كانت حادثة وفاة الشابرضا اليحياوي - رحمة الله عليه - على إثرتسلقه عمودا كهربائيا في القصريناحتجاجا على حذف اسمه من قائمة انتداب لمجموعة من الشباب كانوا قد اعتصموا سنة 2014 بمقر ولاية القصرين للمطالبة بالتشغيل، كانت هذه الحادثة شرارة لتعود الاحتجاجات في القصرين المطالبة بالتنمية والتشغيل وتحسين ظروف العيش والتي سرعان ما انتقلت إلى عدة مدن أخرى في البلاد.
وقد توقع العديد من السياسيين والمتابعين للشأن العام حدوث مثل هذه الاحتجاجات نظرا لسوء الأوضاع رغم مرور خمس سنوات على اندلاع الثورة في تونس، لأن الجميع أصبح يدرك أنه لم يتغير شيء بل ازداد الحال سوءاً. واندلاعها في القصرين وسيدي بوزيد كان له رمزية باعتبارهما أولى المدن التي خرجت تطالب برحيل بن علي. وقد مثلت سرعة انتشار الاحتجاجات إنذارا للسلطة بخطورة الوضع ما استدعى رئيس الحكومة حبيب الصيد قطع زيارته لمنتدى "دافوس" الاقتصادي العالمي والعودة إلى تونس.
وكانت الحكومة قد اتخذت إجراءات سريعة في محاولة منها لوضع حد لهذه التحركات، فقد أعلن الصيد في 28/01/2016 أمام نواب الشعب عن جملة من القرارات العاجلة والآجلة بخصوص ملف التشغيل، حيث قال "لدينا برامج للتنفيذ السريع على غرار برنامج الانتدابات لـ 2016 الذي سيوفر 23 ألف موطن شغل، منها 16 ألفا للوظيفة العمومية، الأمن، والجيش، والصحة بالأساس، وسيتم الانطلاق في ذلك فورا" حسب تعبيره.وأكد أن الدولة ستفعل بجدية قرار انتداب عاطل عن العمل من كل أسرة معوزة، وهي آلية ستمتص العديد من العاطلين.وجدد التأكيد على دور القطاع الخاص في إثراء المجهود الوطني في إيجاد مواطن رزق، مشيرا إلى أن الدولة اشترطت على المستثمرين في الفضاءات التجارية الكبرى الذين تحصلوا على رخصة إنشائها بالاستثمار في إحدى الجهات الداخلية.وبخصوص أصحاب الشهادات العاطلين عن العمل قال الصيد أن الحكومة ستمكن كل صاحب شهادة يريد بعث مشروع خاص من التمويل دون ضمان مسبق.أما عن المنقطعين عن الدراسة الذين تقدر الدولة عددهم بـ 50 ألفا كل سنة فقد أكد أن الحكومة قررت إجبارية التحاقهم بالتكوين المهني بعد انقطاعهم عن الدراسة مباشرة.وذكر أن الدولة ستعمل على عقد مؤتمر وطني للتشغيل قصد توحيد الرؤى والاقتراحات وذلك بمشاركة مختلف الأطراف والمنظمات الوطنية والأحزاب.كما أشار حبيب الصيد إلى أن الحكومة لم تقطع وعدا بحل مشكلة البطالة جذريا لكنها أنجزت 90 بالمائة من وعودها الواردة في البيان الذي عرضته على المجلس يوم توليها مهامها. وهذا دل على أن برنامج الحكومة لم يكن حلاّ صحيحا لاجتناب هكذا أزمات.
ويبقى هنا السؤال: إن كانت هذه الإجراءات سترضي المحتجين وتحل المشاكل الحاصلة حلا نهائيا، فلماذا انتظرت السلطة التونسية هذه التحركات الاحتجاجية حتى تتخذ هذه القرارات؟
إن ما يحدث في تونس يوضح حقيقة أمر طالما أرادت السلطة إخفاءها ألا وهي أن ثورة الأمة مستمرة وأن الحراك المطالب بالتغيير متواصل، ولكنه يأخذ أشكالا مختلفة من حين إلى آخر حتى تتحقق مطالب الناس، ولذلك كان حريا بالمسؤولين إن أرادوا الإصلاح أن يدرسوا ظاهرة تفاقم الأزمات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية في البلاد دراسة عميقة لكي يدركوا مكمن المشكل ألا وهو النظام الرأسمالي، ويهتدوا إلى الحل الحقيقي والصحيح ألا وهو حبل الله المتين؛ نظام الإسلام.
رأيك في الموضوع