وقعت الأطراف المتنازعة في الأزمة الليبية المشاركة فيجلسات الحوار الليبي بالأحرف الأولى على المسودة الرابعة المعدلة للمقترح الأممي لإنهاء الأزمة الليبية، وذلك في غياب المؤتمر الوطني العام. وكان ذلك يوم السبت 11/07/2015 بمدينة الصخيرات جنوبي العاصمة المغربية الرباط.
وقد حضر التوقيع كل من وفد مجلس النواب المنحل في طبرق وممثلين عن عدد من البلديات الليبية وشخصيات مستقلة تشارك في الحوار، بينها نواب قاطعوا جلسات برلمان طبرق المنحل، وممثلو أحزاب سياسية ليبية.
وبموجب الخطة تتولى حكومة وفاق وطني السلطة في ليبيا لمدة عام. وسيرأس مجلس الوزراء رئيس للوزراء ومعه نائبان وتكون له سلطة تنفيذية. وسيكون مجلس النواب الهيئة التشريعية وهي خطة واجهت معارضة من المؤتمر الوطني العام.
هذا وقد صرح المبعوث الأممي إلى ليبيا برناردينو ليون أن الأبواب مفتوحة للغائبين عن هذا التوقيع والذين ساهموا في الحوار. واعتبر أن "منطق السلام سينتصر في المؤتمر الوطني". وأضاف "سأعقد اجتماعا مع كافة الأطراف قبل التوقيع النهائي على الاتفاق، وسنحتاج إلى إجماع حول الملاحق التي تمثل جزءاً مهما من الاتفاق".
وكان المؤتمر الوطني الليبي العام قد أعلن عدم مشاركته في جلسة الصخيرات بسبب تحفظه على عدد من البنود التي تضمنتها المسودة الأممية، فهو ما زال يتحفظ على مسائل من بينها الإبقاء على أشخاص مثل اللواء المتقاعد خليفة حفتر في المؤسسة العسكرية. ففي رسالة إلى ليون قبيل حفل التوقيع في الصخيرات، قال رئيس المؤتمر نوري أبو سهمين إن المؤتمر مستعد لإرسال وفده من جديد للمشاركة في جولات للحوار على أن يكون الهدف "تقديم التعديلات" التي يراها مناسبة، أو "بحث أسس وآلية جديدة". وأشار إلى أن عدم توقيع المؤتمر للمسودة كان بسبب تجاهل التعديلات التي عرضها في وقت سابق. وفي تصريح لاحق لموفق حواس وهو ممثل للمؤتمر الوطني العام في المغرب لرويترز قال فيه إن الأطراف ما زالت تتحاور وأنه لا يفهم في حقيقة الأمر سبب التعجل في التوقيع قبل موافقة كل الأطراف.
هذا وقد وحذَّر تقرير دولي أصدره المركز الدولي لإدارة الأزمات (كريزيس جروب) من التداعيات السلبية لموقف المؤتمر الوطني العام على اتفاق الصخيرات. وأوضح أن هذا الرفض واشتراط تضمين المزيد من التعديلات على النص قد يجعله ميتا في المهد. وانتقد التقرير بشكل مباشر آلية تعامل الأمم المتحدة مع اتفاق الصخيرات وركونها إلى سياسة الغموض في اعتماده، حيث إنَّ المشاركين في الحوار تمسَّكوا بآراء متباينة حول ما إذا ما كان النصُّ الأصلي ملزِمًا بالفعل أو أنَّه سيكون هناك مجالات لإحداث تعديلات.
وقد قالت البعثة - التي يرأسها ليون في بيان - إن قبول أحد الأطراف للاتفاق مع تقديم تحفظات محددة يحفظ للأطراف حقهم في الاستمرار في التفاوض حتى التوقيع النهائي وإقرار الاتفاق.
وأعلنت البعثة إرجاء مناقشة النقاط الخلافية حول المسودة إلى حين مناقشة الملاحق المرتبطة بهذا الاتفاق، وذلك في جولات جديدة بعد عيد الفطر. ودلّ هذا على أن التوقيع بالأحرف الأولى أمر شكلي ولا يعبر حقيقة على توافقات حاصلة سوى مواصلة الحوار.
فهذا التسرع في التوقيع وإظهار وكأن ليبيا تتجه نحو الانفراج والاستقرار بمبادرة الأمم المتحدة، يدل على أن الأمر يزداد تعقيدا خاصة وأن تشرين الأول/أكتوبر المقبل هو موعد نهاية ولاية مجلس النواب، ونهاية مهمة برناردينو ليون سيكون في شهر أيلول/سبتمبر، مما يجعل من التوصل إلى اتفاق في ليبيا أمرًا حيويًّا للجميع ويدفع بالبعثة إلى المسارعة في التوقيع رغم رفض طرف أساسي في النزاع (المؤتمر الوطني العام) بعض بنود المسودة، سعيا منها للضغط على هذا الطرف ليوافق على الاتفاق، فوصل الضغط إلى حد التهديد. فقد صرح مندوب ليبيا لدى الأمم المتحدة إبراهيم الدباشي أن العقوبات ستكون قاسية على الأفراد الذين يعرقلون تنفيذ الاتفاق ويجب النظر إلى اتفاق الصخيرات على أنه بداية الطريق إلى الحل. وقال دبلوماسي أوروبي كبير: «إذا ما رأى المبعوث الدولي بجدوى البدء في ملاحقة معرقلي العملية السياسية وفقد الأمل في إقناع القوى المسيطرة على العاصمة وقرَّر اتخاذ تدابير قسرية ضدهم فإنَّ الوزراء الأوروبيين لن يترددوا في اجتياز هذه الخطوة».
وهكذا فإن الأزمة الليبية ما زالت متواصلة؛ فمن جهة ما زالت الخلافات قائمة بين الموقعين على الأحرف الأولى لمسودة الاتفاق، ومن جهة ثانية لا يزال طرف حساس في النزاع يرفض التوقيع قبل إجراء تعديلات على المسودة.
رأيك في الموضوع