ليس إلا كلاما في الهواء ومجرد محاولة لخداع شعوب هذه البلاد، فأنظمة الخليج لا تسعى لحفظ أمن شعوبها بل تصر على استمرار وتثبيت الهيمنة العسكرية للكفار على بلاد المسلمين، وما القاعدة البريطانية في البحرين إلا أوضح مثال على ذلك. وإن من الإمعان في الذل أن أمريكا لا تتوانى عن فضح كذب حكام الخليج وسوء أمن بلادهم علناً، فلا يتردد آشتون كارتر وزير الدفاع الأمريكي بأن يصرح بأن بلاد الخليج تفضل بناء طيران استعراضي بدلا من إرسال قوات لساحة المعركة لمحاربة تنظيم الدولة، ورغم أنها تذلهم علنا إلا أنهم سادرون في عبادتهم لها وتنفيذهم لأمرها ونهيها..
إن مؤتمرات القمة الخليجية ما هي إلا وبال آخر يضاف إلى ما يسمى بالقمم العربية والإسلامية، وقد أدركت الأمة منذ زمن طويل أن هذه القمم وأن هؤلاء الزعماء ما هم إلا أدوات بأيدي الكافر المستعمر لا يرتجى منهم خير، وعلى الأمة أن تدرك أن لا خلاص لها إلا في دولة الخلافة على منهاج النبوة تحرك جيوشها لتحرير بلاد المسلمين ودحر أذناب المستعمِرين..
بقلم: محمد طارق محمد – بلاد الحرمين الشريفين
رأيك في الموضوع