تشهد الساحة اليمنية التي أصبحت ميدانا لصراع دولي بأدوات إقليمية ومحلية تصاعدا في وتيرة الحرب بين أطراف الصراع؛ حيث لم يعد لحلحلة الوضع سياسيا أي بوادر على المدى القريب، فالحوثيون وحليفهم علي صالح تأخذهم العنجهية والغرور لعدم الرضوخ، حيث يعلنون عن خيارات استراتيجية يقصدون منها التوغل في الحدود السعودية حتى توقف دول التحالف الحرب عليهم، وفي الوقت الذي يتشدد فيه الحوثيون في هذه الخيارات غير المجدية لكنهم في الواقع يعولون على الخلاص الآتي من الأمم المتحدة ومبعوثها إسماعيل ولد الشيخ، الذي لا يدخر جهدا في السعي لحل سياسي يبقي على ماء وجه الحوثيين ويصورهم منتصرين ووطنيين في نظر الشعب المكلوم الذي قد ضاق ذرعا من تصرفاتهم ومغامراتهم الطائشة، أما الطرف الثاني في الصراع فقد وقفت معه بريطانيا عن طريق دول الخليج، وبالذات الإمارات، بكل قوة؛ حيث أكدت بريطانيا لوزير خارجية الحكومة اليمنية على ضرورة سيطرة الحكومة اليمنية على سائر البلاد وإدارتها، ومنذ ذلك الموقف البريطاني المتشدد شهد موقف هادي وحكومته ودول التحالف تشددا يرفض المفاوضات مع الحوثيين حتى تنفيذ قرار مجلس الأمن 2216 الذي كان لبريطانيا دور كبير في صياغته، وقد حاول المبعوث ولد الشيخ أن يقدم مبادرة لحل سياسي سلمها للرئيس هادي في الرياض حيث كانت صيغة هذه المبادرة تفرغ القرار الأممي من محتواه وتعمل على نزع سلاح كل الأطراف المتصارعة وتظهر الحكومة اليمنية أنها مليشيا وليست حكومة شرعية، وقد رفضها هادي وحكومته مقدما للمبعوث مبادرة تحوي آلية تنفيذ للقرار 2216 مما أحرج المبعوث ولد الشيخ، ومع استمرار الحرب وتهاوي الحوثيين وحليفهم صالح أمام تقدم ما يسمى بالمقاومة الداعمة للشرعية في عدن وتعز وغيرها من المدن اليمنية، إذا بدول التحالف والحكومة اليمنية تقوم بخطوات أكثر إيلاما لتركيع الحوثيين وهي وضعهم أمام خيارات صعبة، إذ إن دول التحالف والحكومة اليمنية تحشد للحرب على أبواب صنعاء لإسقاطها من أيدي الحوثيين وحليفهم علي صالح وتجعلهم أمام خيارات الحرب أو الحصار أو الاستسلام للقرار الأممي بالصيغة التي تجعل للإنجليز وعملائهم اليد الطولى في اليمن. لقد قامت دول التحالف بإعداد ألوية عسكرية من المقاومة المناصرة لهادي وحكومته ودربتهم في مناطق حدودية مع اليمن وأدخلت أسرابا من الأسلحة الثقيلة من دبابات ومدافع ومضادات للطيران وطائرات وغيرها، بل إنها اتخذت من مطار شركة صافر النفطية في مأرب مطارا لها لتقوم بعملياتها ضد الحوثيين، بالإضافة إلى العمل على شراء ولاء القبائل، وأهمها المحيطة بصنعاء كي تشارك ضد الحوثيين أو تقف على الحياد، كل ذلك يشكل ضغطا كبيرا على الحوثيين وحليفهم الذي ربما لن يسايرهم إلى آخر الطريق. إن الذعر يملأ أجواء صنعاء خاصة مع الشحن من قبل أطراف الصراع؛ فالحوثيون يشحنون الناس للمواجهة مدعين أن الله سينصرهم ويحذرون من المرجفين في المدينة!! بينما الأطراف الأخرى تحشد كذلك وبكل قوة على جميع المستويات.
مقولة (لا بد من صنعاء وإن طال السفر) قد غدت خيارا لبريطانيا وأتباعها للضغط على الحوثيين المتعنتين وحليفهم المهووس، خياران أمام الحوثيين ما لم يستسلموا للقرار الأممي 2216 هما: إما الحرب على صنعاء، وإما حصارها، وخاصة أن بريطانيا ومن معها يعرفون صنعاء وقبائلها وأنها تسقط بسهولة فقد حوصرت من قبل واستسلمت، لكن ذلك لن يكون إلا بعد أن تخمد الجبهات الحوثية في مأرب والجوف وغيرها من المدن المحيطة بصنعاء، وربما استغرق ذلك أشهرا... مع أن تصريحات الحكومة اليمنية وقادات الجيش الموالي (للشرعية) تقول إن الحرب على صنعاء قريبة وأنها ستكون بعد عيد الأضحى.
ومع ذلك فإن الأخبار التي تتوارد من مصادر لم تسمِّ نفسها، والتي صرحت لبعض الصحف والمواقع الخليجية أو اليمنية بما يفيد أن الحوثيين يوافقون على تنفيذ القرار الأممي وتسليم أسلحتهم وأنه لا مشكلة لديهم مع الحكومة اليمنية بل مشكلتهم مع الرئيس هادي، وأنه لا توجد جهة يسلمون لها السلاح ويقترحون أن تكون جهة بإشراف الأمم المتحدة، وأيضا ما يتم تداوله من أخبار - وإن كانت غير موثقة المصدر - من أن المبعوث الأممي لا يعتبر اتفاق السلم والشراكة الوطنية جزءًا من مرجعيات العملية السياسية لأنه "وقع تحت ضغط السلاح"، وأيضا ما نقله موقع "الموقع" عن مصدر لم يسمه قوله بأن السفير الأمريكي ماثيو تولر أبلغ المسؤولين اليمنيين - أثناء اجتماعه بهم في الرياض - بأن يدمجوا مليشيا الحوثيين في الجيش وأن هذه الخطوة ستسهم في وقف العنف وإيجاد حل سياسي قائلا بأنه انتهى وقت العنف وبدأ وقت السياسة.
هذه الأخبار وغيرها توحي بأن الحوثيين يماطلون ليكسبوا الوقت ليخرجوا بحل سياسي معتمدين على المبعوث الأممي وأمريكا في إنقاذهم بما يحفظ ماء وجههم، خاصة إن سقطت مأرب والجوف التي لم تبدأ المعركة الحقيقة فيها بعد، والتي ستقرر معركة صنعاء أو عدمها.
إنه ليحز في النفس أن يصبح أهل اليمن بين ناري دولتين تشعلها أطراف داخلية وإقليمية خدمة للغرب الكافر ومصالحه، فإلى العمل مع العاملين لإقامة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة التي تنهي الفتن وتقطع يد الكفار المستعمرين وتزيل العملاء فينعم المسلمون بالأمن والأمان في ظل حكم الإسلام، إلى ذلك ندعوكم فهو خيار صنعاء الناجع وإن طال السفر.
بقلم: عبد المؤمن الزيلعي
رأيك في الموضوع